مقترحات عملية لتنفيذها:
كيف نتعامل مع توصيات تقرير (بسيوني)؟
أنشئت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بتكليف من ملك البحرين
حمد بن عيسى آل خليفة بموجب الأمر الملكي رقم 28 لسنة 2011 المؤرخ
في 29 يوليو 2011 للتحقيق في مجريات الأحداث التي وقعت في البحرين
خلال شهري فبراير ومارس 2011 وما نجم عنها من تداعيات لاحقة، وتقديم
تقرير حولها متضمناً ما تراه مناسبـاً في هذا الشأن. وأعلنت اللجنة
تفاصيل تقريرها في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011. اشتمل التقرير على
19 توصية أبرزها: تشكيل لجنة وطنية مستقلة لمتابعة تنفيذ التوصيات،
وتعويض عائلات الضحايا المتوفين، ووضع آلية مستقلة ومحايدة لمساءلة
المسؤولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون، وتدريب
قوات الأمن وعناصر الشرطة على آلية التعامل مع المعتقلين. وهنالك مقالات
تحليلية ورصد للتقرير في هذا العدد. ويركز هذا المقال على كيفية تنفيذ
هذه التوصيات ويقدم رؤية ومقترحات عملية في هذا الصدد.
يمكن تقسيم التوصيات من حيث إمكانية التنفيذ إلى ثلاث فئات:
الفئة الأولى: توصيات قصيرة المدى، أي فورية التنفيذ، حيث يمكن
انجازها في أقل من ثلاثة أشهر.
الفئة الثانية: توصيات متوسطة المدى، أي يمكن تنفيذها في مدة تترواح
بين ثلاثة إلى ستة أشهر.
الفئة الثالثة: توصيات طويلة المدى، وهذه تحتاج إلى أكثر من ستة
أشهر للـتـنفيذ، لأنها تحتاج لاستراتيجيات مرسومة، وخطط عملية مصحوبة
بميزانيات مالية.
هذا التقسيم يساعد على تأطير التوصيات في قالب زمني منطقي وعملي،
تفادياً للتوقعات غير الواقعية، واغلاقـاً لباب التأويلات والتكهنات
التي تقود إلى الاحباط واليأس. لذا لا بـدَّ من تحديد الاطار الزمني
لتنفيذ أي توصية.
بالرغم من هذا التقسيم، رأينا الحفاظ على تراتبية وتسلسل التوصيات،
دون اتباع الترقيم الذي جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق، وذلك بغرض
سهولة الاطلاع، وتجنـبـاً للارباك الذي قد يحدث عند تجزئتها، مع الاشارة
إلى الفئة التي تقع التوصية في إطارها (الفئة الأولى، الثانية، أم
الثالثة) من حيث الاطار الزمني للتنفيذ. وسوف يتم استعراض ملخص التوصيات
باللون الأحمر مع تعليقنا عليها بلون مختلف (أسود). ونوصي بشدة أنْ
يطلع القاريء على التوصيات كاملة كما جاءت في التقرير.
1/ تكوين لجنة وطنية مستقلة ومحايدة تضم شخصيات
مرموقة من حكومة البحرين والجمعيات السياسية والمجتمع المدني، لمتابعة
وتنفيذ توصيات هذه اللجنة، على أن تعيد اللجنة المقترحة النظر في القوانين
والإجراءات التي طبقت في أعقاب أحداث شهري فبراير ومارس 2011 بهدف
وضع توصيات للمُشرِع للقيام بالتعديلات الملائمة للقوانين القائمة،
ووضع تشريعات جديدة، حسبما هو وارد في هذه التوصيات.
|
بسيوني يسلّم تقريره للملك |
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الأولى، التنفيذ الفوري، من حيث تكوين
اللجنة الوطنية المستقلة. وتنتمي إلى الفئة الثانية، التنفيذ على المدى
المتوسط، من حيث إجراء الاصلاحات التشريعية المطلوبة.
دخلت هذه التوصية حيّز التنفيذ الفعلي، حيث أمر العاهل البحريني
الملك حمد بن عيسى آل خليفة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، بإنشاء
لجنة وطنية مستقلة لدراسة توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق. وتم تفويض
هذه اللجنة الجديدة بوضع مقترحاتها، بما في ذلك التوصية بالتعديلات
الضرورية في القوانين والإجراءات، وكيفية تطبيق هذه التوصيات قبل نهاية
شهر فبراير/شباط 2012. وعلى اللجنة العمل في إطار من الشفافية، ونشر
ما أنجزته من أعمال خلال تلك الفترة. ويفترض أن تعمل اللجنة على أنْ
تكون مخرجات أعمالها المتعلقة بتنفيذ التوصيات وفقاً لأفضل الممارسات
والمعايير الدولية.
