أعلى سلطة حقوقية في العالم
المفوضية السامية: الدور والأهداف والآليات
طريق صعبة لحماية حقوق الإنسان
إعداد: حسن موسى الشفيعي
|
حسن موسى الشفيعي |
تشكل المفوضية السامية لحقوق الإنسان، الحجر الأساس في العمل الحقوقي
الدولي، فهي المرجعية القانونية لحقوق الإنسان في العالم، وهي المرجعية
الرقابية الأساس عبر مؤسساتها ومنظماتها المتعددة، وخبرائها المتنوعون
في أكثر الحقول المرتبطة بحقوق الإنسان؛ ثم إنها تمثل المرجعية الأساس
في توجيه الضغوط السياسية على الدول التي تنتهك القانون الدولي لحقوق
الإنسان، فضلاً عن أنها الجهة المخوّلة قانونياً بالإشراف على تطبيق
الدول للمعاهدات والمواثيق الدولية المتصلة بحقوق الإنسان في شتى القضايا.
بعبارة أخرى، وحسب نصوص المفوضية نفسها، فإنه قد عُهد اليها (ولاية
تعزيز وحماية تمتّع جميع الناس بجميع حقوق الإنسان، المنصوص عليها
في ميثاق الأمم المتحدة، وفي القوانين والمعاهدات الدولية في مجال
حقوق الإنسان)، وذلك عبر وسائل عديدة من بينها (منع انتهاكات حقوق
الإنسان، وتأمين احترام جميع حقوق الإنسان، وتعزيز التعاون الدولي
لحماية حقوق الإنسان، وتنسيق الأنشطة ذات الصلة داخل الأمم المتحدة،
وتعزيز منظومة الأمم المتحدة وترشيد عملها في مجال حقوق الإنسان، وقيادة
الجهود الرامية إلى إدماج نهج بخصوص حقوق الإنسان داخل جميع الأعمال
التي تنفذها وكالات الأمم المتحدة).
والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والذي يتخذ من جنيف مقرّاً له، هو
المسؤول الأول للقيام بكل الوظائف المناطة بالمفوضية وأنشطتها. تعيين
المفوض السامي، يقترحه الامين العام للأمم المتحدة، وتوافق عليه الدول
الأعضاء في الأمم المتحدة من خلال اجتماع في الجمعية العمومية، ما
يعطيه تفويضاً وسلطة دولية كبيرة، باعتباره المسؤول الأول عن حقوق
الإنسان في العالم برمّته.
المرجعية الدولية لحقوق الإنسان
تطورت قوانين وأنشطة الدفاع عن حقوق الإنسان، اعتماداً ـ في الأساس
ـ على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر في العاشر من ديسمبر
1948؛ والذي حدد ونص على هدف مشترك لكل الأمم والشعوب، وهو: حماية
الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأساسية
التي ينبغي أن يتمتع بها جميع البشر. وقد أصبح ذلك الإعلان، المعيار
الأساس في القانون الحقوقي الدولي الذي يُقاس وفق نصوصه مدى التزام
الدول واحترامها لحقوق شعوبها. وعلى أساس الإعلان العالمي، أضيف الى
جانبه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وبروتكوليه الاختيارين،
والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذا كلّه
يمثل ما أصبح يطلق عليه: (الشرعة الدولية لحقوق الإنسان).
هذه (الشرعة الدولية) مُلزمة للدول جميعاً ما دامت طرفاً فيها،
بأن تحترم حقوق الإنسان وتحميها، وتفي بها؛ وأن توائم قوانينها المحلية
وفقها، وأن تحمي الأفراد والجماعات من انتهاكات تلك الحقوق، بل وتقوم
بتيسير التمتّع بحقوق الإنسان الأساسية عبر إجراءات إيجابية تتخذها.
أما إذا فشلت الدول عبر قوانينها المحلية في حماية حقوق مواطنيها والتصدي
للإنتهاكات، فإن لدى المجتمع الدولي ـ وعبر شرعة حقوق الإنسان ـ آليات
وإجراءات تتيح للأفراد الشكوى من أجل تطبيق المعايير الدولية لحقوق
الإنسان وتنفيذها.
