ملك البحرين في حوار مع موقع هارفرد:
الحقوق تحددها المواطنة لا الإنتماء المذهبي
في حوار له مع موقع جامعة هارفرد الأميركية، تحدث عاهل البحرين
حمد بن عيسى آل خليفة عن قضايا تتعلق بحاضر البحرين ومستقبلها، ورأى
أنه رغم ما مرّت به البحرين من مشاكل خلال السنوات الثلاث الماضية
إلا أن (الأمور تتحرك في الطريق الصحيح) سياساً واقتصادياً. وبالنسبة
للمستقبل رأى انه يعتمد على الإصلاحات، وعلى العمل الجمعي (بمن فيهم
أفراد العائلة المالكة) من أجل توفير حياة أفضل ضمن (مجتمع مفتوح يحترم
حقوق جميع الناس الذين يعيشون على ارض البحرين بغض النظر عما اذا كانوا
مواطنين أو لا).
ورأى الملك بأن مستقبل البحرين لا يصنعه الحماس والشعارات، وضرب
مثلاً بالربيع العربي، حيث كانت للشعوب (تطلعات وآمال عديدة ومختلفة..
والآن هم مصابون بخيبة أمل من ذلك. اعتقد ان قلوب الكثير من الناس
العادية محطمة لأنه حياتهم ساءت بسبب انهيار المؤسسات والانظمة، فمن
السهل ان تدمر ولكن من الصعب ان تبني).
ورسم الملك ملامح مستقبل البحرين في قضايا عديدة أشار اليها، وهي
كالتالي:
هناك أولاً مسألة الحوار الوطني بين مكونات الشعب البحريني للتوصل
الى توافق بشأن القضايا الكبرى، باعتبار الحوار (الطريق الوحيد الصحيح
بالنسبة للبحرين).
وهناك ثانياً، مسألة قبول الرأي الآخر، وحرية الإختلاف، فبدونه
لا تتطور المجتمعات، وقد حدد الملك موقفه من ذلك بقوله: (جميل أن نختلف
مع الحكومة وأن نسعى لتطوير القوانين، وهناك طريقة واحدة لذلك، ليست
العنف بل التحاور، وليست التخويف والترهيب ولكن التأقلم مع الآخرين).
بمعنى آخر: نعم للإختلاف وممارسته بشكل حضاري سلمي، ولكن لا للعنف
والخراب، فهو لا ينتج بلداً مستقراً متطوراً.
وهناك ثالثاً، الإيمان بحتمية التغيير، فالعالم يتغير، والمجتمعات
ليست جامدة في تطلعاتها ومواقفها، وبالتالي لا بدّ من اعادة فهمهما،
واستيعاب تطلعاتها. وقد أكد الملك على ذلك: (أنا شخصياً أريد التغيير
ربما أكثر من أي شخص آخر). ولاحظ أن ثورة المعلومات ووسائل التواصل
الاجتماعي تمثل عنصراً أساسياً في تشكيل المجتمعات الحديثة، ولم يعد
الإعلام الرسمي يحتكر التوجيه كما كان سابقاً. ومن هنا تحدث الملك
في حواره مع موقع هارفرد عن أهمية اصلاح القطاع الإعلامي في البحرين،
حيث شدد على أهمية حرية التعبير كسمة للعصر الحديث ينبغي ان تكون مكفولة،
بحيث (لا يتعرض أي شخص في البحرين للمقاضاة بسبب آرائه).. لكن القانون
لا يحمي أولئك الذين يتجاوزونه ويخرقونه حتى في قضايا لها علاقة بحقوق
الناس، كما هو الحال في مواضيع التظاهر في مناطق حساسة بدون الحصول
على أي ترخيص.
وفي هذا السياق، تطرّق الملك الى انشاء الهيئة العليا للإعلام والإتصال،
تتولى وضع السياسات الإعلامية، كخطوة اساسية لتطوير الإعلام الرسمي
وضمان قيامه بمهامه بموضوعية ومهنية.
اما الملمح الرابع من رؤية المستقبل، فتتعلق ببناء مجتمع المواطنة
والمساواة، حيث أكد الملك بأنه (لن تكون لديك حقوق خاصة بسبب انتمائك
لطائفة أو معتقدات محددة. هنا في البحرين الشيء الوحيد الذي نعرفه
هو أن الأغلبية من السكان مسلمون، كما أن كافة الطوائف الدينية تمارس
عباداتها في أجواء من الحرية والاحترام. الجميع يتمتعون بحقوق المواطنة
وحق التظلم والمطالبة بالتغيير، و لكن لا أحد يكون له الحق في إقصاء
الآخرين، نحن نقف على مسافة متساوية من جميع أبناء شعبنا).
ويشكل موضوع حقوق الإنسان عنصراً حاسماً في تشكيل صورة البحرين
المستقبلية، وحسب الملك فإنه (قد أتينا بلجنة دولية مستقلة كتبت تقريرا،
وقلنا إننا نقبل التغيير المطلوب والإصلاحات التي يجب أن تحدث، لكن
هذه عملية متواصلة). لقد حدث تغيير كبير منذ تقرير بسيوني، لكن البعض
يعتقد بأن شيئاً لم يتغير، وقد فنّد الملك هذا الزعم وأشار بتفصيل
الى (إصلاحات في مختلف القطاعات، مثل الشرطة والنظام القضائي) وتعديل
عشرين مادة دستورية (وهو ما حتّم على مجلس الوزراء الجديد ان يحوز
على ثقة المجلس المنتخب).
وأخيراً أكد الملك على الإنفتاح والتعاون والإستفادة مما لدى الآخرين
من الحلفاء والأصدقاء، ولكن في حدود عدم التدخل في الشؤون الداخلية
للبحرين. فهو من جهة نظر باعجاب الى دول الإتحاد الأوروبي، وقال بأن
بإمكانها أن تنتقد (عندما نرتكب أخطاء.. لكن يجب أن يساعدوننا على
أن نصبح أفضل. نرحب بأي طرف يريد أن يساعدنا). وحدد الملك بعض ما تحتاجه
البحرين من مساعدة: (نعترف أننا بحاجة للمساعدة في قطاعات الشرطة والصحة
والقضاء، وبما أننا حلفاء ونريد الإصلاح لكي نصبح أحسن، يجب أن تقدم
لنا المزيد من المساعدة).
|