تقرير أمريكي حول الحرية الدينية في البحرين
أكّد التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية بشأن الحريات
الدينية في العالم، أن الدستور البحريني ينص على الحرية الدينية، ويكفل
ممارستها، وكذلك حرية الضمير وحرية العبادة وممارسة الشعائر لمختلف
الأديان والمذاهب، بما في ذلك حضور وتشكيل المواكب والاجتماعات الدينية
طبقاً للعادات المعمول بها في البلد. إلا أن التقرير أشار ـ رغم ذلك
ـ الى أن الحكومة البحرينية وضعت بعض القيود على ممارسة هذه الحقوق.
وأشار التقرير، الذي صدر في 17 نوفمبر 2010، إلى عدم حدوث أي تغيير
في وضعية احترام الحرية الدينية من جانب الحكومة البحرينية خلال الفترة
المشمولة بالتقرير، وأنَّ الحكومة واصلت ممارسة مستوىً من السيطرة
والرقابة على الممارسات الدينية، لافتاً النظر إلى أنَّ عدداً من المنظمات
الدولية والمحلية غير الحكومية أشارت من جانبها إلى التمييز في بعض
الجوانب.
ومن الناحية الدستورية، أكد التقرير أنَّ الدستور البحريني ينص
على حرية الدين، إلاَّ أنَّ هناك قيوداً مفروضة على هذا الحق. وجاء
في التقرير أنَّ “الدستور لا يفرض قيوداً على الحق في اختيار أو تغيير
الدين أو الممارسة في الاختيار، بما في ذلك مناقشة ودراسة ونشر تلك
المعتقدات. كما يحظر الدستور التمييز على أساس الدين أو العقيدة، ولكن
لا يوجد قانون يمنع المزيد من التمييز، ولم تتوفر آليات معينة لتقديم
شكاوى في هذا الشأن”.
وأوضح التقرير أنَّ الدستور ينص على أنَّ الإسلام هو دين الدولة،
وأنَّ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، مشيراً إلى النظم
القانونية المدنية والجنائية واصفاً لها بالتعقيد نسبة لتنوع المصادر
القانونية للمذهبين السني والجعفري. ويعني هذا أنَّ حقوق الأشخاص يمكن
أن تختلف وفقاً لتفسير الشيعة أو السنة. وأشار التقرير إلى اعتماد
الحكومة أول قانون للأحوال الشخصية الذي صدر في شقه السني في مايو
2009، بينما يواجه صدور القانون الجعفري/ الشيعي رفضاً من قبل شريحة
كبيرة ممن ينتمون للمذهب الجعفري. واعتبر التقرير أنَّ إضفاء الطابع
المؤسسي على إقرار هذا القانون من شأنه أن يشكل حماية للمرأة، لأنه
يشترط موافقتها على الزواج، والسماح لها بإدخال شروط في عقد الزواج.
فيما يتعلق بالقوانين المدنية في البحرين أكد التقرير بأن الحكومة
لا تفرض أية قيود للتعبير عن الشعائر الدينية، كما يسمح القانون بإنتاج
وتوزيع المنشورات الدينية، ولا يفرض أو يقيد أو يعاقب استيراد وحيازة
أو توزيع الكتب والملابس أو الرموز الدينية، كما أنه لا يفرض اللباس
الديني. وفي هذا الصدد أشار التقرير إلى التوزيع المتساوي للموازنة
المخصصة للمساجد الشيعيّة والسنيّة. وبين التقرير أنَّ الدراسات الإسلامية
تعتبر جزءاً من المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وأشار لإلزاميتها
لجميع طلاب المدارس، ولكن المناهج لا تشمل تدريس المذهب الجعفري، ويقتصر
التدريس على المذهب المالكي في الفقه السني.
وكشف التقرير أنَّ وثائق الهوية الرسمية لا تشمل تحديد دين أو طائفة
المواطن، في حين تشترط شهادة الميلاد تسجيل دين المولود. وأقـرَّ باحترام
الحكومة عموماً للحرية الدينية في الممارسة العملية، ولكنه انتقد القيود
على هذا الحق بممارسة مستوىً من الرقابة ورصد كل من المسلمين السنّة
والشيعة. وأشار التقرير إلى ممارسة أفراد الجماعات الدينية الأخرى
لدياناتهم من دون تدخل من الحكومة. تجدر الإشارة الى أنَّ 99% من سكان
البحرين هم من المسلمين، فيما يشكل اليهود والمسيحيون والهندوس والبهائيون
1% من السكان.