وأعطى الأمر الملكي اللجنة الحرية في التعليق على تنفيذ الحكومة
لتوصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، كما حدد آلية اتخاذ القرارات
المتعلقة بمخرجات عمل اللجنة. وتعمل الحكومة بتوفير الموارد اللازمة
لتسهيل عملها من أجل القيام بواجبها على أكمل وجه.
وبناءاً على الأمر الملكي، تتشكل اللجنة من 20 عضواً، ويترأسها
رئيس مجلس الشورى السيد علي صالح الصالح. من ناحية أخرى، أعلنت خمس
جمعيات سياسية معارضة (الوفاق - وعد - التجمع القومي – تجمع الوحدة
الوطنية - الإخاء) عدم مشاركتها في اللجنة الوطنية المشكلة لدراسة
وتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، مما يعني مقاطعة المعارضة لهذه اللجنة.
وهذا وحده مؤشر لصعوبة المرحلة القادمة في مسألة ضرورة تنفيذ التوصيات.
وبما أنَّ اللجنة قد تمَّ تشكيلها بالفعل، واصطدمت بعدم شموليتها،
نسبة لعدم مشاركة جمعيات سياسية ذات وزن كبير فيها، فإنه يقع عبء كبير
على هذه اللجنة لجهة الانفتاح على الجميع حتى تستطيع القيام بمهامها.
وبالنسبة لقصر الفترة الزمنية المحددة لهذه اللجنة (عليها تقديم تقريرها
قبل نهاية شهر فبراير/شباط 2012)، ونظراً لمقاطعة قوى سياسية كبيرة
لها، كان هناك مقترح أنْ تهتم اللجنة بحل المسائل الفورية، وحصر القوانين
والتشريعات التي تحتاج لإعادة نظر فيها، وتحديد المواد والأقسام التي
تحتاج لمراجعة.
أمـَّـا ما يتعلق بالنواحي الفنية ومراجعة النصوص القانونية وتعديلها
أو إلغائها أو سن نصوص جديدة فنقترح
تكوين لجنة مستقلة (independent committee) أو لجنة فرعية (sub-committee)
من خبراء وطنيين في مجال القانون بصفتهم المهنية. تـُسمى هذه اللجنة
بـ (لجنة المراجعة القانونية) وتضطلع اللجنة المستقلة أو اللجنة الفرعية
بمهام تقديم المقترحات لاصلاح القوانين والتشريعات المعنية إلى لجنة
التشريع بالمجلس التشريعي.
لكن اللجنة وفي اجتماعها الأول في 8/12/2011، قالت بأن التوصيات
المتعلقة بالمفصولين والطلبة ودور العبادة تتصدّر قائمة أولويات عملها.
واتفق الأعضاء على أن تكون لجنة تقصي الحقائق مرجعيتهم لحسم أية اختلافات
تتعلق بالفهم أو بالتطبيق؛ وأن لا يعتمد أي مقترح إلا بالتوافق بين
أعضاء اللجنة. أيضاً تم تشكيل ثلاث لجان رئيسية تختص بـ: الجانب التشريعي؛
الجانب الحقوقي؛ وجانب آخر يُعنى بالمصالحة الوطنية.
2/ وضع آلية مستقلة ومحايدة لمساءلة المسئولين
الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون، أو تسببوا بإهمالهم
في حالات القتل والتعذيب وسوء معاملة المدنيين، وذلك بقصد اتخاذ إجراءات
قانونية وتأديبية ضد هؤلاء الأشخاص بمن فيهم ذوي المناصب القيادية،
مدنيين كانوا أم عسكريين، الذين يثبت انطباق مبدأ (مسئولية القيادة)
عليهم، وفقاً للمعايير الدولية.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثالثة، أي التنفيذ على المدى الطويل.
تنطلق هذه التوصية من مبدأ أنه ليس هنالك فرد فوق القانون، وأنَّ
الجميع سواسية أمامه. لذا تكسب هذه التوصية أهمية كبرى لتأكيدها على
مبدأ المساءلة (accountability) وعدم الافلات من العقاب لمن يثبت تورطه
في ارتكاب الانتهاكات المشار إليها. وقد يكون من الملائم تكوين لجنة
تُسمى (لجنة الحقيقة والمساءلة والمصالحة)، تتكون من شخصيات مستقلة،
مشهود لها بالنزاهة والاستقامة؛ بحيث تسترشد اللجنة في مهامها بمفهوم
العدالة الانتقالية، وذلك لتضميد الجراح ومساءلة المسئولين، وتوضيح
الحقائق، ويُـترك لها حرية اختيار الاطار المناسب الذي يساعد على رتق
النسيج الاجتماعي في البحرين. فمفهوم العدالة الانتقالية يتيح اختيار
الاطار المناسب لكل حالة؛ ويعمل على جبر الضرر وإنصاف الضحايا في إطار
مؤسسي ممنهج. ويمكن للجنة أنْ تسترشـد بتجارب دولية وعربية ناجحة في
هذا المجال. والمعروف من خلال التجارب العملية أنَّ العدالة الانتقالية
تساعد على تعزيز مسار المصالحة الوطنية. ويحتاج إنشاء هذه اللجنة الهامة
إلى مرسوم ملكي يحدد صلاحياتها وأهدافها وفقاً لنظام أساسي خاص بها.