أولويات وآليات عمل المفوضية السامية
عموماً فان أولويات عمل المفوضية السامية يتجه الى:
- إعطاء الأولوية لمعالجة أشد انتهاكات حقوق الإنسان ضغطاً،
الحادة منها والمزمنة على السواء، وبصفة خاصة الانتهاكات التي
تعرّض الحياة لخطر وشيك؛
- تركيز الاهتمام على اولئك الذين يتعرّضون للخطر، والشديدي
التأثر على مختلف الاصعدة؛
- إيلاء الاهتمام على قدم المساواة لإعمال الحقوق المدنية والثقافية
والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بما في ذلك الحق في التنمية؛
|
مقر المفوضية السامية
لحقوق الإنسان ـ جنيف |
ومن ناحية آليات عمل المفوضية السامية، فإن الأخيرة:
- تركز طريقة عمل المفوضية على ثلاثة أبعاد رئيسية: (وضع المعايير،
والرصد، والتنفيذ على أرض الواقع). وهي هنا تقوم بتقديم أفضل الخبرات،
والدعم الفني إلى مختلف هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة،
عند قيامها بمهامها الخاصة بوضع المعايير والرصد. والمفوضية السامية
تضطلع بدور الأمانة العامة لمجلس حقوق الإنسان.
- تعمل المفوضية السامية مع الحكومات والهيئات التشريعية ومع
القضاء والمؤسسات الوطنية، والمجتمع المدني، والمنظمات الإقليمية
والدولية، ومنظومة الأمم المتحدة لتنمية وتعزيز القدرات.
- تتعاون المفوضية بشكل وثيق مع جميع وكالات الأمم المتحدة لضمان
أن تشكل حقوق الإنسان ركيزة عمل الأمم المتحدة؛ ما يعني إدماج
منظور حقوق الإنسان في جميع برامج الأمم المتحدة. والغرض من هذا
هو ضمان أن يكون السلم والأمن، والتنمية، وحقوق الإنسان – الركائز
الأساسية الثلاث للأمم المتحدة – عناصر مترابطة ومتعاضدة.
- تقود المفوضية الجهود العالمية في مجال حقوق الإنسان، وتعبر
عن آرائها بصوت مرتفع في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان أينما وقعت،
كما توفّر محفلاً ـ كمجلس حقوق الإنسان ـ لتحديد التحديات الراهنة
في مجال حقوق الإنسان وتسليط الضوء عليها، وتنسيق الأنشطة المتعلقة
بالبحث والتثقيف والإعلام والدعوة وغيرها.
- تقدم المفوضية ما يلزم من مساعدات للحكومات، باعتبارها المسؤولة
الأساس عن حماية وتعزيز حقوق الانسان، مثل الخبرة، والتدريب الفني
في مجالات إقامة العدل، والإصلاح التشريعي، والعملية الانتخابية،
والمساعدة في تنفيذ المعايير الدولية لحقوق الإنسان على أرض الواقع.
- تقدم المفوضية مساعداتها أيضاً للمجتمع المدني، والمنظمات
الأقليمية وغيرها، والتي تمارس دورها في حماية حقوق الإنسان..
مساعدتها في أداء مهماتها والوفاء بالتزاماتها، وكذلك مساعدة الأفراد
في الدفاع عن حقوقهم والتمتع بها.
- تدعم المفوضية عمل المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة،
والخبراء المستقلين، وفرق العمل التي يعينها مجلس حقوق الإنسان،
وذلك لرصد أوضاع حقوق الإنسان في بلدان مختلفة، من خلال زياراتهم
الميدانية، وتلقي الشكاوى مباشرة من ضحايا الانتهاكات، ومناشدة
الحكومات نيابة عن الضحايا؛ اضافة الى تقديم الأبحاث القانونية
إلى هيئات المعاهدات الأساسية لحقوق الإنسان. كما تدعم المفوضية
لجان الخبراء المستقلين، المكلفة برصد امتثال الدول بالتزاماتها
التعاهدية، وهي تجتمع بصورة دورية لبحث التقارير الواردة من الدول
الأطراف وإصدار التوصيات.
- للمفوضية وجود ميداني لضمان تنفيذ المعايير الدولية لحقوق
الإنسان على أرض الواقع، وللوصول إلى أشد الناس احتياجاً إليها؛
وتحديد التحديات ومواجهتها بالتعاون مع الحكومات والمجتمع المدني،
ووكالات الأمم المتحدة الأخرى، في مجال رصد الأوضاع، وتنفيذ المشاريع
كالتدريب التقني، واصلاح المنظومة العدلية، والتشريعية، وغيرها.
