أمانة التظلمات: تطور في المهنية والشفافية

أصدرت الأمانة العامة للتظلمات، تقريرها السنوي الثالث عن نشاطاتها؛ والمتعلقة تحديداً بالتحقيق في الشكاوى التي تردها بشأن ممارسات منتسبي وزارة الداخلية. وقد تأسست هذه الأمانة بناء على توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، فيما عرف بتقرير بسيوني. وبهذه الصفة تعتبر الأمانة أحد أهم اللبنات في مجال معالجة آثار أحداث 2011، وينظر اليها كواحدة من المؤسسات المهمة في حماية حقوق الإنسان في البحرين.

التقرير السنوي الجديد للأمانة، يتيح الفرصة للإطلاع على ما تقوم به من نشاط، وعلى ما أحرزته من تقدم، على صعيد تثبيت أقدامها والإرتقاء بخدماتها. ولعل أول ما يسترعي إنتباه المتصفح للتقرير، هو الزيادة الملحوظة في أعداد المتقدمين للأمانة بتظلمات أو طلبات العون، الأمر الذي يشير الى زيادة ثقة المجتمع البحريني بنشاط الأمانة ودورها.

ولعل هذا يعود في المقام الأول إلى ما تبديه الأمانة العامة للتظلمات من إهتمام واضح بتطوير الآليات، ورفع القدرات لموظفيها، بالإضافة إلى رفع درجة تنسيق أعمالها مع المؤسسات الرسمية ذات الصلة، كوزارة الداخلية، والنيابة العامة، ووحدة التحقيق الخاصة، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين.

هذا وقد حرصت الأمانة العامة للتظلمات في الآونة الأخيرة ـ وبشكل أكبر ـ على توثيق الصلة مع المؤسسات والهيئات الإقليمية والدولية ذات الصلة بمجال عملها؛ والإفادة من خبراتها من خلال تنظيم الفعاليات المختلفة، علاوة على إهتمامها بتوثيق الصلات مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الدولية، والتجاوب مع بواعث قلقها، بالصورة التي تعزز من الثقة في كفاءتها واستقلاليتها؛ ويشمل ذلك متابعة الحالات التي تثيرها تلك المنظمات، حتى ولو لم يتقدم أصحاب المظالم بتظلماتهم.

قدم تقرير الأمانة العامة لهذا العام، إحصائية بعدد ونوعية الشكاوى التي استلمتها، وطلبات المساعدة التي تلقتها خلال العام موضع الرصد؛ وكذلك حدد التقرير عدد ونوعية الإجراءات التي تم اتخاذها بشان تلك القضايا، كإحالة للجهات المختصة، أو الحفظ لإنتفاء الأدلة، أو مواصلة التحقيق.

وفي هذا الصدد، عرض التقرير 12 نموذجاً لحالات قامت الأمانة بالتحقيق فيها. وتضمن العرض الخطوات التي تم إتباعها في مجال التوصل إلى الحقائق، والإجراءات التي تم إتخاذها لمعالجة القضية محور الشكوى أو التظلم. وبالطبع لم يكن من الممكن، من الناحية القانونية، إيراد أسماء من شملتهم تلك الحالات، غير أن العرض إتسم بقدر كبير من الشفافية، وقدّم دليلا عملياً على مدى الجدية والمهنية العالية التي تتمتع بها الأمانة، وهي تتصدى لأداء المهام الموكولة إليها.

وفيما يتصل بحالات الوفيات داخل مراكز الإحتجاز، وقد بلغ عددها سبعة في الفترة التي يغطيها التقرير، فقد قامت الأمانة من ناحيتها بإجراء التحقيقات المطلوبة، فيما يتصل بمجال إختصاصها، وقدمت عرضا وافيا لنتائج تحقيقاتها لكل حالة.

ومن واقع تجربتها في هذا المجال، خرجت الأمانة بعدد من التوصيات، تقدمت بها لمراكز الإصلاح والتأهيل بهدف رفع كفاءتها، وتوفير الإمكانات اللازمة لها، لجعلها أكثر قدرة وإستعدادا لمجابهة الحالات الطارئة.

والمؤمل أن يؤدي هذا النهج الإنفتاحي إلى بث الطمأنينة لدى مختلف الجهات الحقوقية الدولية من دول ومنظمات دولية رسمية وأخرى غير حكومية، وتهدئة بواعث القلق التي ما فتئت تثيرها فيما يتصل بجوانب متعددة من ملف حقوق الإنسان في البحرين. كما يؤمل ان يؤدي المزيد من الشفافية والمهنية، الى تعزيز الثقة في الأمانة العامة للتظلمات، والى معالجة كافة أوجه القصور في ملف البحرين الحقوقي.