من جهة التطبيق، فإن مجلس الوزراء البحريني، ذكر في بيان له في
21/11/2011، أن الحكومة قامت بإجراء تقييماتها وتحقيقاتها الخاصة في
الأحداث التي شهدتها البحرين، وطريقة التعامل معها، وانها اكتشفت أموراً
(تبعث على الأسف؛ فقد تم رصد حالات محددة لاستخدام القوة المفرطة،
وسوء معاملة للمحتجزين على ذمة الأحداث، في انتهاك واضح لسياسة الحكومة.
وتم إثر هذه التحقيقات، تحويل 20 من رجال الأمن المتورطين الى القضاء).
وأضاف البيان: (ان الحكومة لا يمكنها السكوت عن سوء المعاملة أو الإساءات
من قبل المسؤولين، فلا حصانة لأحد، بل أن جميع المخالفين، سيكونون
مسؤولين عمّا ارتكبوه من مخالفات).
تجدر الإشارة، الى أن الحكومة قد قامت بتأسيس صندوق خاص للمتضررين
لضمان تعويضهم من تبعات الأحداث؛ كما أن ملك البحرين، أعلن يوم اطلاق
تقرير بسيوني مؤكداً أنه لا حصانة لأحد إزاء الإنتهاكات التي ارتكبها
المسؤولون (انظر ص 4-5 من هذا العدد). أيضاً في هذا الصدد، فقد أصدرت
وزارة الداخلية بياناً في 8/12/2011؛ قالت فيه بأنها ـ وتنفيذاً لتوصيات
لجنة تقصي الحقائق ـ أحالت جميع القضايا المتعلقة باتهامات الوفاة
أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية إلى النيابة العامة باعتبارها
جهة قضائية مستقلة، وذلك تنفيذاً للتوصيتين رقم 1716، و 1722أ، المتعلقتين
بمحاسبة المسؤولين عن التعذيب وسوء المعاملة وحالات القتل.
3/ اعتبار مكتب المفتش العام في وزارة الداخلية
وحدةً منفصلةً مستقلة عن التسلسل الهرمي داخل الوزارة، على أن تشمل
مهامه تلقي الشكاوى والمظالم. ويجب أن يكون مكتب المفتش العام قادراً
على حماية سلامة وخصوصية المشتكين، والقيام بتحقيقات مستقلة، على أنْ
تــُـكفل لهذا المكتب صلاحية القيام باجراءات تأديبية وجنائية، وفقـاً
لما نصت عليه اتفاقية مناهضة التعذيب، والعهد الدولي للحقوق المدنية
والسياسية، وقانون العقوبات البحريني. ويقع على عاتق هذا المكتب أيضاً:
تبني وتطبيق المعايير المهنية للشرطة، وتنفيذ تدريب قانوني وتوعية
لضباط الشرطة.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثانية، أي تنفيذ متوسط المدى.
تكمن أهمية استقلالية مكتب المفتش العام في مدى قدرته على مراقبة
أداء الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية، وبالتالي التصدي للمخالفات
وأوجه القصور الناجمة عن ممارسات التابعين والعاملين بالوزارة من مختلف
التخصصات والفروع. ولا خلاف حول هذا المبدأ. ورغم الاستقلال، يتبع
المكتب إدارياً لوزير الداخلية، ويرفع تقاريره إليه للمتابعة والتنفيذ.
ومن المفيد أنْ يتكون المكتب من أشخاص لهم خلفية قانونية، ولا يرتبطون
بوظائف أخرى منعاً لتضارب الاختصاصات والمصالح، على أنْ يراعى تمثيل
المرأة في هذا المكتب. ويضع المكتب الاجراءات الإدارية والمالية التي
تحفظ له استقلاليته.
4/ تعديل المرسوم الخاص بتأسيس جهاز الأمن
الوطني، لإبقائه جهازًا معنياً بجمع المعلومات الاستخبارية، دون إنفاذ
القانون أو التوقيف. ويتعيّن أنْ يكون لجهاز الأمن الوطني مكتب مفتش
عام مستقل، يقوم بنفس مهام مكتب الشكاوى المبين أعلاه بوزارة الداخلية.
كما يجب إقرار تشريع ينص على سريان أحكام قانون الإجراءات الجنائية
عند توقيف الأشخاص حتى أثناء سريان حالة السلامة الوطنية.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الأولى، أي التنفيذ الفوري.