التعاون التقني
أعدت الأمم المتحدة برنامجاً للتعاون التقني في ميدان حقوق الإنسان
منذ عام 1955، يقوم على مساعدة الدول، بناء على طلبها، في بناء وتدعيم
الهياكل الوطنية التي لها تأثير مباشر على الإلتزام العام بحقوق الإنسان،
والمحافظة على سيادة القانون. ويوفر البرنامج مساعدة عملية في بناء
البنى التحتية الوطنية والإقليمية لحقوق الإنسان.
يعتمد البرنامج على:
1/ إدماج المعايير الدولية لحقوق الإنسان في القوانين والسياسات
الوطنية؛
2/ مساعدة المؤسسات الحقوقية الوطنية كي تنهض بمهمة حماية حقوق
الإنسان والديمقراطية في إطار سيادة القانون؛
3/ وضع خطط عمل للدولة المعنية من أجل النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها؛
4/ تثقيف وتدريب الكوادر الحكومية والأهلية في مجال حقوق الإنسان؛
5/ النهوض بثقافة حقوق الإنسان.
أما آليات المفوضية المعتمدة في مساعدة الدول، فتتم عبر تقديم خدمات
استشارية، ودورات تدريبية، وعبر ورش عملية ونظرية، وكذلك عبر الزمالات،
والمنح، وتوفير المعلومات والوثائق، وتقييم الحاجات المحلية.
خطة عمل المفوضية في الوقت الحالي
تتمحور خطة المفوضية في الوقت الحالي، وتحت رئاسة المفوض السامي
الجديد، الأمير زين بن رعد الحسين، على ستة محاور أساسية، كما وردت
في التقرير الصادر عن المفوضية السامية والذي قدمته للجمعية العامة
للأمم المتحدة في الرابع عشر من أغسطس 2014. المحاور الستة هي:
أولاً ـ تعزيز الآليات الدولية لحقوق
الإنسان (مجلس حقوق الانسان؛ الاستعراض الدوري الشامل؛ الإجراءات الخاصة
عبر المقررين الدوليين؛ هيئات المعاهدات).
ثانياً ـ تعزيز المساواة ومكافحة التمييز.
ويشمل مكافحة التمييز العنصري أو على أساس الجنس، وضد كبار السن والمهاجرين؛
وتبنّي قضايا الدفاع عن الشعوب الأصلية والأقليّات؛ كما يهتم بالمساواة
بين الجنسين وحقوق المرأة؛ وحماية حقوق ذوي الإعاقة. ويعدّ التمييز
أحد المبادئ التأسيسية للقانون الدولي لحقوق الانسان، وتعدّ مكافحة
التمييز هدفاً شاملاً تسترشد به المفوضية السامية لحقوق الانسان.
ثالثاً ـ مكافحة الإفلات من العقاب، وتعزيز
المساءلة وسيادة القانون؛ وذلك من خلال دعم إجراء إصلاحات تشريعية
ومؤسسية، وبناء قدرات موظفي الجهاز القضائي والمكلفين بإنفاذ القوانين
على الإمتثال للقواعد والمعايير الدولية اثناء أداء مهامهم، وتيسير
حماية الضحايا، وإمكانية حصولهم على سُبل الإنتصاف؛ وكذلك عبر دعم
إجراءات (العدالة الإنتقالية).
رابعاً ـ إدماج حقوق الإنسان في التنمية
وفي المجال الإقتصادي. فقد أثبتت الإنتفاضات، والصراعات الإجتماعية،
والأزمات المالية، وتزايد التفاوت الإقتصادي والفقر والحرمان.. أن
الإفتقار الى المساءلة في المجال الإقتصادي، وأوجه عدم المساواة والإستعباد،
كلها أمور تقوّ ض حقوق الإنسان بجميع أنواعها.
خامساً ـ توسيع نطاق الحيّز الديمقراطي؛
من خلال تحديد الاتجاهات التي تقيد الحريات العامة دون مبرر، والتي
تحدّ من فعالية المجتمع المدني؛ ويعد المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون
الهدف الرئيس للقيود والتهديدات والاعتداءات.
سادساً ـ الإنذار المبكّر، وحماية حقوق
الإنسان في حالات النزاع والعنف وانعدام الأمن.
