الترويج لحقوق الإنسان على الطريقة البريطانية

يعج المجتمع الحقوقي الدولي، من دول ومنظمات دولية رسمية، وأخرى غير حكومية، ومراكز فكر وبحوث ودراسات، بالعديد من المناهج والأساليب فيما يتعلق بالترويج لحقوق الإنسان، والإرتقاء بها، والوقوف في وجه ما يلحق بها من إنتهاكات في شتى بقاع العالم. غير أن السمة الغالبة لتوجهات هذه الجهات الحقوقية إزاء الإنتهاكات، يميل إلى الخشونة وأحياناً المجابهة مع مرتكبيها، وإلى توجيه الإنتقادات الحادة لهم، والدعوة إلى إتخاذ إجراءات دولية مشددة بحقهم، قد تصل الى حدّ التهديد بالتدخل العسكري.

بيد أن هناك من يعتقد بأن الضغوط والمواجهات قد لا تثمر، وأن الدبلوماسية الهادئة لها من القدرة على الإبحار في لجج قضايا حقوق الإنسان الشائكة، بما يكفل لها النجاح والوصول إلى بر الأمان، بأكثر مما تستطيعه سفن التشنيع والتهديد والوعيد.

تميل بريطانيا بنسبة كبيرة الى هذا المنهج الدبلوماسي الهادئ وتعتقد انه الوسيلة الأفضل لتطوير حقوق الإنسان. ولربما كان تاريخها خلال (الحقبة الإستعمارية) قد أتاح لها فرصة الإحتكاك المباشر بمختلف الثقافات والحضارات على إمتداد المعمورة، كما أتاح لها معرفة خصائص الشعوب والأعراق المختلفة، سواء كان ذلك من ناحية تكوينها الوجداني أو قناعاتها الفكرية والروحية.. فأدارت مصالحها عن طريق نهج دبلوماسي يراعي في كثير من الأحيان خصائص الطرف المقابل، ويتجنب مزالق المساس بما يثير حساسياته أو يبث الشكوك لديه.

ولقد ظل هذا النهج البريطاني القائم على التفهم العميق لخصوصيات الوضع الجيوسياسي والإجتماعي في منطقة الخليج عامة، والبحرين والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.. الأصل المتبع في قضايا سياسية، وكذلك في تعاطي بريطانيا مع ملفات حقوق الإنسان في المنطقة. ففي الوقت الذى تتعالى فيه، على سبيل المثال، أصوات الإستنكار للإنتهاكات الحقوقية، والدعوات لتشديد الضغط على البحرين.. نجد بريطانيا تتخذ منحى براغماتيا فتدخل في حوار مع البحرين، وتقدّم لها المشورة والمساعدة في جوانب حقوقية مختلفة، بغية تأسيس بنية حقوقية قادرة في المستقبل على حماية حقوق الإنسان. وهي إذ تقوم بذلك، في مشاريع متعددة مشتركة، لا تجد ضرورة لرفع الصوت أو تشديد النكير والتشهير.

وكانعكاس لهذه السياسة البريطانية، فقد كان لها تصنيفها الخاص بها للدول في تقاريرها الحقوقية الدورية الصادرة عن وزارة خارجيتها. فمثلاً، صنّفت التقارير البريطانية البحرين في خانة الدول المثيرة للقلق؛ ثم وضعتها بعد فترة في خانة الدول المصنفة تحت مسمى (حالة قيد الدراسة)، وهي درجة تنطوي على إعتراف بحدوث تقدم ملموس في الدولة المعنية، وبوجود شواهد على إمكانية المزيد من التحسن مستقبلا، والإستعداد للتجاوب مع أية جهود خارجية مخلصة للمساعدة في هذا الشأن.

وغني عن القول، فإن موقف الحكومة البريطانية هذا، قد ووجه بانتقادات داخلية وخارجية. لكن ظلت وزارة الخارجية البريطانية على موقفها ومنهجها في معالجة أوضاع حقوق الإنسان في الدول المعنية. وواجهت الإنتقادات بالشرح والتوضيح داخل ساحة البرلمان البريطاني، كما قاومت ضغوط كبريات المنظمات الحقوقية الدولية غير الحكومية والصحافة المحلية والعالمية في هذا الشأن.