تأتي هذه التوصية في إطار الاصلاح التشريعي والذي يحتاج إلى لجنة
فنية مختصة تكون بمثابة لجنة مستقلة (independent committee) أو لجنة
فرعية (sub-committee) تابعة للجنة الوطنية المستقلة المعنية بتنفيذ
توصيات تقرير (بسيوني)، فتكون بمثابة (لجنة المراجعة القانونية). أنظر
التعليق على التوصية الأولى.
في إطار التنفيذ، أصدر الملك مرسوماً ملكياً في 28/11/2011 عدّل
بموجبه المادة الرابعة المختصة بجهاز الأمن الوطني، نصّت على: (يختص
جهاز الأمن الوطني بجمع المعلومات ورصد وكشف كافة الأنشطة الضارّة...).
ونصت المادة الخامسة على: (أن يحيل جهاز الأمن الوطني الحالات التي
تستدعي القبض أو التوقيف الى وزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات القانونية
بشأنها).
5/ تبني إجراءات تشريعية تتطلب من النائب العام
التحقيق في دعاوى التعذيب والأشكال الأخرى من المعاملة القاسية وغير
الإنسانية، أو المعاملة أو العقوبة المهينة، والاستعانة بخبراء مستقلين
في الطب الشرعي. ويجب أنْ تضمن هذه الاجراءات سلامة الذين يرفعون مثل
هذه الدعاوى. إضافة الى ذلك، ينبغي أن يوفر التشريع وسيلة تعويض لأي
شخص يدّعي تعرّضه للإنتقام بسبب رفعه دعوى بالتعذيب أو غيره من ضروب
المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثانية، أي تنفيذ في المدى المتوسط.
تأتي هذه التوصية أيضاً في اطار الاصلاح التشريعي والذي يحتاج إلى
لجنة فنية مختصة تكون بمثابة لجنة مستقلة (independent committee)
أو لجنة فرعية (sub-committee) تابعة للجنة المنفذة لتوصيات تقرير
(بسيوني)، ويمكن تسميتها بـ (لجنة المراجعة القانونية). أنظر تعليقنا
على التوصية الأولى. وينبغي تجريم التعذيب والأشكال الأخرى من المعاملة
القاسية وغير الإنسانية وتضمين ذلك في قانون العقوبات. كما نقترح أنْ
تتكون وحدة داخل مكتب النائب العام تختص بتلقي الشكاوى حول حالات التعذيب،
ومنحها صلاحيات التحقيق فيها، ورفع تقريرها للنائب العام بنتائج التحقيق
وتوصياتها. على ألاَّ تتعارض مهام هذه الوحدة مع (الهيئة المستقلة
الدائمة للتحقيق في شكاوى التعذيب) التي أشارت إليها التوصية السابعة
أدناه. بل يكمل كل منهما عمل الآخر.
في إطار التنفيذ، كان بيان مجلس الوزراء الصادر في 21/11/2011،
قد أعلن تعديلاً يتعلق بـ (تعريف التعذيب، وتجريم جميع أنواعه، وتشديد
العقوبات على مرتكبيه في قانون العقوبات، مع إزالة أي قيود على فترة
تقديم شكاوى التعذيب، وأن هذه التعديلات ستضمن توافق قوانين البحرين
الخاصة بالتعذيب مع المعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان)، وسيحال
التشريع الى البرلمان للمصادقة عليه.
6/ إتاحة الفرصة لمراجعة جميع أحكام الإدانة
الصادرة عن محاكم السلامة الوطنية التي لم تأخذ في الاعتبار المبادئ
الأساسية للمحاكمة العادلة، بما في ذلك الاستعانة بمحامٍ استعانة كاملة
وفورية، وعدم قبول الأدلة التي انتزعت بالإكراه.
نقترح أنْ تتولى المحاكم الاستئنافية المختصة هذه المهمة ترسيخاً
لدور المحاكم الوطنية العادية في تطبيق العدالة وتأكيـداً لحق المواطن
في التقاضي أمام قاضيه الطبيعي. وتسترشد المحاكم الاستئنافية بمعايير
المحاكمة العادلة الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
والذي انضمت إليه البحرين في عام 2006 1.
في مجال التنفيذ، فقد صدرت الأوامر الرسمية بإحالة القضايا التي
صدرت أحكام بشأنها في محاكم السلامة الوطنية، الى القضاء المدني ليبت
فيها مجددا من قبل محكمة الإستئناف.
7/ القيام بتحقيقات فاعلة وفقاً لمبادئ الردع
الفعال، والتحقيق في جميع حالات القتل المنسوبة لقوات الأمن، والذي
يقع خارج اطار القانون، أو بشكل تعسّفي أو الإعدام دون محاكمة، وكذلك
التحقيق في جميع دعاوى التعذيب، والمعاملة المشابهة، من قبل هيئة مستقلة
ومحايدة، وفقاً لمبادئ اسطنبول، ويجب أن يفضي التحقيق في الإنتهاكات
المزعومة الى محاكمة الأشخاص المتورطين بطريقة مباشرة وعلى كل المستويات،
مع ضرورة اتساق العقوبة مع خطورة الجرم. وكذلك تأسيس هيئة مستقلة دائمة
للتحقيق في كل شكاوى التعذيب أو سوء المعاملة والاستخدام المفرط للقوة
أو سوء المعاملة الأخرى التي تمت على أيدي السلطات. ويجب أن يقع عبء
إثبات إتساق المعاملة مع قواعد منع التعذيب وسوء المعاملة، على الدولة.
