كيف نمنع انتهاكات حقوق الإنسان

وضع المجتمع الحقوقي الدولي، منهجاً عملياً ونظرياً، في التصدّي لانتهاكات محددة لحقوق الإنسان. ووضع تشريعات وآليات ومناهج ومعاهدات وبروتوكولات لتحقيق تلك الغايات. فهناك مثلاً معاهدات وبروتوكولات بشأن الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والتعذيب. وفي الغالب يُطلب من الدول التصديق على المعاهدات والبروتوكولات بهذا الشأن.

في المنهجية العملية، فإن منظري حقوق الإنسان حققوا إنجازاً في كثير من القضايا، اعتماداً على أمرين:

منع وقوع الانتهاكات ابتداءً.

المعالجة في حال وقعت الإنتهاكات.

الآن، يُراد تطبيق هذه المنهجية على كافة انواع الإنتهاكات، وليس واحدة بعينها، بحيث تقوم الدول بجميع الخطوات اللازمة لاتخاذ التدابير والإجراءات الفعّالة لمنع وقوع الانتهاكات؛ وأيضاً أن تكون لديها الآليات والتشريعات التي تساعدها في معالجة آثار الانتهاكات، ومنع تكرارها في حال حدوثها.

السؤال: كيف نمنع وقوع الإنتهاكات ابتداءً. وكما يقول المثل العربي: (درهم وقاية، خيرٌ من قنطار علاج).

ترى أدبيات الأمم المتحدة التالي: (يرمي منع الانتهاكات بصورة مباشرة الى القضاء على عوامل المخاطرة، واستحداث إطار قانوني وإداري وسياساتي، يرمي الى منع الانتهاكات. ويتوقف المنع المباشر كذلك، على بناء ثقافة تقوم على احترام حقوق الانسان، والحوكمة الرشيدة، وسيادة القانون، وعلى توفير بيئة مواتية لنشوء مجتمع مدني حيوي، وصحافة حرّة).

ولو أخذنا منع التعذيب مثلاً، فإن ذلك يتطلب: اعتماد قوانين تحظر التعذيب، وتعاقب عليه، وكذلك اتخاذ ضمانات اجرائية، مثل تسجيل بالفيديو لعمليات التحقيق والاستجواب، وتوفير السجلات في أماكن الاحتجاز، وضمان الرقابة المستقلة لأماكن الاحتجاز، فضلاً عن قيام هيئات مستقلّة برصد السجون بشكل مستمر ومنتظم.

ولكن.. ما هي الخطوات الواجب اتخاذها من قبل الدول في حال وقوع الانتهاكات، وكيف يمكن الحيلولة دون تكرارها؟.

اول الخطوات: تحديد الأسباب الجذرية الكامنة وراء الانتهاكات، عن طريق اجراء التحقيقات.

وثانيها: ملاحقة الجناة ومعاقبتهم وفق القانون؛

وثالثها: ضمان حق الضحايا في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات، وكذلك حقهم في الحصول على انتصاف فعّال، ومن ضمنه التعويضات.

رابعها: وضع تشريعات في حال عدم تغطيتها لانتهاك بعينه، او تعديل بعض التشريعات وسدّ الثغرات القانونية التي تمنع تكرار الإنتهاك.

وفي كل الأحوال، فإن المسؤولية تقع بشكل شبه كامل على عاتق الدولة في منع الانتهاكات، وهذا يتطلب منها: التصديق على معاهدات حقوق الانسان وتنفيذها؛ وبناء ونشر ثقافة متسامحة تحترم حقوق الإنسان؛ وكذلك تفعيل المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني كي تضطلع بمهامها؛ وأخيراً فإن الدولة مسؤولة عن مساعدة الضحايا، وإنصافهم.