المفوض السامي: مهمة صعبة
لأول مرة منذ تأسيس المفوضية السامية لحقوق الإنسان في 1993، أصبحت
شخصية عربية تحتل أكبر منصب حقوقي دولي، وهو منصب المفوض السامي لحقوق
الإنسان. إنه الأمير زيد بن رعد الحسين. ولا شكّ أن اختيار المجتمع
الدولي لشخصية شرق أوسطية، كان مقصوداً، وذلك لأن هذه المنطقة تعدّ
من أسوأ مناطق العالم احتراماً لحقوق الإنسان، وهي منطقة تعيش أزمات
سياسية واجتماعية عميقة، تفرز المزيد من الانتهاكات، وتعيق النظر الى
بصيص الأمل بتطوير حقوق الإنسان.
|
من نشاطات المفوضية في البحرين |
إن تعيين مفوض سامٍ من الدول العربية، يمثل فرصة وعبئاً في نفس
الوقت. فرصة، لأن المفوض يعرف المنطقة وثقافتها وشعوبها، ويدرك مسالك
التغيير فيها، ولذا كان الأمل عليه أن ينجح فيما لم ينجح فيه آخرون
من المفوضين قبله.
اما كونه عبئاً، فيُخشى أن الأنظمة العربية تتعامل مع هذا المفوض
السامي كجزء من نسيجها السياسي، ولا تعطيه حقّ قدره، كشخصية دوليّة،
وبالتالي قد لا تسمع منه، وتعيق عمله بدلا من التعاون والمساندة التي
يفترض ان تقدمها له، كيما تتجاوز هذه المنطقة حالة البؤس والتشرذم
والحروب والضياع.
هناك فرصة أمام العالم العربي لإنجاح مهام المفوض السامي لتحقيق
الأهداف المناطة به، ولإصلاح الوضع الحقوقي العربي، خدمة للسلطات السياسية
ولشعوب المنطقة نفسها. إن فشل المفوض السامي سيعتبر فشلاً عربياً،
وقد لا تتكرر تجربة تعيين ممثل عربي مسلم على مستوى دولي وفي مثل هكذا
مناصب.
ستنزعج الأنظمة العربية عموماً ـ وكعادتها ـ من نقد المفوضية، خاصة
اذا جاء من المفوض السامي نفسه، فكيف به ان كان عربياً، وكأنها تتوقّع
منه أن يحابيها، ويراعي مشاعرها، ويتخلّى عن مسؤولياته التي على أساسها
اختاره العالم مفوضاً. هذا لن يحدث، مثلما لم يفد الضغط او النقد او
الانزعاج من المفوضين السابقين، فهو يسير على ذات منهجهم ووفق المعايير
الدولية، والإرشادات التي وضعت لتحقيق أهداف المفوضية ومن ورائها دول
العالم، أعضاء الأمم المتحدة.
الحلّ هو أن يُحترم المفوض السامي العربي الأمير زيد بن رعد الحسين،
من خلال تفهمهم لطبيعة منصبه ونشاطه، والتعاون معه ـ صدقاً ـ لحلّ
بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان في كل بلد عربي، فالدول العربية
ليست استثناءً من القاعدة، أو شاذّة في النظر اليها والتعامل معها
من قبل المفوضية.
صحيح ان المفوض السامي الجديد يفهم الوضع العربي بدقّة، كونه عربياً،
وهذا التفهّم يفترض أن يسهّل عمله من خلال البحث المشترك بين الدول
العربية والمفوضية في آليات إصلاح الوضع الحقوقي العربي. أما وضع عقبات
جديدة، أو الإستهانة بموقع المفوض، والإنزعاج من أدائه لكونه عربياً
يرى البعض انه يجب أن يراعي ويحابي.. فهذه نظرة خاطئة، ولن تفيد المفوضية
ولا المفوّض ولا الدول العربية نفسها، وتالياً لن تفيد في اصلاح وتطوير
أوضاعنا الحقوقية، التي يعترف الجميع أنها سيئة، وقد تكون في بعض البلدان
بالغة السوء.
المفوض السامي من خلال بياناته
فيما يلي استعراض لنماذج بعض بيانات المفوض السامي زيد بن رعد الحسين،
والتي تعكس مواقف المفوضية السامية، والتي تمثل تطبيقاً أميناً لسياسات
المفوضية، والتزاماً شفافاً بمعايير حقوق الإنسان وشرعته.