نقترح أنْ تضطلع اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذ توصيات تقرير بسيوني
القيام بالتحقيقات الفورية في حوادث القتل المنسوبة لقوات الأمن وتحديد
المسئولين عنها. وعليها أنْ تستعين بالخبرات الوطنية، والإقليمية والدولية
إنْ دعت الضرورة، لمساعدتها في إجراء التحقيقات المتعلقة بتجاوزات
القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي
الدولي حسب مقتضى الحال. وبهذا تنتمي هذه الفقرة من التوصية إلى الفئة
الأولى، أي التنفيذ الفوري.
أمَّـا إنشاء الهيئة المستقلة الدائمة للتحقيق في شكاوى التعذيب،
فهي تنتمي إلى الفئة الثالثة من حيث التنفيذ، أي على المدى الطويل.
ويتطلب ذلك التشاور المستمر مع جمعيات حقوق الإنسان، خاصة تلك العاملة
في مجال مناهضة التعذيب، وكذلك التشاور مع الخبراء في مجال حقوق الإنسان
على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
8/ تنفيذ برنامج موسع للتدريب على قواعد النظام
العام، وذلك للعاملين بقوات الأمن العام، وجهاز الأمن الوطني، وقوة
دفاع البحرين، بما في ذلك شركات الأمن الخاصة التابعة لها، وفقا لأفضل
الممارسات الصادرة عن الأمم المتحدة. ومن أجل ضمان الالتزام المستقبلي
بمدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، والمبادئ الأساسية
حول استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بانفاذ
القوانين. ويجب تدريب قوات الأمن على الحقوق الأساسية للإنسان أثناء
التوقيف، وسماع الأقوال، وعلى وجه الخصوص ضرورة رفض المشاركة في أية
اجراءات قد يشوبها تعذيب أو شكل من اشكال سوء المعاملة المحظورة.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثالثة، أي تنفيذ على المدى الطويل.
في هذه المرحلة الهامة يأتي دور منظمات المجتمع المدني. عليه نقترح
إيلاء تنفيذ هذه التوصية لجمعيات حقوق الإنسان الوطنية مثل الجمعية
البحرينية لحقوق الإنسان، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ..إلخ. كما
ينبغي توفير الميزانية اللازمة وفقـاً لخطة عمل معتمدة تقدمها تلك
الجمعيات. هذا الاقتراح يساهم في تفعيل دور منظمات المجتمع المدني
والانتقال بها إلى مرحلة الفعل.
على المستوى التنفيذي لتوصية (تقرير بسيوني)، وقع وزير الداخلية
في 8/12/2011، مذكرة تفاهم مع المكتب الإقليمي للصليب الأحمر الدولي،
تتضمن الإفساح للصليب الأحمر بزيارة مراكز التوقيف والسجون التابعة
للداخلية؛ وتشمل المذكرة إقامة الصليب الأحمر دورات تدريبية في مجال
حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني للعاملين في وزارة الداخلية
بغرض تنمية مهاراتهم وترسيخ ونشر ثقافة حقوق الإنسان بينهم.
9/ اتخاذ كل الخطوات الممكنة لتجنب التوقيف
بدون إتاحة لممارسة حق الاستعانة سريعاً بمحام أو منع التواصل مع العالم
الخارجي. وفي جميع الأحوال، يجب أن تكون كل عمليات التوقيف خاضعة للمراقبة
الفعالة لجهاز مستقل. ويجب اطلاع الشخص المقبوض عليه على صورة من أمر
القبض، ولا يجوز حجزه وحرمانه من التواصل مع الآخرين؛ ومن حق الأشخاص
الموقوفين الإتصال بمحامٍ والحصول على زيارات أسرية على النحو الوارد
بقانون الإجراءات الجنائية البحريني.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثانية، أي تنفيذ على المدى المتوسط.
يُقـترح تفعيل دور الاشراف القضائي في مرحلة القبض والتحقيق الأولي؛
وتضمين ذلك في قانون الإجراءات الجنائية.
10/ توصي اللجنة بأن تقيم الحكومة بصورة عاجلة،
وأن تطبق بشكل قوي، برنامجاً لاستيعاب أفراد من كافة الطوائف في قوى
الأمن.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثالثة، أي تنفيذ على المدى الطويل.