ومؤخراً، كشفت الخارجية البريطانية وبالوثائق تفاصيل تحركها الدبلوماسي داخل ساحة حقوق الإنسان في البحرين، وفق قانون حرية المعلومات لعام 2000، الذي يلزم الجهات الحكومية والمؤسسات على تزويد الجهات الراغبة بكافة المعلومات التي تطلبها، عدا تلك التي قد يشكل الكشف عنها خطرا أو تهديدا للمصالح البريطانية العليا، أمنية كانت أم سياسية أو إقتصادية أو تجارية.

ففي الفترة من مارس حتى أكتوبر من العام 2015، كان لزاما على الخارجية البريطانية الرد على جملة إستفسارات تقدمت بها أربع جهات، يرجح أن يكون بينها منظمات حقوقية دولية كبرى. وتدور الاستفسارات حول حجم وأبعاد تعامل الخارجية البريطانية مع ملف حقوق الإنسان في البحرين. وقد أتاح ما كشفت عنه الحكومة البريطانية، فرصة للإطلاع على ما تقوم به من جهود، وما تقدمه من مساعدات للإرتقاء بأوضاع حقوق الإنسان في البحرين، وما تتوخاه من نجاح في هذا الشأن.

مساعدات بريطانيا للبحرين في المجال الحقوقي

نستعرض فيما يلي، التساؤلات المقدمة للحكومة البريطانية، واجابة وزارة الخارجية عليها، وهي تكشف النهج البريطاني المتبع في معالجة القضايا الحقوقية في الدول المعنية.

  • سؤال حول ما إذا كانت الحكومة البريطانية تقوم حالياً، وتهتم مستقبلاً، بتوفير التدريب، أو أي من أشكال المساعدة لكل من المؤسسة العسكرية والشرطة أو الأجهزة الأمنية في البحرين؟.

الجواب: في سبيل دعم برنامج حكومة البحرين الإصلاحي، تقوم حكومة المملكة المتحدة بتقديم حزمة من المساعدات الفنية، بما فيها التدريب للشرطة والأجهزة الأمنية. وتتضمن هذه الحزمة مشروعين يتمحوران حول إتاحة المشاركة في أفضل الممارسات التي تتسق مع المعايير الدولية فيما يتصل بالعمل الشرطي داخل الأحياء السكنية، وحول خلق الوعي بأفضل الممارسات الدولية، وتوفير المعلومات الأولية والأساسية حول حقوق الإنسان، من أجل تأهيل المستجدين، ممن سيتولون مواقع ضباط سجون. وكل هذه المشاريع ستكون مصحوبة بالآليات الخاصة بالمساعدات الأمنية والعدلية الخارجية.

  • سؤال حول ما إذا كانت الحكومة البريطانية تقوم حاليا بتوفير أي من أشكال التدريب في مجال منع التعذيب، سواء كان للشرطة أو الأجهزة الأمنية بما فيها ضباط السجون، وديوان المظالم، ووحدة التحقيق الخاصة؟ مع تزويدنا بالتفاصيل حول ذلك التدريب، بما في ذلك طبيعته، وشكله، والغرض منه.. وما إذا كانت هناك مؤسسات حقوقية خارجية تضطلع بتسهيل التدريب للأجهزة الأمنية في البحرين.