خطاب المفوض السامي أمام مجلس الأمن (18/11/2014):
لا يجوز في الإسلام تفسير مسائل الشريعة بسطحية، وتجاهل الأصول
العلمية الاسلامية.
لا يجوز في الاسلام عدم الأخذ بالوقائع المعاصرة عند وضع الأحكام
القانونية.
لا يجوز في الاسلام قتل الأبرياء.
لا يجوز في الإسلام قتل الرُّسُل والسفراء والدبلوماسيين، وبالتالي
لا يجوز قتل الصحفيين، وعمال الاغاثة.
لا يجوز في الاسلام إيذاء أو إساءة المعاملة بأي طريقة للمسيحيين
أو أيّ من أهل الكتاب.
من الملزم في الإسلام اعتبار الأيزديين من أهل الكتاب.
لا يجوز في الإسلام إعادة العمل بالعبودية وهي التي ألغيت عالمياً.
لا يجوز في الاسلام إجبار الناس على تغيير دياناتهم.
لا يجوز في الإسلام حرمان النساء من حقوقهن.
لا يجوز في الإسلام حرمان الأطفال من حقوقهم.
لا يجوز في الإسلام تعذيب الناس.
لا يجوز في الإسلام التمثيل بجثث الموتى.
ولا يجوز في الإسلام إعلان الخلافة بدون موافقة جميع المسلمين.
هذه بعض النقاط التي أوردها 126 عالماً اسلامياً من مختلف انحاء
العالم في رسالتهم الى أبي بكر البغدادي.
يا لها من وحشية تلك الجرائم التي ترتكب من قبل التكفيريين في العراق؛
ليس فقط لانها تمثل انتهاكا لاحكام الشريعة، بل لانها أيضاً تنتهك
القوانين العرفية التي تعتبر الشريعة مصدرها الأساسي. لقد أذهل هؤلاء
التكفيريون العالم. وبناء على الأدلة الشاملة الموجودة الآن، وخاصة
فيما يتعلق بالأيزيديين، يمكن القول بأن ثلاثاً من أصل الجرائم الخمس
المندرجة في إطار جريمة الإبادة الجماعية - كما هو وارد في اتفاقية
الإبادة الجماعية ونظام روما الأساسي – قد ارتكبت من قبل الأفراد داخل
قيادة التكفيريين، أو ما يعرف أيضاً باسم داعش. ومن بين الإحدى عشرة
جريمة التي تمّ تعريفها بأنها جرائم ضد الإنسانية في نظام روما الأساسي..
من المرجح أنهم أيضا مذنبون بتورطهم فيما يصل الى تسعٍ من هذه الجرائم.
اما بالنسبه لجرائم الحرب، فان ارتكابهم لعدد منها، لا يمكن انكاره،
حيث أن أركانها أو مضمونها نافذ. إن مرتكبي هذه الجرائم أناس تثير
تصرفاتهم الاشمئزاز، ومن الواضح ان ضمائرهم قد استلبت.
لقد ركزت الاستراتيجيات الوطنية والدولية في مواجهة داعش ـ وحتى
الآن ـ على المعالجة الأمنية. وقد أجاز مجلس الأمن قراراً هاماً لإعاقة
تدفّق مجنّدي داعش من جميع أنحاء العالم. وكان هناك أيضا جهد عسكري
كبير. لكن القليل من الإهتمام قد أُعطي للصراع الأساسي في وجهات النظر.
ومن المقلق جداً قلّة أو حتى عدم قيام المظاهرات العامة الغاضبة في
العالمين العربي والاسلامي اعتراضاً على تلك الجرائم التي ترتكب في
العراق، على الرغم من الإدانه الواضحة من قبل العديد من الحكومات العربية
والإسلامية.
ان الحركة التكفيرية تقودها أيديولوجية ستدمّر كل ما هو موجود ويتعارض
مع ما تعتقده. وبالنسبة لهؤلاء التكفيريين، هناك طريقة واحدة فقط مقبوله
للحياة؛ وإن أي شكل آخر من أشكال الفكر الفردي الخارج عن منطقهم القاسي
والعنيد، مرفوض. وطبقاً لفكرهم، فإنه يجب قتل كل المعارضين لهم وتدمير
كل ذكرياتهم وحضاراتهم، بل وكل ذرّة من وجودهم. إن كل شخص موجود في
هذه القاعة يستحق الموت وفقاً لتصورهم.
