بواعث قلق “أمنستي” في تقرير
الحكومة: التقرير قدّم صورة خاطئة ونرحّب بالتعاون
أصدرت العفو الدولية تقريراً مطولاً عن حالة حقوق الإنسان في البحرين
بعد زيارتين قامت بهما، والتقت بالمسؤولين وكافة مؤسسات المجتمع المدني،
اضافة الى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وغيرها.
استعرض التقرير، الذي حمل عنوان: (ما وراء العبارات الجوفاء: انتهاكات
حقوق الإنسان في البحرين مستمرة).. تطورات حقوق الإنسان منذ أحداث
2011، وتداعياتها، واعتمد بشكل كبير على توصيات تقرير اللجنة البحرينية
المستقلة لتقصي الحقائق، والذي صار يعرف بإسم (تقرير بسيوني) الذي
اعتمد كمعيار لتقييم الأوضاع في البحرين، في شتى الجوانب التي تم التطرّق
اليها.
تقرير العفو الدولية استعرض بواعث قلقها والتي شملت وجود انتهاكات
وحالات تعذيب وسوء معاملة، اضافة الى محاكمات النشطاء والتي لا تستوفي
المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وخصص التقرير مساحة واسعة لموضوع
حرية التعبير في البحرين، وغياب قانون واضح وعصري لتشكيل الجمعيات،
كما وثّق التقرير حالات عمّا أسماه بالتهرب من المساءلة؛ وأشار الى
قيام عناصر معارضة للحكومة بتفجيرات وأعمال عنف والقاء قنابل استهدفت
قوات الأمن.
ناقش التقرير الإصلاحات المؤسسية والتشريعية التي قامت بها حكومة
البحرين، بما فيها مكتب التظلمات، ووحدة التحقيق الخاصة، والمؤسسة
الوطنية لحقوق الإنسان، وغيرها، وقيّم أداءها منذ تأسيسها، كما بيّن
النواقص في كل واحدة منها، وقدّم التوصيات بشأنها.
لكن التقرير أيضاً لاحظ استمراراً لمناخ القمع، حسب تعبيره، وتقلّصاً
في مساحة الحريات العامة خاصة في حرية التجمع والإحتجاج السلمي، وأشار
الى مضايقة وملاحقة النشطاء قضائياً، وما لمسه من قيود على المنظمات
غير الحكومية، اضافة الى ما أسماه التقرير استهدافاً للجمعيات السياسية،
وقيّم قانون مكافحة الإرهاب الذي اعتمدته الحكومة في الفترة القريبة
الماضية.
وأفرد التقرير مساحة لاستعراض موضوع إلغاء الجنسية، سواء من قبل
وزارة الداخلية او المحاكم، وكذلك موضوع الإعتقال التعسفي، وأوضاع
السجون، ليختم بتوصيات في كل هذه المواضيع التي تعدّ من بواعث القلق،
من أجل معالجتها وتصحيحها.
ورأى التقرير أن هناك فشلاً في تحقيق إصلاحات حقوقية أساسية، وأن
هناك أزمة مستمرة تحتاج معالجتها الى: مواءمة القوانين المحلية مع
المعايير الدولية؛ والافراج عن جميع المعتقلين بسبب ممارستهم بشكل
قانوني لحقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي؛ والبدء
بإصلاحات شاملة للسلطة القضائية من أجل ضمان الحياد الكامل والاستقلال
عن السلطة التنفيذية.
ومن توصيات تقرير العفو الدولية: إجراء تحقيقات وافية بشأن مزاعم
التعذيب والوفاة في الحجز، وتعويض الضحايا وأقاربهم بشكل مناسب. وكذلك
إعادة المحاكمات لكل من أدين في محاكمة لم تستوف شروط المحاكمة العادلة؛
وضمان تطبيق مبدأ المحاسبة والمساءلة وعدم الإفلات من العقاب؛ ورفع
الحظر عن الاحتجاجات السلمية، وكذلك رفع القيود عن حرية التعبير وتكوين
الجمعيات؛ واعتماد قانون للمنظمات غير الحكومية يحترم ويحمي الحق في
حرية تكوينها، والتأكد من أن جميع منظمات حقوق الإنسان والمدافعين
عن حقوق الإنسان، قادرين على القيام بعملهم بحرية.