الجواب: تقدم المملكة المتحدة حزمة من المساعدات الفنية دعما لحكومة البحرين في برنامجها الإصلاحي، وتمكينها من تنفيذ توصيات كل من: اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق؛ وآلية الأمم المتحدة للمراجعة الدورية الشاملة. إن المعلومات المتعلقة ببرنامج حكومة المملكة المتحدة للمساعدات متاحة بالتفصيل في تقرير وزارة الخارجية البريطانية السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان، والذي يتم تحديثه كل ستة أشهر. إن جانبا من المساعدات التي تقدمها المملكة المتحدة تركز على تقوية الآليات الإشرافية المناط بها التحقيق في إتهامات التعذيب وإساءة المعاملة، وكذلك على دعم إصلاح إجراءات الإحتجاز في البحرين. ويشتمل عمل المملكة المتحدة في هذا المجال على ما يلي:

1/ دعم إنشاء ديوان مظالم مستقل للتعامل مع أية شكاوى ضد وزارة الداخلية. وبتمويل من المملكة المتحدة، ظلت إدارة التعاون لما وراء البحار بإيرلندا الشمالية، تقوم بتوفير بناء القدرات والإشراف على دعم ديوان المظالم.

2/ دعم إنشاء مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين في البحرين، بمساعدة مؤسسة مفتشية السجون البريطانية. ولقد أتاحت الأخيرة فرصة التعرف على أفضل الممارسات البريطانية، وعلى التدريب والتوجيه فيما يتصل بالقيام بمهام تفتيش السجون البريطانية، ورفع التقارير في هذا الشأن. إن إنشاء مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، مطلب مسبق كي تتمكن البحرين من الإنضام للبروتوكول الإختياري الملحق بمعاهدة مناهضة التعذيب.

3/ دعم مراجعة إدارة السجون ومعايير الإحتجاز في البحرين. وهذا الأمر يتضمن قيام مستشارين بريطانيين بالعمل مع وزارة الداخلية البحرينية، لإدخال سياسات وإجراءات تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، ولضمان إتساق خطط السجون الجديدة مع معايير الأمم المتحدة.

4/ خلق الوعي بأفضل الممارسات الدولية، وتوفير المعلومات الأولية والأساسية حول حقوق الإنسان، من أجل تأهيل مستجدي الشرطة الذين سيشغلون مواقع ضباط سجون.

5/ المشاركة في أفضل الممارسات التي تتسق مع المعايير الدولية فيما يتصل بالعمل الشرطي داخل الأحياء السكنية، وذلك بمساعدة إدارة التعاون لما وراء البحار بإيرلندا الشمالية.

6/ وبالنسبة لقياس درجة نجاح التدريب الذي توفره المملكة المتحدة، فإن من صميم الممارسات المعهودة، أن نقوم فور إتمام المشاريع التي نوفرها لحكومة البحرين، بتقييم أثرها. وينطبق هذا الأمر على كل برامج ومشاريع المساعدات البريطانية للبحرين. وحصيلة هذا التقييم يتم رفعها للعلم ولتطوير اية مساعدات مستقبلية نقوم بتوفيرها.

  • استفسار بشأن تفاصيل موازنة المساعدات للبحرين لعام 2015/ 2016 والبالغ قدرها 2.1 مليون جنيه إسترليني، حسبما أعلنه وزير الدولة توباس إلوود، وخاصة ما يتصل منها بالجهات المستهدفة بالمساعدة، وحول المنظمات المستخدمة بواسطة وزارة الخارجية في برنامج المساعدات، والمبالغ المخصصة لكل منها، وأسماء ومواقع عمل المسؤولين البحرينيين الذين سيشاركون في برنامج وزارة الخارجية للتدريب.

الجواب: استمرت المملكة المتحدة ومنذ العام 2012 في توفير أشكال من العون الفني والعملي لحكومة البحرين، لمساعدتها في تنفيذ توصيات كل من: اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق؛ وآلية الأمم المتحدة للمراجعة الدورية الشاملة.

