خبراء عرب: المصالحة والعدالة الإنتقالية ضرورة بحرينية

التقت نشرة (المرصد البحريني) بعدد من الخبراء والمهتمين بشؤون حقوق الإنسان، وذلك على هامش مؤتمر: (البحرين: من الأزمة الى الإستقرار) والذي انعقد في القاهرة في أبريل الماضي.. وناقشت معهم أبعاد الأحداث في البحرين، من زوايا مختلفة: سياسية واجتماعية وحقوقية وقانونية وغيرها. وقد عبّرت لقاءات الحوار عن أفكار واستنتاجات متقاربة، كما وتعرّضت للتحديات والمخاطر وبعض أسباب المشاكل، والحلول، والدور الذي يقع على المنظمات الحقوقية والحكومة في كيفية التوصل اليها.


تقرير بسيوني: مدخل لحلّ الأزمة


الى أي حد يمكن لتقرير السيد بسيوني أن يتحول الى مرجعية لحل المشكلات السياسية والحقوقية القائمة في البحرين؟


طلال عوكل

طلال عوكل (محلل سياسي، وخبير إعلامي): هذا التقرير جاء بمبادرة من ملك البحرين ولم يفرض على البحرينيين من الخارج، وهو يشير الى ان الملك لديه الاستعداد للوقوف على الأزمة التي تعاني منها بلاده منذ بعض الوقت، وتلبية مطالب شعبة على أساس حقوقي. نتائج التقرير مهمة جداً، لكن ما بعد التقرير كان هو الأهم، بمعنى ان تدخل توصياته حيّز التنفيذ. لقد استحدثت آليات لتطبيقه وتعهد الملك بتنفيذ التوصيات، وينبغي على المعارضة أن تدرك أهمية وقيمة هذا التقرير والايجابيات التي تقف وراءه والدوافع والاهداف، وان تتعاطى بشكل ايجابي معه، وتعتبره مرجعية لحل المسائل العالقة على الأقل في المجال الحقوقي.


التحقيقات التي جرت في البحرين عبر لجنة بسيوني أخذت طابعاً دولياً بدا وكأنه تدخل في شأن محلّي. ما هو تقييمك لذلك، وهل لتلك التحقيقات صلة بالقانون الدولي؟

د. مساعد عبدالعاطي

د. مساعد عبدالعاطي (خبير في القانون الدولي): تشكيل لجنة بسيوني وتحقيقاتها يتفق وأحكام القانون الدولي الذي تمثل شرعة حقوق الإنسان جزءً منه. نحن نثمن ونقدر الخطوة الجريئة لملك البحرين بإنشائه اللجنة، وإسنادها الى خبير دولي معروف في القانون الجنائي الدولي، وكذلك منحه اللجنة صلاحيات واسعة في خطوة غير مسبوقة في العالم العربي. وأعتقد أن كل الاطراف المعنية في البحرين مدعوّة لاستغلال هذه الفرصة للوصول الى المصالحة والمكاشفة وتحقيق الصالح العام.


الى أين يأخذنا تقرير بسيوني في حال استكمال تطبيق توصياته؟


د. بسيوني حمادة

د. بسيوني حمادة (أستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة): تقرير البروفيسور شريف بسيونى يمهد لمرحلة العدالة الإنتقالية، وهو يؤكد على مفاهيم المساواة في المواطنة، وسيادة القانون، واحترام ثقافة التنوّع في مجتمع متعدد ثقافياً، وضرورة بناء دولة عصرية عبر المزيد من الحريات، وإشراك المواطنين بشكل أكبر في عملية تحمّل المسؤولية وصناعة القرار. وبقدر ما أكّد التقرير على معالجة الإنتهاكات، فإنّه أعطى بالضرورة تصوّراً لشكل البحرين المراد رؤيتها في المستقبل.


كم ساهمت الخطوات التي اتخذتها الحكومة البحرينية حتى الان في مجال تنفيذ توصيات تقرير بسيوني في مصلحة مفهوم (العدالة الانتقالية)؟


سامر موسى

سامر موسى (الباحث والمحامي بمؤسسة الضمير الفلسطينية): تقرير المستشار بسيوني كان يفترض ان يكون محطة تنطلق منها عملية العدالة الانتقالية التي لا يمكن أن تتم إلا برغبة وتوافق كل القوى الوطنية البحرينية عليها واعتمادها كمنهج يوصل الشعب البحريني الى بر الأمان. الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة البحرينية قد لا تتعلق بمنهج العدالة الانتقالية بقدر ما هي استجابة لتقرير بسيوني؛ والمثال الواضح هنا: فكرة صندوق التعويضات الذي تمّ إقراره، فهو حلقة غير موصولة برؤية عامة وبإطار مفهوم العدالة الإنتقالية. هذا لا يقلل بالطبع من إيجابية المضي في صندوق التعويضات، ولكن المقاربة هنا مختلفة.


