الاتجار بالبشر:

الحاجة لمزيد من الخطوات لحماية العمال الوافدين

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية يوم 16 يونيو 2009 تقريرها السنوي لعام 2009 عن (الاتجار بالبشر) في جميع أنحاء العالم، حيث وضع التقرير البحرين في (المستوى الثاني في قائمة الرصد والمتابعة) لكونها (بلد المقصد بالنسبة للرجال والنساء اللائي يتم الاتجار بهن لأغراض السخرة والاستغلال الجنسي التجاري). وانتقد التقرير الحكومة لأنها (لم تمتثل امتثالاً تاماً بالمعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر)، وحدد رعايا 20 بلداً تهاجر إلى البحرين إما طوعاً، للعمل في القطاع الرسمي أو من خدم المنازل، أو الذين يتم تهريبهم إلى البحرين لغرض الاستغلال الجنسي التجاري. كما انتقد التقرير مصادرة جوازات سفر العمال الوافدين مما يضعهم تحت رحمة أصحاب العمل.

وبالإضافة إلى ذلك، انتقد التقرير الحكومة لعدم مقاضاة (أي من أصحاب العمل أو وكلاء العمل بشأن استخدام أسلوب السخرة تجاه العمال، بمن فيهم خدم المنازل، في إطار القانون الجديد لمكافحة الاتجار غير المشروع بالبشر).

كما دعا التقرير الى حماية العمال الوافدين، لا سِـيَّـما خدم المنازل الذين لا يستطيعون تغيير أرباب عملهم. الجدير بالذكر، أنَّ الحكومة البحرينية ألغت في يونيو 2009 نـظام (الكفيل) واستبدلته بـنظام جديد يتيح للعاملين تغيير أرباب العمل. إلاَّ أنَّ هذا الامتياز لا يشمل خـدم المنازل.

ونتيجة لذلك، يقول التقرير: (فإنَّ الضحايا المحتملين لعملية الاتجار بالبشر قد يواجهون تهمة انتهاك قوانين الهجرة أو العمل، ويكونون عرضة للاحتجاز، وترحيلهم دون حماية كافية. ومعظم العمال المهاجرين الذين تمكنوا من الفرار من سوء استغلال ارباب العمل تـمَّ إتهامهم لاحـقاً بأنهم "هاربين" وحُـكم عليهم بالسجن لمدة أسبوعين ومن ثمَّ ترحيلهم).

ووجَّـه التقرير أيضاً انتقادات للنظام القانوني لأنـه يبدو (متحيزاً) ضد العمال الوافدين، الأمر الذي يثبطهم من اتخاذ الإجراءات الجنائية ضد المتاجرين بهم.

وأشار التقرير إلى التدابير الوقائية التي اتخذتها الحكومة، وغيرها من الأطراف، للتصدي لهذه المشكلة بما فيها اصدار كراس يشرح القانون البحريني لمكافحة الاتجار بالبشر، والذي تضمن مناشدة العمال بتقديم الشكاوى عبر الخط الساخن من أجل إجراء التحقيقات. كما أصدرت الحكومة كراساً آخر يشرح كيفية الحصول قانونياً على تأشيرة عمل، ويشرح حقوق العمال، وكيفية الإبلاغ عن الانتهاكات. وفي نفس السياق نظمت الحكومة مؤتمرات صحفية لتسليط الضوء على الممارسات غير القانونية فيما يتعلق بالاتجار بالبشر، خاصة حجز جوازات سفر العمال الوافدين.

وأوصى التقرير البحرين بإتخاذ عدد من التدابير الوقائية وتدابير الحماية:

  •  زيادة معدل التحقيق والمقاضاة في جرائم الاتجار بالبشر وإدانة ومعاقبة مرتكبي المخالفات؛
  •  وضع وتطبيق إجراءات رسمية للتعرف على ضحايا الاتجار بالبشر من بين الفئات الضعيفة مثل خدم المنازل الذين فروا من سوء استغلال أرباب العمل وإجبارهم على ممارسة الدعارة، وإحالة الضحايا إلى خدمات الحماية؛
  •  ضمان عدم معاقبة ضحايا الاتجار بالبشر عن الأفعال التي ترتكب كنتيجة مباشرة للاتجار بهم، مثل الهجرة غير الشرعية أو الدعارة.

هذا وقد حـظي التقرير بتغطية واسعة في وسائل الاعلام البحرينية. ففي يوم 21 يونيو انتقد عبد الله الميرزا، الكاتب بصحيفة الوسط اليومية، الحكومة على عدم الرد رسمياً على التقرير، ودعا الى النظر إليه بواقعية.

أما رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب الشيخ عادل المعاودة فقد قـلَّـلَ من تأثير الـتـقرير على المستوى المحلي. وعلى النقيض من ذلك، ومع التسليم بالتقدم المحرز في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، دعا الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، عبدالله الدرازي، إلى إنشاء صندوق لحماية ضحايا الاتجار بالبشر في البحرين (صحيفة الوسط ، 21/6/ 2009).

وذكرت السيدة ماريتا دياز، الناطقة باسم جمعية حماية العمال الوافدين في البحرين، أن أوضاع العمال الوافدين تحتاج إلى تحسين من أجل الوصول لوضع أفـضل (صحيفة الوسط ، 19/6/2009).

ومن المهم الإشارة إلى أن البحرين قد اعتمدت في عام 2008 قانوناً لمكافحة الاتجار بالبشر، والذي ينص على فترة عقوبة أقصاها 15 سنة سجنا في حالة الادانة. وأنشأت وزارة الداخلية البحرينية (وحدة مكافحة الاتجار بالبشر) في إطار جهودها المبذولة في هذا المجال. وعلاوة على ذلك، استضافت البحرين مؤتمراً دولياً في مارس 2009 يـهدف إلى مكافحة الاتجار بالبشر، وإيجاد حل لهذه المشكلة، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق تلك الغاية (انظر عدد مارس 2009 من نشرة المرصد).

ودعا عبد الله الدرازي إلى تطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر على أرض الواقع، حيث لم يطبق هذا القانون إلاَّ في حالة واحدة فقط منذ اعتماده. كما أنه أكد على الحاجة لتدريب المدعين العامين والقضاة على كيفية تفسير وتطبيق أحكام هذا القانون من أجل حماية ضحايا الاتجار بالبشر.

وكملاحظة أخيرة، قبل شهر من إصدار وزارة الخارجية الامريكية لتقريرها، وبالتحديد في 13 مايو 2009، كان الوكيل المساعد في وزارة الخارجية، الشيخ عبد العزيز بن مبارك آل خليفة قد حدَّد المشكلة بأنها مشكلة دولية. وأثناء مخاطبته جلسة (الحوار الموضوعي للأمم المتحدة في نيويورك) دعا لعمل جماعي لوضع حد للاتجار بالبشر. وذكر: (من الواضح أن الاتجار بالبشر لا يمكن معالجته من جانب واحد. التعاون الدولي أمر أساسي، ويمكن أن يكون فعالاً في عدد من المستويات). وقـدَّم الشيخ عبدالعزيز رؤيتـه لمعالجة هذه المشكلة بقوله: (يجب العمل في بلدان المقصد لتحسين الكشف والإنفاذ وحماية الضحايا، وكذلك لرفع مستوى الوعي لدى كل من القطاعين العام وقطاع الأعمال بشأن المعاناة الناجمة عن الاتجار بالبشر، ولتبيان أن الأعمال التي تستخدم عمالة رخيصة وعمال تم الاتجار بهم هي ليست أكثر من اقتصادات زائفة تقوم على الاستغلال غير الإنساني للضعفاء).