ودعا التقرير الى إرشاد الشرطة الى الإلتزام بالمعايير الدولية
بشأن قواعد الاشتباك أثناء الاحتجاجات، والتأكد من أن المسؤولين عن
إنفاذ القانون يتلقون التدريب المنتظم على أداء واجباتهم التي من بينها
احترام وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان.
واخيرا طالب التقرير بالسماح للمقرر الخاص المعني بالتعذيب، والمقرر
الخاص المعني باستقلال القضاء والمحامين، لزيارة البحرين؛ والتعاون
مع المنظمات الحقوقية الدولية وإفساح الطريق لزيارتها الى البحرين.
الرد الرسمي على التقرير
الحكومة البحرينية، وفي بيان لها في 16/4/2015، قالت أنها تلقت
تقرير العفو الدولية، وأنها بصدد مراجعة محتواه والتوصيات الواردة
فيه «بما في ذلك سلسلة المزاعم، مجهولة الهوية التي تضمنها»، وأكدت
في نفس الوقت التزامها الراسخ بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية،
وهو ما أثبتته على مدى السنوات الأخيرة. وأضاف البيان: (تؤكد حكومة
مملكة البحرين، أنه بالرغم من تعاونها الكامل خلال فترة زيارة وفد
منظمة العفو الدولية، وما تلى ذلك من إعداد للتقرير، إلا أن التقرير
لم يعكس الحقائق التي تم تناولها بكل شفافية ووضوح، والذي يبدو أنه
أعد ونشر على عجل لغاية لفت اهتمام وسائل الاعلام، بما في ذلك التوضيحات
الهامة التي قدمتها الحكومة حول العديد من النقاط). ورأى الموقف الحكومي
أن التسرّع في إصدار التقرير أوجد «نواقص كثيرة كان يمكن تفاديها بسهولة».
ولاحظ البيان الحكومي أن تقرير العفو الدولية أقرّ «بصفة عابرة»
وجود اصلاحات مؤسسية وقانونية أساسية اتخذتها البحرين في السنوات الأربع
الماضية، وأنه وصفها بأنها “خطوة هامة إلى الأمام”.. لكنه «تجاهل الخطوات
الهامة للغاية التي تم تحقيقها، والعمل الذي تم إنجازه، بالشراكة مع
الخبراء الدوليين، والحكومات الداعمة لخطوات البحرين في التطوير والتنمية»،
والتي توّجت بإنشاء عدة مؤسسات حقوقية، وآليات رقابة مستقلة، تشمل
الأمانة العامة للتظلمات، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، ووحدة
التحقيق الخاصة، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك لتعزيز الضمانات
القانونية لحماية حقوق الإنسان وضمان المساءلة والعدالة.
وقال الرد الرسمي بأن تلك المؤسسات حظيت ـ بالرغم من حداثة عهدها
ـ بإعتراف دولي، شمل الاتحاد الأوروبي، الذي منح جائزة “شاليو” لتعزيز
حقوق الانسان في منطقة الخليج العربي للعام 2014.. إلى الأمانة العامة
للتظلمات، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، مؤكداً أن دول الإتحاد
الأوروبي «تضع معايير عالية في مجال حقوق الإنسان».
وانتقد البيان الحكومي البحريني منظمة العفو الدولية، لأنها «قدمت
صورة خاطئة جوهرياً عن إلتزام البحرين بالحق في حرية الرأي والتعبير،
والحق في التجمع السلمي، وهذه الحقوق محميّة بدستور البحرين، والحكومة
مستمرة في دعمها بقوة»؛ غير أن حكومة البحرين «مثل أي حكومة مسؤولة
أخرى، لن تتسامح مع أعمال العنف أو التحريض على أعمال العنف، والتي
ترتكب تحت ستار حرية التعبير، والاحتجاج السلمي»، مشدداً على أن من
واجبها «أن تحمي جميع المواطنين والقاطنين والزوار، ولن تقدّم أي اعتذار
لقيامها بذلك، وستتصدى لهذه الممارسات ضمن إطار القانون».
وختم الرد الرسمي بالقول: «لدى البحرين سجل حافل من الانفتاح والتعاون
مع منظمات حقوق الإنسان، والدول الحليفة، والأمم المتحدة، وسوف يستمر
هذا التعاون والترحيب بالتقارير الدقيقة والواقعية والمهنية المحايدة،
عن التطورات والإنجازات في البلاد».
|