دور المنظمات الحقوقية


كيف تقيم تأثير المجتمع الدولي بمكوناته المختلفة من حكومات ومنظمات أهلية على مجريات الأحداث في البحرين؟


د. عماد عوّاد

د. عماد عوّاد (استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة): منذ اندلاع الأزمة الأخيرة في شهر فبراير من العام الماضي حصل نوع من التركيز على ما يجري في البحرين، باعتبارها تقع في منطقة حيوية للعالم. سياسات الولايات المتحدة تقوم ـ خاصة بعد الثورات العربية ـ على مساندة الأنظمة الصديقة القائمة في سبيل إحداث نوع من الإصلاح والتحوّل السياسي، ما نتج عنه مواقف متناقضة في الموقف الأميركي، حيث اعتبر البعض أنها تساند المعارضة، في حين قال مناصرو الأخيرة أنها تساند النظام. بيد أن القضية في النهاية هي أنها تريد بقاء الأنظمة مع وجود إصلاحات سياسية، ومشكلتها ـ أي أمريكا ـ تكمن في كيفية إحداث الإصلاحات السياسية العميقة دون الإضرار بالمصالح الأمريكية نفسها، ودون أن يعطي ذلك فرصة لاستغلال أعدائها الإقليميين بما يؤثر على استقرار منطقة الخليج.

أما المنظمات الحقوقية الدولية، فأعتقد أنها اتجهت الى متابعة الإنتهاكات البحتة، دون الإهتمام بالأبعاد السياسية العميقة في البحرين، وبالخصوص موضوعات الصراع الطائفي، وأعتقد بأن تلك المنظمات يهمها تطوير الوضع السياسي البحريني من بوابة حقوق الإنسان، وكذلك إيقاف الإنتهاكات.


هناك شكوى من عدم فاعلية منظمات المجتمع المدني البحريني أثناء الأحداث التي عصفت بالبحرين؛ ما هو الدور الذي يمكنها أن تفعله في التخفيف من وتيرة العنف والتطرف والطائفية؟


نعيم العنيزات

العنيزات (خبير أمن مجتمعات): بداية فإن الحكومة مطالبة بمساعدة الجمعيات الأهلية على النمو، من خلال إفساح الحرية لها، ودعمها مالياً ومعنوياً ضمن قانون واضح، حتى تتمكن من القيام بدورها الإيجابي والمطلوب. لا يستطيع المجتمع المدني أن يقوم بدوره أثناء الأزمات إن كان ضعيفاً في التأهيل أو الخبرة أو الإمكانات، وبالتالي لا يمكن تحميله مسؤولية إجتماعية أو حقوقية من الناحية الفعلية. تستط

تستطيع جمعيات المجتمع المدني البحريني أن تقوم بفعاليات حوارية تقرب بين مكوّنات المجتمع، وتدرس حالة التشدد وأسبابها وكيفية القضاء عليها. وسيكون مفيداً لو أُتيح لتلك الجمعيات الفرصة لتقديم برامج تلفزيونية حوارية وغيرها لتحقيق هذا الغرض التوعوي. وسيكون أمراً رائعاً لو استطاع المجتمع المدني أن يدخل على خطّ الخلاف السياسي ويساعد ـ كوسيط ـ بين الفئات السياسية المختلفة، كما بين الحكومة والمعارضة.


في ظروف الأزمة، كيف تستطيع المنظمات الحقوقية المساعدة في حلّها؟


عصام يونس (مدير عام مركز الميزان لحقوق الإنسان): المطلوب من مؤسسات حقوق الإنسان ابتداءا أن تغلّب المهنية في تناولها لقضايا الشأن العام. إن مرجعية القضايا الحقوقية واضحة، والامتحان الحقيقي الذي يواجه أي منظمة حقوقية يظهر في الظرف الاستثنائي والصعب والمعقد. مطلوب من مؤسسات حقوق الإنسان أن تكون على مسافة من قضايا موضوع الأزمة، مع انحيازها دون شك للضحايا ولقيم العدالة، بحيث يمكن لها ان تساهم بشكل مهم جدا في حلّها.


