البحرين في تقارير حقوقية:

الثالثة عربياً في حق الحصول على المعلومات

بدا هذا الشهر حافلاً بالعديد من التقارير الحقوقية الدولية والمحلية التي تطرقت الى البحرين، وهي في المجمل توضح مجالات التطور الذي حدث في جوانب حقوقية محددة، كما تحوي بعض الملاحظات والانتقادات في جوانب أخرى والتي تتطلّب جهوداً من الحكومة لحلحلتها وتحسينها كيما ترتقي بسجلّها الحقوقي بين دول العالم.


أمنستي: التحقيق في ادعاءات التعذيب

منظمة العفو الدولية أصدرت تقريرها السنوي في 27/5/2010، والذي يغطي تطورات الأوضاع في العام الماضي 2009 بأكمله. لخص التقرير على النحو التالي: (اتخذت الحكومة خطوات لتعزيز حقوق الإنسان وتحسين ظروف العمال الأجانب. إلا إنها واصلت تجريم انتقاد العائلة المالكة، وتقاعست عن التحقيق في إدعاءات التعذيب في عام 2008. وظل شخص واحد عرضةً لخطر الإعدام). وأشار التقرير الى إنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والى أن الحكومة البحرينية تدرس سحب بعض تحفظاتها على عدد من المواثيق الدولية، وأنها تعتزم إجراء إصلاحات قانونية، وتوفير برامج تدريبية في مجال حقوق الإنسان للعاملين في القضاء وغيرهم من المسؤولين.

أيضاً أشار التقرير ـ دون أن يبدي موقفاً ـ الى إطلاق رصاص الشوزن الخاص باصطياد الطيور في (مظاهرات عنيفة) وبيّن أن السلطات نفت استخدامها القوة المفرطة، وقالت إن قوات الأمن تدخلت عندما بدأ المتظاهرون يجنحون للعنف. وتحدث التقرير عن العفو الملكي عن 178 سجيناً بعضهم سجن على خلفية اتهام بتدبير أعمال عنف للإطاحة بالحكومة).

في موضوع حرية التعبير، قال التقرير أن تعديلات قانون الصحافة والمطبوعات لازالت منظورة أمام البرلمان، وان وزارة الإعلام حجبت عدداً من المواقع والمدونات ومنتديات النقاش على شبكة الإنترنت (بما في ذلك بعض المواقع التي يُنظر إليها باعتبارها “تحرِّض على الكراهية والعنف الطائفي”..) حسب تقرير العفو الدولية.

وفي موضوع العمالة الأجنبية تطرق التقرير الى إعلان الحكومة في مايو 2009 عن تعديل في نظام الكفالة، الذي يحصل بمقتضاه العمال الأجانب على وظائف. ويجيز النظام الجديد، أن ينتقل العامل الأجنبي إلى العمل لدى صاحب عمل آخر دون الحصول على موافقة صاحب العمل الأصلي. ورغم ايجابية هذا القرار الا ان التقرير أضاف بأن التعديل الجديد لا ينطبق على خدم المنازل، ومعظمهم من النساء (مما يبقيهم عرضةً بوجه خاص للانتهاكات على أيدي المخدومين).


مكافحة الإتجار بالبشر

على صعيد آخر، أصدرت اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص تقريرها الأول تحت عنوان (مكافحة الإتجار بالأشخاص في مملكة البحرين) وذلك أواخر أبريل الماضي، حيث جاء في مقدمته أن (البحرين ـ شأنها في ذلك شأن العديد من دول العالم ـ تعاني من ظاهرة الإتجار بالأشخاص). واستعرض التقرير التطورات التشريعية لمكافحة الإتجار بالبشر والتي احتوى قانون العقوبات البحريني لعام 1976 بعضاً من صورها، كما استعرض قوانين حكومية أخرى لها صلة بالموضوع، ومن بينها قانون العمل لعام 1976، وقانون عام 1998 المتعلق بنقل وزراعة الأعضاء البشرية، وقانون الهجرة والإقامة الصادر في عام 1965. ليصل الأمر في النهاية الى إصدار قانون رقم 1 لسنة 2008 بشأن مكافحة الإتجار بالأشخاص.

واحتوى التقرير على التدابير والقرارات المتخذة من قبل الأجهزة الحكومية لمكافحة جرائم الإتجار بالبشر، وبينها ما قامت به وزارة الداخلية من انشاء وحدة متخصصة في هذا الشأن، كما اتخذت تدابير فيما يتعلق بالهجرة والجوازات، منها: عدم تسفير أي عامل أجنبي إلا بناء على أحكام قضائية، وإنشاء خط ساخن لتلقى الشكاوى، وتدبير أماكن إيواء للضحايا. وقامت هيئة تنظيم سوق العمل بإصدار كراسات إرشادية بعدّة لغات تبيّن فيها حقوق العمالة الوافدة.