يُقترح إنشاء مفوضية لمراجعة التوظيف في القطاعين العام والخاص،
يكون من مهامها خلق التوازن اللازم بين مكونات المجتمع البحريني في
جميع الوظائف الحكومية والخاصة.
11/ تدريب الجهاز القضائي، وأعضاء النيابة
العامة، على ضرورة أن تكون وظائفهم عامل مساهم في منع التعذيب وسوء
المعاملة واستئصالهما.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثالثة، أي تنفيذ على المدى الطويل.
تأتي هذه التوصية في إطار إجراء إصلاح الجهاز العدلي، خاصة القضاة
ووكلاء النيابة، للقيام بواجبهم من أجل دولة يسودها حكم القانون. ويتطلب
هذا مراجعة قانون الإجراءات الجنائية بواسطة اللجنة التي اقترحناها
في التوصية الأولى (لجنة المراجعة القانونية)؛ بحيث تعمل على تقديم
مقترحات للبرلمان لتضمين التشريعات ذات الصلة بضمانات المحاكمة العادلة
بجميع مراحلها، شاملة مرحلة ما قبل المحاكمة في قانون الاجراءات الجنائية،
وتحديد الجهة المسؤولة ابتداء من مرحلة القاء القبض على المتهم، بغرض
القيام بالاشراف على تلك الاجراءات وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان،
خاصة الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية
والسياسية، والذي انضمت إليه البحرين في عام 2006. يتـزامن مع هذا
التطور التشريعي الهام، وضع برامج بناء قدرات للقضاة والنيابة.
ويقترح أيضاً: إنشاء إدارات للتدريب داخل الجهاز القضائي ووزارة
العدل، تكون مهمتها تأهيل وبناء قدرات القضاة ووكلاء النيابة بصورة
مستمرة. وإلى حين إنشاء تلك الإدارات، يُـمكن دعوة مؤسسات دولية تابعة
للمفوضية السامية لحقوق الإنسان لتنفيذ برامج بناء قدرات في هذا المجال،
مع توفير الدعم المالي والفني اللازمين.
12/ يتعيّن وجود تسجيل سمعي ومرئي لكل المقابلات
الرسمية مع الأشخاص الموقوفين.
هذه التوصية تنتمي الى الفئة الأولى المعنية بالتطبيق الفوري.
غرض التوصية هو قطع الشك باليقين من جهة الإعتراف تحت التعذيب والإكراه
البدني والمعنوي، فوجود التسجيلات السمعي والمرئي كفيل بضمان نزاهة
التحقيق وصدقية الإفادات أو الإعترافات.
في الجزء التنفيذي، فإن وزارة الداخلية، في بيانها الصادر بتاريخ
8/12/2011، قد اتخذت (الإجراءات اللازمة لتركيب كاميرات من أجل ضمان
توفير التسجيل السمعي والمرئي لجميع المقابلات الرسمية للموقوفين،
وإعداد التشريع اللازم في هذا الشأن).
13/ إلغاء أو تخفيف كل الأحكام الصادرة بالادانة
على الأشخاص المتهمين بجرائم تتعلق بحرية التعبير السياسي، والتي لا
تتضمن تحريض على العنف، وإسقاط التهم التي لم يتم البتّ فيها ضدهم.
وكذلك تخفيف أحكام الإعدام التي صدرت في قضايا القتل المرتبطة بأحداث
فبراير ومارس المنصرمين، إعمالاً لحكم المادّة 6 من العهد الدولي للحقوق
المدنية والسياسية بشان الغاء عقوبة الإعدام والمخاوف المتعلقة بعدالة
المحاكمات التي تقوم بها محكمة السلامة الوطنية.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الأولى، التنفيذ الفوري.
يقع عبء تنفيذ هذه التوصية على الجهاز السياسي وقيادته. ونقترح
على اللجنة الوطنية المستقلة لمتابعة تنفيذ التوصيات، أنْ تـنظر في
كل الأحكام ذات الصلة، وأنْ توصي ـ وبالسرعة المطلوبة ـ بالاجراء المناسب
لكل حالة.
14/ تعويض عائلات الضحايا المتوفين بما يتلاءم
مع جسامة الضرر، وتعويض كل ضحايا التعذيب وسوء المعاملة والحبس الانفرادي.
وفي هذا الصدد ترحب اللجنة بالمرسوم الملكي رقم (30) لسنة 2011 بإنشاء
صندوق لتعويض المتضررين الصادر بتاريخ 22 سبتمبر 2011.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الأولى، التنفيذ الفوري.
يـقتـرح تفعيل صندوق تعويض المتضررين ووضعه مباشرة تحت رعاية الملك
أو من يفوضه. ويكون التعويض مجزياً جابراً للضرر، بحيث يشمل أسرة الشخص
المتضرر. ويكون تنفيذ هذا التدبير فورياً دون تأخير. أيضاً ينبغي التفكير
في أشكال جبر الضرر الجماعي، والتي تعود بفائدة على الجماعة ككل مثل
إقامة منتدى أو مركز أو جمعية تعمل على رعاية المتضررين، أو أسرهم،
وتأهيلهم، وإعادة دمجهم في المجتمع.