بعض الجهات الرسمية ترى ان التقارير التي تصدرها منظمات حقوقية دولية تحمل قدراً من التحامل، وأنها تتغافل عن الايجابيات وتركزعلى السلبيات. الى أي حد تتمتع هذه المنظمات بالحيادية والاستقلال وعدم الخضوع للمؤثرات الخارجية؟


د. عماد عوّاد: من المفترض أن المنظمات الحقوقية الكبيرة المعروفة تتمتع بالحيادية وتقوم بأعمالها بمهنية، بغض النظر عن أي ارتباطات سياسية. ولكن من حيث الواقع هناك تقاطع بين الأهداف السياسية والأهداف الحقوقية، وعموماً فإن موضوع حقوق الإنسان صار شأناً سياسياً على مستوى العالم كله، وتترتب عليه قضايا خطيرة مثل المحاكمات الدولية، وتتوتر العلاقات بين الدول بشأنه. من جهة أخرى، فإن هدف المنظمات الحقوقية الرئيسي هو تحسين أوضاع حقوق الإنسان في الدول كافة، وتسليط الضوء على أي انتهاك يقع. لكن ما هو وراء هذا الانتهاك، وما هو سببه، وهل هو فعل أم رد فعل؟ هذا الموضوع تؤجل المنظمات الإجابة عليه. لكن إذا وقع تجاوز لحقوق الإنسان في أي بقعة من بقاع العالم، فحينها يتم تركيز الضوء عليه، وتصدر التقارير والبيانات. رأينا مثلاً هيومان رايتس ووتش تنتقد الاجراءات التي اتخذتها الحكومة في لجنة تنفيذ توصيات تقرير البروفيسور بسيوني وتقول انها توصيات شكلية. الحقيقة أنه تم تنفيذ بعض التوصيات، وهناك تصريحات بأن توصيات أخرى ستنفذ، لكنها تستغرق بعض الوقت. هناك عجلة لدى بعض المنظمات، وهناك تركيز على الضحايا. يجب أن تكون التقارير متوازنة، وأن لا تكون أسيرة اللحظة، وأن تقدم تفسيرات ضمن السياق السياسي ولا تخرج عليه.


كيف ترى التجربة الحقوقية البحرينية، وما هي نواقصها؟


د. حسن موسى

د. حسن موسى (رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في النمسا، وعضو لجنتها التنفيذية في القاهرة): أرى أن هناك نقصاً لا بدّ من استكماله، في سعينا لبحرين أفضل. توصيات بسيوني لم تطبق بكاملها حتى الآن. هناك رصد للانتهاكات وهناك رؤى للخروج من هذا المأزق. لا يمكن ان نبني وطناً على الانتهاكات، بل نبنيه على قاعدة الحريات. الانتهاكات ليست سبيلا للحفاظ على الوطن.

المطلوب: العمل بالمنظومة الدولية لحقوق الإنسان؛ والتي أعلن ملك البحرين قبوله بها. كما أن ميثاق العمل الوطني حوى الكثير من النصوص الحافظة لحقوق المواطنين اذا ما طبقت بحذافيرها. أيضاً المطلوب بذل جهد متسارع لتطبيق بقية توصيات بسيوني، والإفراج عن معتقلي الرأي بإرادة ملكيّة.

ومن جهة أخرى، فإن عنف الشارع يجب أن يتوقّف، لأنه يعرقل الحلول السياسية، ويؤثر على مسيرة حقوق الإنسان، ويزيد من الإحتقان الإجتماعي والسياسي.


العامل الخارجي في الأزمة


هناك تصريحات رسمية ومعارضة تفيد بأنها ترفض التدخل الخارجي في الشأن البحريني، وأن حلّ مشاكل البحرين أمرٌ يقوم به البحرينيون أنفسهم. هل العامل الخارجي فاعل بدرجة كبيرة في التأثير على الشأن المحلي، وكيف يمكن التحصّن من مخاطره؟

نعيم العنيزات: لا شك أن أحداث البحرين ذات جذور محلية، لكن لا شك أيضاً أن هناك أطماعاً أجنبية عديدة في الخليج، غربية وغيرها، ولا نستطيع ان نبرىء إيران من رغبتها في التدخل في الشأن البحريني.