وبالنسبة لمبلغ الـ 2.1 مليون جنيه إسترليني المخصص لصندوق برنامج الخليج للعام 2015/ 2016، فإن حوالى 2 مليون جنيه إسترليني سيتم توجيهها لبرنامج مساعدة الإصلاح. كل مجالات عملنا مع البحرينيين تصب في خدمة تقوية سيادة حكم القانون، المصالحة الإجتماعية، والحكم الرشيد، وهي تشمل:

  • دعم بناء قدرات ديوان المظالم عبر إدارة التعاون لما وراء البحار بإيرلندا الشمالية من أجل زيادة المساءلة.
  • توفير التدريب في المملكة المتحدة لمفوضية حقوق السجناء والمحتجزين بواسطة مفتشية السجون البريطانية.
  • دعم المنظمات غير الحكومية المحلية، وجمعيات الشباب، من أجل الإرتقاء بحرية التعبير، وذلك عبر (معهد كوسواي لبناء السلام، وفض النزاعات).
  • إصلاح نظام الأحداث القضائي، وذلك عبر إدارة التعاون لما وراء البحار بإيرلندا الشمالية.
  • دعم الإصلاح القضائي من خلال تطوير وتحديث نظام إدارة المحاكم، وذلك عبر المدرسة الوطنية للإدارة الحكومية (البريطانية).
  • تطوير فعالية نظام الإصلاح وإعادة التأهيل في البحرين عبر إدارة التعاون لما وراء البحار بإيرلندا الشمالية.
  • تطوير بنى وهياكل المنظمات غير الحكومية، وزيادة رقعة مشاركة المجتمع المدني، في عملية صياغة السياسات والتشريع، وذلك عبر مفوضية العمل الخيري في إنجلترا وويلز.

إن من صميم الممارسات المعهودة، أن نقوم بتقييم برامج ومشاريع عمل وزارة الخارجية بغية تحسين ما يمكن أن نقدمه من مساعدات في المستقبل. وتقوم وزارة الخارجية بتحديث بيانات برنامج عملها من خلال تقريرها السنوي حول اوضاع حقوق الإنسان، والذي تصنف فيه البحرين ضمن بند (حالة قيد الدراسة). ولا توجد في الوقت الحالي نية لإصدار تقييم منفرد لبرنامج البحرين.

أما بشأن تزويدكم بأسماء المسؤولين البحرينيين المشاركين في برامج وزارة الخارجية التدريبية، فإن هذه المعلومات شخصية تتعلق بطرف ثالث، يتعارض الكشف عنها مع مبدأ حماية المعلومات، والذي ينص على أن المعلومات ذات الصبغة الشخصية، ينبغى التعامل معها بعدالة وبشكل قانوني. إن الجانب المتعلق بالعدالة من هذا المبدأ هو الذي، في تقديرنا، سيتم إنتهاكه لو قمنا بالكشف عن المعلومات المطلوبة. وفي مثل هذه الظروف، فإن المادة 40 من قانون حرية المعلومات، تتيح الإستثناء من الكشف.

  • سؤال يتعلق بوفد المملكة المتحدة عال المستوى، الذي بعثته الخارجية البريطانية الى جنيف في سبتمبر 2015، بشأن ملف البحرين الحقوقي.. سواء من جهة تشكيله، وعدد أعضائه، وتمويله، وأسباب مشاركته، وما قام به من نشاطات؟.

الجواب: تشكل الوفد من خمسة أعضاء هم:

ـ رئيس قسم السياسة الداخلية والصحافة والشؤون العامة في السفارة البريطانية بالمنامة.

ـ رئيس فريق البرامج في السفارة البريطانية بالمنامة.

ـ المدير الإداري بمعهد (كوسواي).

ـ مستشار تطوير العدالة الجنائية بإدارة التعاون لما وراء البحار بإيرلندا الشمالية.

ـ قائد فريق التفتيش بمفتشية السجون البريطانية.

وقد قام الوفد بزيارة جنيف للتباحث مع بعثة المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، والتقى مع تشكيلة واسعة من المحاورين ذوى الشأن، بمن فيهم منظمات غير حكومية، لتنويرهم بما تم إحرازه من تقدم بحريني في مجالي الإصلاح، وحقوق الإنسان، مع التركيز على برنامج المملكة المتحدة للمساعدة. ويأتي زيارة الوفد متسقا مع الهدف السامي لحكومة المملكة المتحدة في البحرين، ألا وهو: دعم عودة البحرين كدولة مستقرة وإصلاحية، وذات سجل جيد في مجال حقوق الإنسان.