15/ اتخاذ ما يلزم نحو ضمان ألا يكون من بين
الموظفين المفصولين حالياً من صدر قرار فصله بسبب ممارسته حقه في حرية
التعبير، وحق إبداء الرأي والتجمع، وتكوين جمعيات.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الأولى، التنفيذ الفوري.
يقع عبء تنفيذ هذه التوصية على الجهاز السياسي وقيادته. ونقترح
على اللجنة المتابعة لتنفيذ توصيات تقرير (بسيوني) أنْ تـنظر في الحالات
ذات الصلة، وأنْ توصي ـ وبالسرعة المطلوبة ـ بالاجراء المناسب بالإعادة
للوظيفة و/أو تقديم التعويض المناسب. ونقترح تشكيل لجنة فرعية تـُسمى
بـ (لجنة مراجعة حالات المفصولين من العمل) تسهيلاً لمتابعة الحالات
ذات الصلة، وسرعة البتّ فيها.
16/ إعادة كل الطلاب المفصولين الذين لم يتم
اتهامهم جنائـيـاً بإرتكاب عمل من أعمال العنف إلى وضعهم السابق، مع
ضرورة إيجاد آلية تسمح للطلاب الذين فصلوا لأسباب مشروعة، أنْ يتقدموا
بطلب لإعادتهم إلى الجامعة، مع اعتماد معايير واضحة وعادلة للإجراءات
التأديبية ضد الطلاب، وضمان تطبيق هذه المعايير بطريقة منصفة ومحايدة.
تنمتي هذه التوصية إلى الفئة الأولى، التنفيذ الفوري.
يقترح هنا أيضاً، تكوين لجنة فرعية داخل اللجنة الوطنية لمتابعة
تنفيذ توصيات (تقرير بسيوني) تــُـسمى بـ (لجنة مراجعة حالات الطلاب
المفصولين)، توصي ليس بإعادة قيد الطلاب في جامعاتهم فحسب، بل تقدم
أيضاً تصوراً شاملاً لكيفية تعويض ما فاتهم من التحصيل الأكاديمي.
17/ تخفيف الرقابة على وسائل الإعلام، والسماح
للمعارضة باستخدام أكبر للبثّ التلفزيوني والإذاعي، والإعلام المقروء.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثانية، أي تنفيذ على المدى المتوسط.
يقترح إنشاء هيئة اعلامية تتمتع بالاستقلال، وتكون مسئولة مباشرة
أمام البرلمان والملك عن أداء مهامها. تشمل مهام هذه الهيئة ما يلي:
وضع السياسات الإعلامية المتوازنة، لضمان توازن الفرص لكافة فئات المجتمع
ومختلف التوجهات السياسية في التعبير عن آرائها؛ والاشراف على تنفيذ
تلك السياسات بعد موافقة البرلمان والملك عليها.
18/ إتخاذ إجراءات مناسبة بما في ذلك إجراءات
تشريعية للحيلولة دون التحريض على العنف والكراهية والطائفية والأشكال
الأخرى من التحريض، والتي تؤدي إلى خرق حقوق الإنسان المحمية دولياً.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثالثة، أي التنفيذ في المدى الطويل.
يقترح تشكيل لجنة قانونية تضطلع بمهام وضع مقترحات مواد تـُـضاف
إلى قانون العقوبات، تجـرَّم كافة أشكال العنف، والكراهية والدعوة
لها، والفتنة الطائفية والدعوة لها. وتقوم هذه اللجنة بعد التشاور
مع كل الفاعلين واللاعبين الأساسيين ذوي الصلة في البحرين: من جمعيات
سياسية، ومنظمات مجتمع مدني، بما فيها جمعيات حقوق الإنسان، بتقديم
تصورها خلال شهر من تكوينها.. الى مجلس النواب. كما نقترح عقب الفراغ
من التعديلات التشريعية المناسبة، إنشاء مفوضية التعايش السلمي، بهدف
نشر وتعزيز والتوعية المستمرة بقيم التسامح وقبول الآخر وعدم التمييز.
19/ وضع برامج تعليمية وتربوية في المراحل
الابتدائية والثانوية والجامعية لتشجيع التسامح الديني والسياسي والأشكال
الأخرى من التسامح، علاوة على تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثالثة، أي التنفيذ على المدى الطويل.
تتطلب هذه التوصية إنشاء لجنة متخصصة في مجالي التربية والتعليم
وحقوق الإنسان لتطبيق هذه التوصيات. كما أنَّ هنالك حاجة ماسة لتبني
استراتيجية وطنية لتضمين مفاهيم ومباديء حقوق الإنسان كاملة في المناهج
التعليمية، من مرحلة الأساس (الابتدائي) وحتى التعليم الجامعي، مع
مراعاة التدرج في التطبيق. يمكن الاسترشاد في هذا المجال بتجربة المملكة
المغربية. على أنْ تحتوى الاستراتيجية على أهداف قصيرة الأجل، متوسطة
الأجل، وطويلة الأجل.