بيان المفوض السامي بشأن الأزمة الليبية (17/2/2015):
يحث المفوض السامي جميع الأطراف في ليبيا على السعي إلى حوار جدي
لوضع حد للنزاع الحالي. هذا هو الحل الوحيد. فالطريق إلى ليبيا يعمها
السلم والازدهار، يتطلب الحفاظ على حقوق الإنسان للجميع، بغض النظر
عن الانتماء العقائدي، العرقي أو السياسي. ويعتبر الانضمام إلى المجموعات
التي تمجد سفك الدماء، أو نسخ هذه المجموعات، أو الخنوع لها، بمثابة
شراء تذكرة ذهاب بلا عودة للكارثة، ليس فقط لك أنت، بل لأقاربك ومجتمعك
بأسره. إن تبنّي سلوك تكفيري متطرّف من شأنه أن يضيف معاناة فوق معاناة
على كاهل بلد يعيش الأزمات، كما رأينا وبوضوح كبير في سوريا والعراق.
بيان المفوض السامي حول الأوضاع في مصر (27/1/2015):
إن الاستقرار المستديم، وطويل الأمد في مصر، يتطلب احترام حقوق
الانسان الأساسية. وفي غياب هذا الاحترام، تتصاعد مشاعر الظلم وغياب
العدالة، وتتشكل بيئة خصبة حاضنة لمزيد من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية...
من مصلحة جميع الفرقاء الالتفاف حول حوار بناء، وبذل مجهود لحل جميع
القضايا العالقة في مصر بطريقة سلمية.
بيان المفوض السامي حول جريمة تشارلي أبدو (7/1/2015):
إنّ حرية التعبير والرأي هما الاساس لأي مجتمع ديمقراطي. ويجب ألا
نعطى فرصة لأولئك الذين يحاولون تفريق المجتمعات على أساس الدين أو
العرق أو لأي سبب آخر. و يجب أن نتحد جميعا تحت مظلة سيادة القانون
للوقوف معا ضد مثل هذه الأعمال الإرهابية. فسيادة القانون تتطلب أيضا
أن نسعى الى ايقاف ومعاقبة الافراد المسؤولين مباشرة عن تنفيذ مثل
هذه الجرائم، أو التخطيط لها، أو التواطؤ في مثل هذه الجرائم المحدّدة.
ولكن يجب علينا الحذر من إلقاء اللوم على أي من المجموعات بشكل واسع.
إذا ما سمح لهذا الهجوم ان يغذي التمييز والتحيز، فأننا نكون قد
وقعنا فريسة في أيدي المتطرفين الذين يهدفون وبشكلٍ واضح إلى التفريق
ما بين الأديان والمجتمعات. ومع تنامي مشاعر الكراهية ضد الأجانب وتلك
المعادية للمهاجرين في أوروبا.. اعبر عن قلقي الشديد أن يتمّ استغلال
هذا الفعل المروّع والمتعمد من قبل متطرفين من مختلف الانتماءات.
في اجتماع المفوض السامي مع اللجنة التنسيقية الدولية للهيئات
الوطنية لحقوق الإنسان (12/3/2015):
تقوم المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بعمل حيوي لتعزيز الحكم الرشيد
وسيادة القانون في بلدانها. انها بمثابة الجسور المهمه التي تربط الحكومات،
والبرلمانات، والقضاء، والمجتمع المدني، بعضهم ببعض . وفي الكثير من
الدول التي تمر حاليا بأزمات، او غيرها من الدول التي خرجت مؤخرا من
صراعات، فإن الجهود التي تبذلها المؤسسات الوطنية لتحقيق الإنصاف والعدالة
لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان يمكن لها أن تكون حيوية لتحقيق المصالحة.
إننا نواجه إرتداداً و نكوصاً عن الانجازات الهامة في مجال حقوق
الإنسان من قبل الجماعات المتطرفة، التي تزعم أنها تمثل القيم التقليدية،
وربما الاكثر انتشارا هو ما نراه من الحكومات التي ترحب شفويا بمبادىء
حقوق الانسان، لكنها تفشل يومياً في ضمان حماية هذه المبادىء بشكل
فعال، عندما تكون هناك حاجه لتطبيقها على ارض الواقع.