القدرة على تحصين الداخل يحتاج الى تكثيف الحوارات مع المحتجين والقوى الإجتماعية والسياسية بشكل عام. وينبغي على الحكومة سدّ الثغرات وفي مقدمتها نبذ الطائفية. وعلى صعيد آخر، فإن الجمعيات السياسية في البحرين مطالبة بأن تبتعد عن الطائفية في خطابها، وأن تعبّر عن احتياجات شعب البحرين بشيعته وسنّته بخطاب وطني رصين.


كيف يكون بمقدور البحرين الخروج من التأثيرات والتيارات الإقليمية التي ربما تساعد في تأجيج التوتر والصراع الداخلي؟


د. عماد عوّاد: سؤالك الذي تطرحه يثير جذور المشكلة. موقع البحرين في حدّ ذاته، والتركيبة الديمغرافية فرضت عليها نوعاً من الاستقطاب السياسي وغيره. فهناك دول مجلس التعاون الخليجي من جانب، والطرف الإيراني من جانب آخر.

أمام الشعب البحريني فرصة واحدة، وهي ان يلتحم داخلياً على مبادئ المواطنة والمصالح المشتركة، والإصلاح والديمقراطية، وتعزيز الجبهة الداخلية التي تؤدي الى اتساع مساحة الحرية في اتخاذ القرارات الإستراتيجية، والقدرة على مواجهة النفوذ الضار، الطائفي وغيره.


مخارج للمشكل السياسي والحقوقي


بحكم متابعتك للشأن البحريني، حدثنا عن رؤيتك وتقديرك لكيفية خروج البحرين من أزمتها الحالية؟


د. حسن موسى: البحرين جزء من وطننا العربي الذي يتعرض حالياً الى محاولات تفتيت ومحو الهوية والإحتراب الداخلي. نحن مع رغبة شعب البحرين في مزيد من الحرية ومزيد من الديمقراطية، والمزيد من المأسسة والعمل المؤسسي، لكننا نرى ان ذلك يجب ان يتم ويكون في إطار وحدة البحرين والحفاظ على سلامة أراضيها. البحرين وطن لكل أبنائه، ولكن لا يجب ان تؤدي دعوات الحرية الى نزاعات طائفية تمزق المجتمع، بحيث تصبح الطائفة هي الوطن فيحتمي كل طرف بطائفته. لا أفهم أن تشكّل جمعيات سياسية على اساس طائفي او على أساس ديني.

أرى أن الخروج من المأزق يتمثل في تحمل الحكومة لمسؤوليتها بشكل أكبر، لأنها هي التي تدير البلاد. وتحملها المسؤولية يدفعها لإجراء المزيد من الحوارات الوطنية. القوى التي ترفض الحوار لا تستطيع أن تحل مشاكلنا فقط في الشارع. الشارع هو الوسيلة من أجل الحوارالذي يتسع لكل الأشخاص والقضايا. ليس هناك من قضايا لا تبحث على مائدة المواطنة، وعلى مائدة السلم الاهلي، وعلى قاعدة التوافق الوطني.

الحوار الوطني أمرٌ أساسي، ولكن لا يمكن أن ندخل في حوار بدون ثوابت ومحددات، كهوية الوطن، وتساوي أبنائه في الحقوق والواجبات، ورفض التدخّل الأجنبي. علينا ان نتعلم مما حدث في ليبيا من محاولات تقسيم واحتراب. نريد في البحرين وفي عالمنا العربي عامة أن نرى مجتمع العدالة والقانون والمواطنة. نحن ضد الدولة الدينية، وضد الدولة العسكرية، وضد الدولة الطائفية.


ما هي آليات تفكيك المشكل البحريني؟


عصام يونس

عصام يونس: باختصار: عبر الحوار الوطني الشامل. الحوار يعني أن المطلوب من الحكومة والمعارضة: الاقتراب الى منتصف الطريق، والإتفاق على مرجعيات محددة، وعلى أطر ناظمة لعملية الحوار قد يكون بعضها مستلهماً من معايير حقوق الإنسان بما يضمن وحدة البحرين واستقرارها وسلامة مواطنيها. يجب ان يؤدي الحوار الى المصالحة المجتمعية، وهذا بحاجة الى القفز فوق التفاصيل الصغيرة، وان يترك الشأن للبحرينيين أنفسهم. هناك تأثير اقليمي ودولي فيما يجري، ولكن القرار يجب أن يبقى بيد أبناء البحرين، وهذا يعتمد على قدرتهم في تنظيم اختلافاتهم، والإستفادة من تجاربهم السابقة ومن أخطائهم الماضية، على أن لا يبقوا أسرى للماضي، بل أن ينطلقوا الى المستقبل.


