تقرير مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان

(صامدون في الإحتجاج)

أطلق (مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان) في نهاية سبتمبر الماضي تقريره السنوي لعام 2010 الذي يغطي سنة كاملة من أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان في سائر أنحاء العالم. ومرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، هو برنامج مشترك بين الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT). ويعمل المرصد على متابعة أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان على مدار السنة، ويصدر تقارير سنوية عن تلك الأوضاع، مشفوعة بالتحليل والتوصيات.

ويقول الأمين العام لـ (OMCT) السيد أيريك سوتاس بأن المدافعين أينما كانوا يؤدون دوراً أساسياً في الوقوف بوجه التعسف والتجاوزات، وهم أكثر من أي وقت مضى حجر الزاوية في دولة القانون.

عنوان تقرير هذا العام كان: “صامدون في الاحتجاج”؛ وأسوة ببقية بلدان العالم، أفرد التقرير حيّزاً معقولاً لأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين حيث استعرض: السياق السياسي؛ استمرار عرقلة حرية تأسيس الجمعيات؛ عرقلة حرية التجمع السلمي؛ استخدام قوانين مكافحة الارهاب لملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان؛ وأخيراً، المضايقات القضائية ضد صحفيين يفضحون انتهاكات حقوق الإنسان.

يصعب استعراض كل التقرير في هذا المقال ولكننا سنحاول استعراض بعض جوانبه. ففي إطار (السياق السياسي)، أشار التقرير ابتداءً الى أنه ومنذ المراجعة الدورية الشاملة للبحرين في ابريل 2008، لم تشهد سنة 2009 اعتماد إصلاحات أساسية كانت منتظرة لضمان احترام أكبر لحقوق المواطنين. من ناحية أخرى أشار التقرير إلى تدهور حرية التعبير “بسبب منع الوصول إلى بعض مواقع الإنترنت، والملاحقات القضائية ضد بعض الصحفيين والحملات الدعائية ضد بعض المدافعين عن حقوق الإنسان”. كما استعرض التقرير عدم تعديل قانون الصحافة الذي يفرض عقوبة السجن في حق الصحفيين.

وفي الإطار السياسي أيضاً، أشار التقرير الى العفو الملكي الصادر في أبريل 2009 عن 178 محتجزاً وصفهم التقرير بأنهم معتقلين سياسيين. لقد ظلننا في مرصد البحرين لحقوق الإنسان ندعو للجدية في التعامل مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان بما فيها مجلس حقوق الإنسان وآلية المراجعة الدورية الشاملة، ويبدو أنَّ هنالك حاجة للتذكير بهذا الأمر مرة أخرى. ونظراً لأن هناك تضارب في المعلومات من جهة طبيعة المواقع الإلكترونية التي تمّ حظرها، فيقترح أن تصدر السلطات المعنية قائمة بأسماء تلك المواقع، وأسباب حظرها. كما نرى بأن القضاء هو المرجع في اتخاذ قرار الحظر، وهو ما تطالب به مؤسسات المجتمع المدني والتي تطالب أيضاً بإثبات تلك المرجعية في مشروع قانون الصحافة الجديد رقم 47 لعام 2008 للبرلمان لإجازته، وكذلك إجراء التعديلات اللازمة التي تشمل منع حبس الصحفيين.

في إطار (استمرار عرقلة حرية تأسيس الجمعيات)، أشار تقرير مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان إلى إضطرار بعض الجمعيات إلى مزاولة نشاطها من دون تسجيل مثل جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، ومركز البحرين لحقوق الإنسان، ولجنة العاطلين عن العمل. وبالرغم من حقيقة أن هذه المؤسسات تمارس عملها عملياً على أرض الواقع، فإنه كان من المحبّذ لو كان هناك توضيحاً من السلطات المسؤولة تقدمه للمؤسسات الحقوقية الدولية حول: لماذا تمارس هذه الجمعيات نشاطها دون تسجيل، أو لماذا حُجب عنها التسجيل، خاصة وأنَّ هنالك العشرات، إنْ لم تكن المئات، من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان قـد تـمَّ تسجيلها وتمارس نشاطها وفقاً للقانون. نحن نعتقد بأنَّ تأسيس مزيد من الجمعيات وتسجيلها يساهم في ترقية المجتمع وتطوره، كما يساهم في المشاركة في إدارة شئون الوطن.