وتحت عنوان بناء القدرات لموظفي الأجهزة الحكومية، استعرض التقرير تعاون البحرين مع المنظمة الدولية للهجرة والتي افتتحت لها مكتباً في البحرين، والنشاطات المشتركة التي قامت من أجل حماية العمالة الأجنبية.. وعدد التقرير الدورات التدريبية والتوعوية التي قامت بها البحرين خلال السنوات الماضية منفردة أو بالاشتراك مع المجتمع المدني المحلي والدولي وكذلك بالتعاون مع أجهزة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

وأخيراً، عدد التقرير القضايا التي تدخّل فيها القضاء ولها صلة بالإتجار بالبشر، حيث تمت تحقيقات ومحاكمات عديدة لأشخاص بحرينيين وأجانب. وفي الختام شدد التقرير على عزم الحكومة البحرينية استئصال ظاهرة الإتجار بالأشخاص من خلال تطوير التشريعات اللازمة لذلك، وحث الجهات المعنية على تطبيق الإجراءات الوقائية الرادعة، وزيادة التعاون الثنائي والدولي لمحاربة تلك الظاهرة.


حق الوصول الى المعلومات

أصدر مركز عمان لحقوق الإنسان تقريره السنوي الخامس حول الحريات الصحافية، وخصصه في موضوع واحد هو (الحق في الوصول للمعلومات).

وقيّم التقرير الدول العربية اعتماداً على المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي يقر أن (لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير؛ ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، واستقاء المعلومات وتلقيها ونقلها من خلال أية وسائل بغض النظر عن الحدود). وكذلك اعتماداً على المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي تؤكد على أن (لكل انسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة) وأن (لكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها الى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب أو بأية وسيلة أخرى يختارها).

وفي سبيل ذلك، صمم مركز عمّان مؤشراً لقياس حرية تداول المعلومات في الأقطار العربية، يعتمد على أمرين: الأول ـ المؤشر القانوني، الذي يبحث في النصوص الدستورية وفي القوانين الحكومية المتعلقة بحرية التعبير، وكذلك يهتم بما إذا كانت الدولة قد صادقت على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. أما الثاني، فهو مؤشر الممارسة العملية، والتي حددتها (منظمة المادة 19) بشأن ضمان حق المواطن في الحصول على المعلومات وهي: اعتماد حد الكشف الأقصى للمعلومات، وإلزام الهيئات العامة بنشر المعلومات الأساسية، وتعزيز الحكومة المفتوحة بفعالية، وأن تكون الإستثناءات واضحة ومحدودة وخاضعة لاختبارات “الضرر والمصلحة العامة”، ومعالجة طلبات المعلومات.

وبناء على المؤشرين القانوني (60% من الوزن) والمؤشر العملي (40% من الوزن) يتم تحديد موقع الدولة العربية من خلال سلوكها وقوانينها من مسألة إتاحة حرية الحصول على المعلومة.

وقد توصل مركز عمان الى نتيجة تفيد بأن الأردن (87%) واليمن (82%) والبحرين (78%) على التوالي جاءت في مقدمة الدول العربية من حيث حرية تداول المعلومات. وجاءت كل من السعودية (26%) وسوريا (23%) وليبيا (23%) في ذيل القائمة. وبالنسبة للبحرين، فإن التقرير استعرض ثلاث مواد في قانون المطبوعات تنص على حق الصحفي في الحصول على المعلومات، وهي المواد 31، 32، 33. ولكن التقرير يضيف بأنه (على الرغم من المواد السابقة إلا أنه لا توجد ضمانات عملية لتزويد الصحفيين بالمعلومات. وهناك حركة نشطة في البحرين تطالب بإصدار قانون منفصل لحق الحصول على المعلومات). وأضاف التقرير: (من المؤمل أن تكون مملكة البحرين أول دولة من مجلس التعاون الخليجي الست تصدر تشريعاً يعطي الحق لكل شخص طبيعي أو اعتباري الحصول على المعلومات). ولاحظ التقرير أن مجلس النواب قد أحال الى مجلس الشورى قانون حق الحصول على المعلومات الذي يعطي الحق لكل شخص طبيعي أو اعتباري الحصول على المعلومات التي يطلبها طبقاً للقانون. وتتبع التقرير ما تناولته الصحف البحرينية تجاه هذه القضية أكثر من مرة على مدى السنوات الماضية، كما لاحظ النقاش الحيوي في البرلمان والمجتمع المدني.