تقرير الخارجية الأميركية لاحظ أنَّ القانون البحريني يفرض على
كل جماعة دينية مسلمة الحصول على ترخيص من وزارة العدل والشئون الإسلامية
لممارسة أنشطتها. وبالمقابل يتوجب على الجماعات الدينية غير المسلمة
التسجيل لدى وزارة التنمية الاجتماعية لممارسة أنشطتها، كما ينبغي
عليها الحصول على موافقات من وزارة التربية والتعليم، ووزارة الداخلية،
وهيئة شئون الإعلام، تبعاً للأنشطة التي تنوي القيام بها. وقال التقرير
أن هناك 13 جماعة دينية غير مسلمة مسجّلة لدى وزارة التنمية، يمارسون
نشاطهم من خلال الكنائس المسيحية والمعابد الهندوسية وغيرها.
وأشار التقرير أنَّ عدة كنائس مسيحية ذكرت في مايو 2010 أنَّ وزارة
التنمية طلبت منها إعادة التسجيل من دون تقديم سبب معقول. وبالرغم
من عدم قانونية عقد اجتماع ديني من دون ترخيص، إلا أنَّ الفترة التي
شملها التقرير لم تكشف عن حرمان الجماعات الدينية من مثل هذه التصاريح.
وبين التقرير أنَّ الحكومة تمول وتمارس الرقابة على المؤسسات الإسلامية
الدينية الرسمية، بما في ذلك المساجد الشيعية والسنيّة، وكذلك مراكز
التجمع الديني والأوقاف السنيّة والجعفرية/ الشيعيّة والمحاكم الشرعية،
وأنَّ المجلس الأعلى للشئون الإسلامية هو المعني بالموافقة على تنظيم
الفعاليات الدينية، إلاَّ أنَّ الحكومة نادراً ما تتدخل في فعاليات
الشعائر والطقوس الدينية.
وسجل التقرير الأميركي بأنَّ عدداً من المقيمين غير المسلمين في
البحرين اشتكوا من القيود التي تفرضها وزارة التنمية الاجتماعية على
الدعم خارجي، وهو ما عرّض بعض الكنائس ودور العبادة لصعوبات تشغيل
كثيرة، بالاضافة لشكواهم بأنَّ وزارة التنمية في كثير من الأحيان لم
تستجب لطلباتهم للحصول على موافقة للتواصل مع المنظمات التي ينتمون
إليها خارج البحرين.
أما على صعيد التطورات الإيجابية في احترام الحرية الدينية، فأشار
التقرير إلى تنظيم وزارة العدل لسلسلة من المؤتمرات والندوات بشأن
الحوار بين الأديان، وتم خلالها دعوة رجال دين وعلماء ـ مسلمين وغير
مسلمين ـ من إيران والعراق ولبنان والسعودية ودول إسلامية أخرى.
وفي الجانب المجتمعي المتعلق بوضعية احترام المجتمع للحرية الدينية،
أشار التقرير إلى تصاعد التوترات والانقسامات السياسية التاريخية في
البحرين، إضافة لاستمرار أعمال الشغب في مناطق معينة بشكل روتيني.
وفيما يتعلق بسياسة الإدارة الأميركية، أوضح التقرير أنَّ الإدارة
الأميركية تناقش موضوع الحرية الدينية مع الحكومة كجزء من سياستها
الشاملة لتعزيز حقوق الإنسان، وأنَّ المسئولين الأميركيين واصلوا عقد
اجتماعات منتظمة مع ممثلي المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان لمناقشة
مسائل الحرية الدينية من بين موضوعات أخرى ذات صلة بحقوق الإنسان.
إن حرية التعبير والممارسة الدينية في البحرين متاحة ومصانة الى
حدّ كبير.. ومرصد البحرين لحقوق الإنسان يشيد بالجهود الوطنية المبذولة
لضمان حرية الاعتقاد والحرية الدينية، ويدعو المسئولين لبذل جهد أكبر
يرمي إلى إزالة القيود القليلة التي تعترض مسيرة الحرية الدينية، تماشياً
مع نهج الانفتاح والتعايش السلمي بين الأديان، ومن أجل ترسيخ ثقافة
التسامح الديني وقبول الآخر والتي عرفتها البحرين منذ مئات السنين.
|