وقد إلتقى الوفد مع: ممثلي بعثات دول الإتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة بجنيف؛ وممثلين عن بعثة سويسرا لدى الأمم المتحدة بجنيف؛ وممثلين عن منظمات حقوقية غير حكومية، بما فيها أميريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين؛ ومعهد القاهرة؛ والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان؛ هيومان رايتس ووتش؛ وأمنستي. إضافة الى ممثلين عن بعثات كل من الولايات المتحدة، كندا، أستراليا ونيوزيلاندا لدى الأمم المتحدة بجنيف.

وقد تم تمويل مهمة الوفد بواسطة حكومة المملكة المتحدة من خلال صندوق (النزاع، الأمن والإستقرار) المخصص للبحرين، والبالغ حجمه 2.1 مليون جنيه إسترليني.

خلاصة

يميل المسؤولون في البحرين وفي دول أخرى، خليجية وغيرها، الى هذه الرؤية البريطانية، فالعقلية أو طريقة التفكير في المجتمعات الشرق أوسطية، والخليجية على وجه الخصوص، هي ثمرة نسيج متشابك من الإرث الإجتماعي (القبلي) والثقافي والديني، والذي يعطي لتلك المجتمعات خصائص مختلفة عن تلك السائدة في المجتمعات الغربية.

ومن هذا المنظور، فإنه لا مندوحة من الفهم المؤسس، والتقدير العميق لهذه الحقيقة لكل من أراد الإقتراب من معالجة قضايا منطقة الخليج، بهدف تحقيق القدر المرغوب من النجاح.

إن قضايا حقوق الإنسان، المثارة بواسطة الحكومات الغربية، وكيانات حقوق الإنسان الدولية، تمثل أحد أهم منابع التوتر في علاقاتها مع دول منطقة الخليج، ومع البحرين على نحو خاص. والمشكلة لا تكمن فى التعبير عن القلق تجاه تلك القضايا في حد ذاته؛ وإنما في طريقة إيصال هذا التعبير.. هل يكون بصورة سرية، وعلى شكل نصح، ومساعدة فنية، أم يتمحور فقط على شكل بيانات وتقارير وانتقادات علنية؟

إن الكتمان ومراعاة السرية تمثلان عنصرين أساسيين لخصلة لها مكانة القداسة في عرف البحرين وسائر أطراف الخليج، وهي رديفة للإحترام. ويعتقد المسؤولون في البحرين وغيرها من دول الخليج، أن فرص المعالجة الناجعة للقضايا مهما تشعبت وتشابكت، تزداد إن تم الإقتراب منها بكتمان ودبلوماسية هادئة، بينما تؤدي العلنية، إلى المزيد من تعقيدها. حيث يُنظر رسمياً الى كشف القضايا علانية وتمريرها في وسائل الإعلام كافة والنقاش العام حولها، بمثابة تصعيد وعدائية وتشهير، وتالياً هو يمثل مبعثاً للإهانة والإستحقار؛ وعليه لا تؤدي المجابهة الاعلامية العلنية الى تسوية القضايا الحقوقية وحلحلتها بالضرورة، بل قد تولّد تحدياً يدفع الطرف الآخر أكثر فأكثر نحو التعنت والتصلب.

نخلص من هذا إلى أن الركون إلى الدبلوماسية الهادئة والكتمان في التعامل مع الحكومة البحرينية لمعالجة بواعث القلق بشأن أوضاع حقوق الإنسان، والنأي عن توجيه الإنتقادات علنا على رؤوس الأشهاد، من الممكن أن يؤتي ثمارا وأن يحقق نتائج أكثر إيجابية. فالبحرين، دون شك، ستقدر مثل هذا النهج الذى ينم عن الإحترام، وستكون أكثر إستعدادا للتجاوب بشكل إيجابي.