الأمير زيد بن رعد الحسين
■ حاصل على شهادة بكالوريوس من جامعة جونز هوبكنز،
ودكتوراه من جامعة كامبردج (كرايست كوليدج).
■ تم تعيينه مفوضاً سامياً لحقوق الإنسان في الأول
من سبتمبر 2014، بعد موافقة الجمعية العامة في 16
يونيو 2014 على قرار تعيينه الصادر عن الأمين العام
للأمم المتحدة. وبذلك، يكون زيد سابع شخص يتولى قيادة
المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إضافة إلى كونه أول
آسيوي وعربي ومسلم يشغل هذا المنصب.
■ في عام 1989، عُيّن الأمير زيد ضابطاً في قوات
البادية الأردنية (خَلَف الجيش العربي)، التي خدم
فيها حتى عام 1994.
■ عمل مسؤولاً عن الشؤون السياسية في قوة الأمم
المتحدة للحماية في يوغوسلافيا السابقة في الفترة
من فبراير 1994 إلى فبراير 1996.
■ شغل منصب نائب ممثل الأردن الدائم لدى الأمم
المتحدة برتبة سفير من عام 1996 إلى عام 2000؛ ثم
أصبح مندوب الأردن الدائم لدى الأمم المتحدة في الفترة
من عام 2000 إلى عام 2007، ثم من سبتمبر 2010 إلى
يوليو 2014.
■ عمل كسفير للأردن في واشنطن بين الأعوام 2007
و2010.
■ عيّنته الحكومة الأردنية في 2004، ممثلاً لها
لدى محكمة العدل الدولية في المسألة المتصلة بالجدار
الذي تبنيه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في سبتمبر 2002، انتُخب الأمير زيد أول رئيس لجمعية
الدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية
الدولية.
■ في العام 2004، سُمّي الأمير زيد مستشاراً للأمين
العام في شؤون الاستغلال والاعتداء الجنسيين.
■ بين 2004 و 2007، ترأس اللجنة الاستشارية لصندوق
الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفم).
■ في عام 2009، طُلب إليه أن يترأس المراحل الختامية
من المفاوضات المعقدة المتعلقة بجريمة العدوان، وتحديداً
فيما يتعلق بتعريفها القانوني، والشروط التي يجب توافرها،
لتمارس محكمة نورمبرغ اختصاصاً بشأنها.
■ تولى في يناير 2014، رئاسة مجلس الأمن.
|
|
وللمؤسسات الوطنية وضع فريد، يتيح لها رصد ومنع وقوع انتهاكات لحقوق
الإنسان، مثل التعذيب، والاحتجاز التعسفي، والاتجار بالبشر، وجميع
أشكال التمييز. وهناك عدد من المؤسسات الوطنية تجري تحريات وطنية في
هذه الانتهاكات، وتشرع ايضا في اتخاذ التدابير لمنع وقوعها. اعتقد
ان هذه الاجراءات هي من الوظائف الاساسية للمؤسسات الوطنية. ان الاستراتيجيات
الشاملة لتوفير العدالة والإنصاف، ورفع الظلم عن الضحايا، يمكن أن
تساعد على استعادة الحياة الطبيعية في أوقات الأزمات.
المفوض السامي في خطاب له حول مكافحة التطرف واحترام حقوق الإنسان
(5/1/2015):
هناك خطر حقيقي من أن قادة الرأي وصناع القرار، قد يفقدون ـ في
خضم تعاملهم مع عنف التطرف ـ قدرتهم على إستيعاب عمق المبادىء التي
تمثل الركيزة الداعمة لنظام الأمن العالمي، الذي بنته الدول قبل 70
عاما لدرء أهوال الحرب. ان مكافحة الإرهاب، هي نضال من أجل إعلاء قيم
الديمقراطية، وحقوق الإنسان - وليس تقويضها. (أيضاً) ان عمليات مكافحة
الارهاب غير المحددة، وغير المتكافئة، والوحشية، وتلك التي تفتقر إلى
الإشراف والرقابة الكافيين، تؤدي الى انتهاك ذات المعايير التي تسعى
للدفاع عنها. كما ان هذه العمليات تنطوي على خطر تزويد الإرهابيين
بأداوات دعائية، ما يجعل من مجتمعاتنا غير حرّة وغير آمنة. (كذلك)
فإن استخدام التعذيب، وتجاهل إتباع الإجراءات القانونية، وممارسة العقاب
الجماعي.. لا تجعل العالم أكثر أمناً.