من جهة التنفيذ، يوجد في مناهج التعليم الرسمي، مادة باسم حقوق
الإنسان، وتتضمن المفاهيم الأساسية ذات الصلة، وهي موجودة فعلاً في
كافة المراحل التعليمية. ولكن يمكن القول بأن هناك مجال للمراجعة والإضافة
بما يتناسب مع خصوصية المجتمع البحريني، وضرورة الألفة بين ابنائه،
والتركيز على الوضع الخاص ضمن المفاهيم العالمية لحقوق الإنسان.
20/ توصي اللجنة حكومة البحرين بضرورة إعداد
برنامج للمصالحة الوطنية يتناول مظالم المجموعات التي ـ حتى لو كانت
تعتقد أنها ـ تعاني من الحرمان من المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية
والاقتصادية، وأن تعم الفائدة منها على كافة طوائف الشعب البحريني.
تنتمي هذه التوصية إلى الفئة الثالثة، أي تنفيذ على المدى الطويل.
نقترح تكوين (مفوضية دائمة للمصالحة الوطنية) تعمل من خلال برامج
علمية وخطط عمل واقعية ومدروسة على مناهضة أشكال التمييز والتهميش
مهما كان صغيراً، وتعزيز قيم المواطنة كإطار للحقوق والواجبات، وتقديم
مقترحات حول الإندماج السياسي من خلال المشاركة في صناعة القرار عبر
المؤسسات الوطنية والدستورية. وكذلك كيفية تحويل الحقوق الاقتصادية
والاجتماعية إلى واقع معاش.
ضمانات تنفيذ التوصيات:
أولاً ـ الضمانات الوطنية:
تلعب الضمانات الوطنية دوراً كبيراً في تنفيذ التوصيات. فبدون ارادة
سياسية لن يتم تنفيذ توصيات التقرير. وتبرز أهم دلالات الإرادة السياسية
لتنفيذ التوصيات في تشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة كأول بادرة من نوعها
في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أيضاً هنالك مؤشرات أخرى مهمة منها
قبول الملك شخصياً لنتائج التقرير وتعهده بتنفيذ توصياته مما حدا به
تشكيل لجنة وطنية من أجل ذلك. أيضاً قام سفير البحرين في الأمم المتحدة
بتقديم التقرير للأمين العام للأمم المتحدة، متعهداً بتنفيذ توصيات
التقرير. كما أن دعوة المفوضية السامية لحقوق الإنسان لزيارة البحرين
من أجل المشورة وربما المساعدة في تطبيق التوصيات مؤشر على جديّة لدى
السلطات البحرينية.
الضمانات الدولية:
تبرز هنا الضمانات التي قدمها الأمين الأمين العام للأمم المتحدة
بان كي مون بمتابعة توصيات التقرير مع جهات دولية فاعلة مثل المفوضة
السامية لحقوق الإنسان، وأشار في تصريحات له إنَّ (كبار مستشاري الأمين
العام سيقومون بدراسة التقرير ومتابعة توصياته عن كثب). وأوضح بان
كي مون أنه (لا بد من دراسته عن كثب الآن مع المفوضة العليا لشؤون
حقوق الإنسان نافي بيلاي وغيرها من المستشارين رفيعي المستوى في الأمم
المتحدة).
وفي سياق متصل، أبلغت البحرين المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالخطوات
التي اتخذتها لتنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي
الحقائق. جاء ذلك أثناء لقاء وكيل وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية
لحقوق الإنسان السيد سعيد الفيحاني، نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة
لحقوق الإنسان، يونغ وا كانغ، على هامش انعقاد ورشة العمل المعنية
بتعزيز آلية حقوق الإنسان بمجلس التعاون الخليجي المعقودة بالدوحة،
قطر، في الفترة 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي - 1 ديسمبر/ كانون
الأول 2011. وهذا يؤكد بأنَّ رقابة الأجهزة الدولية ذات الصلة تمثل
ضماناً أخلاقياً على الأقل لتنفيذ التوصيات.
انضمت البحرين إلى ست من اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية السبع
المعنية بحقوق الإنسان، وهي: "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز
العنصري" (1990)، و"اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"
(2002)، و"اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة
القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" (1998)، و"اتفاقية حقوق الطفل"
(1992)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (2006)، والعهد
الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية (2007)، كما
انضمت إلى "البروتوكولين الاختياريين لاتفاقية حقوق الطفل" الخاصين
باشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، وبيع الأطفال واستغلالهم في
البغاء والمواد الإباحية (2004).
|