وفي إطار(عرقلة حرية التجمع السلمي) أشار تقرير مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان إلى محدودية السماح بتنظيم اجتماعات عامة في سنة 2009 مشيراً إلى عدم السماح بإقامة ندوة حول مسألة التجنيس السياسي. ما يثير الدهشة هنا اعتماد مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان على واقعة واحدة لتأكيد تقييد حرية التجمع السلمي في الوقت الذي تضم فيه البحرين عدداً‮ كبيراً ‬من الجمعيات السياسية المرخصة وفقاً‮ ‬لقانون الجمعيات السياسية ‬الصادر عام‮ ‬2005،‮ ‬حيث تمارس تلك الجمعيات عملها بكل حرية وتعقد الندوات والسمنارات، وتقيم تجمعات عامة، ‬وتملك مقار ومنابر إعلامية خاصة. ‮كما أنَّ موضوع التجنيس قد أُشبع بحثاً في كثير من الندوات، فضلاً عن أنه قد تمت مناقشته في البرلمان. ولكننا كنا نتمنى أنْ نرى رداً من السلطات البحرينية حول مسألة المنع تلك، إنْ كان مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان طلب تفسيراً من السلطات البحرينية.

في إطار (استخدام قوانين مكافحة الارهاب لملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان) أشار تقرير مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان ‬إلى اعتقال الخلية «الإرهابية» التي‮ ‬زُعم أنها كانت تعتزم تنفيذ عمليات إرهابية داخل البحرين نهاية عام 2008, وكان ملف تلك القضية قد تم طيه بعفو ملكي أصدره ملك البحرين في 12 نيسان/ أبريل 2009, وكنا وقتها في مرصد البحرين لحقوق الإنسان قد طالبنا بتقديم المتهمين إلى محاكمات عادلة، أو إطلاق سراحهم فوراً مع التحقيق في أي مزاعم تعذيب. ونجدد مرة أخرى المطالبة بتقييد استخدام قانون مكافحة الارهاب واخضاع كل الاعتقالات التي تحدث بموجبه للإشراف القضائي، مع ملاحظة حقيقة أن قانون مكافحة الإرهاب قد تمّت الموافقة عليه من قبل البرلمان. ولكن التوسع في استخدامه أمرٌ غير مقبول.

وأخيراً، في إطار (المضايقات القضائية ضد صحفيين يفضحون انتهاكات حقوق الإنسان) أشار تقرير مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان إلى الملاحقات القضائية التي‮ تعرضت لها الصحفيتان مريم الشروقي‮ ‬ولميس ضيف في عام 9002. الأولى بسبب مقال نشرته في صحيفة الوسط نددت فيه بممارسات التمييز في التوظيف، والثانية بسبب مقال نشرته في صحيفة الوقت نددت فيه بأوجه القصور في النظام القضائي في الجزء المتعلق بالأحوال الشخصية.

نرى في مرصد البحرين لحقوق الإنسان أنه قد آن الأوان لوضع ميثاق شرف بين الصحافة البحرينية والسلطات المسؤولة ينأى بالصحافة عن الملاحقة القضائية، ويعزز دور الصحافة كسلطة رابعة، ويؤكد على حقها في ممارسة النقد ومحاربة الفساد والظلم والرقابة على كافة الأجهزة. لا يمكن للتحول الديمقراطي أنْ يكتمل بدون صحافة قوية تستطيع ممارسة دورها دون خوف من الملاحقة القضائية.

وفي الختام تبقى هنالك أسئلة تحتاج لإجابات من كافة الجهات المختصة بما فيها مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان حول هذا التقرير ومنها:

هل قام مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان بزيارة ميدانية للبحرين؟ وبالتالي هل التقى بعدد معقول ومتنوع من المدافعين عن حقوق الإنسان داخل البحرين؟

هل عرض مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان مسودة تقريره الأولية على المسئولين في البحرين، كما تفعل المنظمات الأخرى، حتى تستطيع السلطات البحرينية ذات الاختصاص الرد على ما ورد في التقرير وتضمين تلك الردود في التقرير قبل نشره؟

هل ستعمل السلطات البحرينية ذات الاختصاص على مناقشة ما جاء في التقرير ووضع المعالجات السريعة لما جاء فيه؟

هل تسعى منظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان والمدافعين عن حقوق الإنسان لمناقشة التقرير مناقشة موضوعية بما فيها التمييز التام بين المدافعين عن حقوق الإنسان وبين غيرهم من الفئات الأخرى؟

هل حان الوقت لتمكين المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين من ممارسة نشاطهم وتوفير الحماية لهم؟