عدم الثقة عامل محبط ومعوّق للحوار بين الأطراف السياسية، كيف يمكن معالجة ذلك؟


بسيوني حمادة: الثقة أفعال! لا يمكن أن تعود الثقة بالكلمات أو الخطابة أو الإجتماعات المحضة. وحسب التعبير الانجليزي: Actions speak louder than words. الثقة ضرورية لحل المشاكل السياسية، وعلينا أن نبحث في أسباب تراجع عدم الثقة، وبنظري فإن أهم الأسباب يعود الى أن كل طرف سياسي كان يتوقع فعلاً أفضل من نظيره. ثم أن كثيراً من الأفعال والتجاوزات والعنف أضرّت بجانب الثقة؛ وزاد على ذلك التشدّد في المواقف كافّة، واعتماد بعض السياسيين سياسة قطع شعرة معاوية لا إبقائها، بوهم أن كل طرف لن يحتاج الى الآخر، أو أنه بالغ في قواه الذاتية واعتقد بأنه يستطيع أن يلغي الآخر، ما دفعه الى سياسات راديكالية خفّضت نسبة الثقة ولم تؤد الى الغاء أي منهما للآخر. الثقة بحاجة الى مراجعة ذاتية. كل طرف عليه أن يراجع ذاته، وأخطاءه. عدم الثقة لم يأتِ من طرف الحكومة وحدها، ولا من طرف المعارضة فحسب، فالجميع ساهم فيها. على الطرفين أو أحدهما أن يبادر بمواقف عمليّة من أجل استعادة الثقة أو البدء باستعادتها.


ما هو بنظرك العنصر الأكثر أهمية لتطويق الإنشقاقات الإجتماعية والسياسية في المجتمع البحريني؟


د. مساعد عبدالعاطي: بنظري أن العنصر الرئيس هو الحوار الهادىء والبناء والمباشر والمقترن باعتبارات المكاشفة والمصارحة بين كافة أطياف المجتمع البحريني؛ شرط ان يقوم مثل هذا الحوار على حسن النية من كافة الاطراف، وان يراعي الصالح العام البحريني كهدف أساس، ولكي ينجح يجب ان يبتعد المتحاورون عن التصريحات الإعلامية غير المنضبطة.


هناك محاولات تدخل خارجية في الأزمة البحرينية؛ وهناك جوانب عدم ثقة بين اللاعبين السياسيين؛ وهناك ضبابية في الخروج من الأزمة؛ كيف ترون أنتم صورة الحل؟


طلال عوكل: لا يوجد حلّ سحري، ولكن هناك امور يسترشد بها. 1/ على كل الأطراف أن تعترف بوجود أزمة؛ 2/ وان تستبعد خيار التدخل الأجنبي؛ 3/ وأن تعتقد بأن العنف والتشدد لا يحلّان المشكلة، وأن تبدي استعداداً حقيقياً لحوار وطني شامل بين كل مكونات المجتمع البحريني بما في ذلك الحكومة، باعتبارها طرفاً في الأزمة وليست هي فوق الأزمة.

في الحوار الوطني تناقش الخطوات التي يجب اتخاذها في اطار مفهوم العدالة الانتقالية للخروج من أزمة الثقة والبدء بخلق آليات دستورية متفاهم عليها. أنا أريد ان أشدد بشكل خاص على أنه لا يحلّ مشكلة البحرين الا البحرينيين أنفسهم؟

لبحرين بحاجة الى اجراءات عملية سريعة تستبعد كل العوامل التي تؤجج الصراع السياسي والإجتماعي، وأن يبدأ الحوار. وهناك في البحرين كفاءات وطنية كثيرة ومؤسسات مجتمع مدني يمكن لها ان تجد دائما المخارج التي يلتقي عليها الاطراف المختلفة والمتنازعة. حتى لو بقيت قضايا خلافية، فليبدأ بقضايا الاتفاق، ثم قضايا الخلاف، وهذا سيوفر آليات مناسبة للخروج من هذه الأزمة.