كيف تكون الإجابات على الأسئلة والانتقادات الدولية
هناك انتقادات لاتزال توجه للبحرين من جهات حقوقية دولية، ومن بعض
الدول في مجلس حقوق الإنسان.
وهناك تساؤلات عديدة توجه للحكومة بشأن قضايا حقوقية محددة.
والإشكالات التي تبرز هنا عديدة:
أولها، أن المنظمات تشكو من عدم الإجابة، أو تأخر الردود.
وثانيها، ان الردود قد تكون غير كافية، ولا تجيب على الأسئلة المحددة
بالشكل الصحيح، او الكامل.
ثالثاً، تبيّن ان هناك اشكالية في مدى إقناع الردود الرسمية لتلك
الجهات الحقوقية الدولية على اسئلتها. فهذه المنظمات والمؤسسات الدولية
قد تنظر الى الردود الرسمية، حتى وإن كانت قوية، وكأنها عديمة المصداقية،
بسبب انعدام الثقة.
وفي بعض الأحيان تقول تلك المنظمات بأن ما يتم تقديمه من اجابات
أقرب ما يكون الى (التبرير) لسلوك الحكومة، وليس (معالجة) مشكلة حقوقية
بعينها.
ولهذا السبب، ظنّ البعض خطأً ان الحكومة في البحرين لا تريد أن
تجيب، او تتهرب من الإجابات، وهذا غير دقيق وغير صحيح في معظم الأحيان.
فحتى في القضايا التي لدى الحكومة ردوداً قوية، فإنها لا تظهر،
اي لا تبرزها الحكومة ولا تقدمها.
|
|
مجلس حقوق الإنسان
|
لكن يجب الإعتراف بأن هناك ضعفاً في الثقة من الطرفين، فحتى الحكومة
البحرينية لا تثق كثيراً في تلك المنظمات من جهة حياديتها واستقلاليتها.
ثم هناك نقص مهنيّ في الإجابات الرسمية وطريقة الرد. وهذا أقرب ما
يكون الى القصور، منه الى التقصير.
1/ في الردود الرسمية نلاحظ أن هناك اختلافاً في المرجعية القانونية
وفي التوصيف بين الموقف الرسمي والمنظمات الحقوقية الدولية. فقضية
ما، هي حرية تعبير عند المنظمات، وهي ازدراء وتحريض بالنسبة للموقف
الرسمي. هي حق في ممارسة حرية التجمع عند الحقوقيين، ولكنها توصف رسمياً
بالفوضى والخروج على القانون.
نحن بإزاء ثقافتين مختلفتين، وازاء مرجعيتين قانونيتين مختلفتين
احداهما محلية وطنية، واخرى دولية، ولكل واحدة معاييرها. وكان يفترض
ان يكون هناك تواؤم بينهما، على الأقل فيما يتعلق بقبول البحرين بمرجعية
القانون الدولي في قضايا محددة وضمن اتفاقيات تم توقيعها، او الانضمام
لها.
الإرباك يأتي من أن الإجابات الرسمية إنما تستند الى القوانين الوطنية
البحرينية، ولا تراعي ـ بالضرورة ـ القوانين الدولية، والمواثيق والمعاهدات
التي صادقت عليها البحرين، ولا المعايير الدولية ذات الصلة.
2/ ان المعلومات والاجابات والبيانات الرسمية، إنما تخاطب جمهوراً
محليّاً، شعبوياً؛ ويفترض ان الخطاب الرسمي الموجّه للمنظمات الدولية
الحقوقية، ان يستخدم مفردات حقوقية، وان يلاحظ مخاطبته لعقلية مختلفة
غير محلية، وله مرجعية ثقافية وقانونية مختلفة. وعليه يجب تطوير الخطاب
الحقوقي الرسمي، وملاحظة انه يختلف عن الخطاب المحلي، وأن تتم مخاطبة
المجتمع الدولي الحقوقي والسياسي، بلغته ووفق معايير حقوق الإنسان.
3/ استخدام العموميات والإستطراد، صفة في الخطاب العربي عموماً.
في المجتمع الحقوقي الدولي، هناك اسئلة واستفهامات محددة جداً في قضايا
محددة للغاية، فيجب التوجه لها بالإجابة مباشرة، وبدون عموميات.
4/ النقص في توفير المعلومات المستندة على الأدلة والوقائع. ففي
كثير من الأحيان تتوافر أدلة لدى السلطات، ولكنه لأسباب أمنية او خاصة
او لأسباب قانونية، كأن تكون بعض القضايا لا تزال منظورة لدى القضاء..
لذا، لا تقدم المعلومات الوافية. ولكن، يمكن التفاهم مع هذه المنظمات
الحقوقية بأن المعلومات التي توفرها السلطات، هي ليست نهائية أولاً،
وهي ليست للنشر ثانياً لأسباب قانونية. وإن من شأن توفير المعلومات
والرد السريع على التساؤلات، أن يقلص فجوة عدم الثقة بين الطرفين.
اما تقديم معلومات نقاصة، أو لا تغطي الحيثيات، ولا تُبرز الأدلة،
فذلك يجعلها عرضة للنقد والتشويه.
5/ إطلاق وعود متكررة لا يتم تطبيقها: (سنصدر قانون اعلامي ينظم
حرية الصحافة؛ سننظر في دعوة المقررين الخاصين لزيارة البحرين؛ سنصدر
قانون جديد للجمعيات الأهلية).
وعليه نصل الى التالي: أنه لكي يكون الخطاب الرسمي الحقوقي مقنعاً
ومهنياً فإنه يجب:
أن يكون مشفوعاً بالأدلة على ان الإجراءات والأحكام الصادرة في
قضايا حقوقية محددة، تتماشى مع القوانين الدولية، ومع الإتفاقيات التي
صادقت عليها البحرين. إذ لا يفيد الإستناد الى القوانين الوطنية فحسب،
ما لم تكن تلك القوانين متطابقة مع المعايير والإتفاقات الدولية. وعليه
يجب على الجهات الرسمية ان تبيّن أنها لم تخرق تلك القوانين والمعايير
الدولية أثناء اجابتها او حديثها.
|