لقد هالني المدّ المتصاعد من الهجمات في مختلف أنحاء العالم، والتي
تستهدف الناس بسبب معتقداتهم الدينية. لازلنا نشهد وقوع الأعمال المروعة
الناتجة عن الكراهية العرقية والدينية، في بلدان عديدة بما فيها بلدان
في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية. علاوة على توفر أدلة على عدم
عدالة الأداء الشرطي، وعلى ما يصدر عنه يوميا من إهانات ومن إقصاء
للبعض... يجب أن يكون واضحاً بأن الخوف من الإسلام، ومعاداة السامية،
والهجمات التي تستهدف المسيحيين، أو بعض المجموعات الأخرى بسبب معتقداتهم..
هي مظاهر مماثلة لحالات التعصب المميت.
عندما يشعر زعماء أقوياء بالتهديد من تغريدة، او مدونة، أو خطبة
يلقيها طالب في المدرسة الثانوية، فهذا يدل على ضعف متأصل.
وعندما يتم اختطاف الكتّاب وحبسهم، وجلدهم، أو إعدامهم؛
وكذلك عندما يتم الاعتداء على الصحفيين، وتعريضهم للعنف الجنسي
والتعذيب والقتل؛
وعندما يتم قتل المتظاهرين السلميين من قبل البلطجية؛
وعندما يلقى القبض على محامي حقوق الإنسان، والمدافعين عن حقوق
الإنسان والنشطاء، ومن ثمّ سجنهم بتهم زائفة، كالتحريض على الفتنة؛
وعندما تتم مهاجمة الصحف أو إيقاف عملها.. فان مثل هذه الحالات
تؤدي الى تقويض أسس الحكم المستقر.
ان الشعوب هي التي تحافظ على الحكومات، وهي التي تخلق الازدهار،
وهي التي تشقى، وتعلّم الآخرين؛ كما أنها هي التي تدفع من عرقها مقابل
الخدمات الحكومية. ان نضال الشعوب هو الذي أنشأ الدول، وعمل على إستدامتها.
وإن الحكومات وجدت لخدمة الشعوب، وليس العكس.
خطاب المفوض السامي أمام مجلس حقوق الإنسان (2/3/2015):
يجب إحترام حقوق الانسان بدون انتقائية، وعدم الاستناد إلى الظروف
الاستثنائية، لتعطيل تطبيق حقوق الانسان بشكل كامل. من الضروي إحترام
حقوق الإنسان للمرأة والمهاجرين ومن ضمنهم أولئك الذين يوجدون في وضع
غير قانوني، بالإضافة إلى الحق في التعليم، والحق في التعبير عن الرأي
السياسي المعارض. ينبغي على الدول أن لا تنتهك الحقوق السياسية والمدنية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لشعوبها.
إن الأغلبية الساحقة من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء
العالم، يشتركون في خاصيتي الحرمان والتمييز ـ سواء ذلك القائم على
أساس العرق أو الجنس، أو المعتقدات، أو الميول الجنسية، أو الطائفة،
أو الطبقة ـ بالإضافة إلى التعرض للجوع، والمجازر، والعنف الجنسي،
والعبودية.
معظم انتهاكات حقوق الإنسان تنتج عن خيارات سياسية، تحدّ من الحرية
والمشاركة؛ وتضع عقبات أمام التقاسم العادل للموارد والفرص. إن أقوى
أداة لدينا ضد الفقر والصراع، هي سلاح التعليم واسع النطاق، واحترام
حقوق الإنسان للجميع، والعدل والمساواة، وهي عناصر متشابكة بشدة، من
شأنها بناء مجتمعات عادلة واثقة وقوية، تبني تنمية حقيقية، وتحقق سلاما
دائما.
إن القضاء الفاسد، والتفاوت الاجتماعي، ينتج العنف، ويعمق الفقر،
مقابل تمتع أقلية بالرعاية الصحية والموارد الحيوية الأخرى. يجب اتخاذ
تدابير لمنع التجاوزات، ومعالجة عدم المساواة الاجتماعية، بما يحقق
كرامة الشعوب.
|