البحرين: الإلتزام بالحوار وحقوق الإنسان

كان صعباً على الملك وولي العهد أن يشهدا تراجعاً للمشروع الإصلاحي، وتراجعاً في سمعة البحرين بسبب الأخطاء والتجاوزات. ولكن ظروف الأزمة، وانتصار خطاب التشدّد، وسيادة العاطفة الفئوية، وتحكم الشارع بالقرار السياسي لعدد من اللاعبين، أدّت الى ما أدّت اليه. يظهر بشكل مجمل أن الملك وولي العهد اللذين أطلقا مبادرة حوار كمخرج للأزمة، كانا يريدان ضبط الأمن والإستقرار وسيادة القانون، مع الحدّ الأدنى من الخسائر، ولكن الأمور لم تجرِ بالضرورة على هذا النحو، نظراً لضعف الضبط أثناء الأزمة، والهيجان العام، وتفشي الروح الطائفية.

لكن من الواضح، أن الحكومة أدركت حجم الأخطاء التي جاءت في سياق اجراءاتها، كما أدركت حجم القلق الذي انتاب أصدقاء البحرين في الخارج، والتأثيرات السلبية على مستقبلها وسمعتها، ولذا حاول الملك وولي عهده استعادة ضبط الأوضاع، وحلّ المشاكل والقيام بخطوات تصحيحية، عبر التأكيد على القانون وسيادته، وعلى مواجهة التجاوزات، والعودة الى مشروع الإصلاح الذي يتضمن كل مفردات الإحترام للمواطنين وتحقيق حرياتهم وتطلعاتهم، والبدء بأسرع وقت ممكن بالحوار الوطني كمخرج أساس للأزمة السياسية.

وقد انعكس كل هذا على تصريحات القيادة السياسية وعدد من المسؤولين، وشهدنا مؤخراً بداية خطوات تصحيحية على الأرض، يؤمل لها أن تتواصل وتهيئ المناخ اللازم للحوار والمصالحة الوطنية. فيما يلي مقتطفات من التصريحات والمواقف للمسؤولين:

جلالة الملك، 31/5/2011: (إن ما مرّ بنا من أحداث خلال الفترة الماضية لا يجب أن نتوقف عنده إلا من أجل استخلاص الدروس والعبر، فعجلة الإصلاح قد تحركت منذ بداية الإجماع التاريخي على ميثاق العمل الوطني الذي قرر من خلاله شعب البحرين الكريم الانتقال إلى فصل جديد من تاريخه، ليكون عنوانه التحديث الشامل والحياة الكريمة، وتكريس التمثيل الشعبي والمشاركة في صنع القرار وبناء حاضر أبناء البحرين، ورسم مستقبل الأجيال القادمة. إن الإصلاح هو المشروع الذي لم ولن نحيد عنه... من الذي لا يريد أداءً حكومياً أكثر كفاءة؟ أو تمثيلاً تشريعياً أكثر فعالية؟ أو جمعيات سياسية ومؤسسات مجتمع مدني تعمل في إطار الوحدة الوطنية والتزام حكم القانون؟... من لا يريد ذلك فهو لا يؤمن بالتطور، كما أنه لن يستطيع أن يوقف السير الطبيعي الصحيح لتقدم حياة الشعوب... الحوار هو خيار استراتيجي وطني للوصول إلى الحلول المطلوبة والمتوافق عليها. إننا نوجه السلطتين التنفيذية والتشريعية للدعوة لحوار للتوافق الوطني بشأن الوضع الأمثل لمملكة البحرين، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للتحضير لهذا الحوار الجاد والشامل - ودون شروط مسبقة - ليبدأ مع بداية شهر يوليو من هذا العام، ليبادر الجميع بالاشتراك فيه.. من أجل دفع عجلة الإصلاح لمزيد من التطور في كافة المجالات، والمساهمة في ترسيخ قواعد المشروع الإصلاحي).

رئيس الوزراء، سمو الأمير خليفة بن سلمان، 5/6/2011: دعا جميع أطياف المجتمع إلى أن تشارك بإيجابية ووطنية في الحوار الوطني الشامل الذي دعا له الملك، وطرح ما لديها من آراء ومقترحات من أجل صالح الوطن، وأن يتمسك الجميع بالحوار، ويحرص أشد الحرص على إنجاحه، باعتباره المخرج الآمن الذي يؤسس لمرحلة جديدة من النهضة والتقدم الشامل.

سمو ولي العهد، بعد لقائه بوزير الخارجية البريطاني، 25/5/2011: (هناك نشاط كبير للتعامل الشامل مع قضايا أساسية تهم المستويين الوطني والدولي، حيث إن هدفنا هو البناء على المسيرة التاريخية في التنمية والإصلاح والتي هي واضحة وجلية عندما نراها من منظور إقليمي واسع.. مملكة البحرين ملتزمة وبشكل كامل بالإصلاح المستمر ضمن إطار المشروع الإصلاحي الذي يقوده عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأن مواصلة خطوات التقدم فيه تستند إلى أسس التوافق والاستقرار والاستدامة والمسئولية، مع وضع أهداف واقعية نصب أعيننا تكون قابلة للتحقيق ومقبولة للبحرينيين جميعاً... البحرين تمكنت من تجاوز وتخطي الصعوبات في السابق، وستتمكن من ذلك مجدداً كبلد موحد بقيادة جلالة الملك... الأحداث المؤسفة التي وقعت كانت مختلفة في طبيعتها، وجاءت كنتيجة سلبية لرفض أحد الأطراف الاستجابة لمبادرة جلالة الملك في بدء حوار وطني شامل، والذي تشرفت بتكليفي به من جلالته، وانعكس ذلك على طبيعة المجتمع البحريني، وسبب حالة من الاستقطاب غير المقبول، وأدى إلى إعطاء المجال للمتشددين لخلق حالة اضطراب وعنف، ما استدعى تطبيق قانون السلامة الوطنية للحيلولة دون تفادي الوضع ووقوع مصادمات تقسم المجتمع).

سمو ولي العهد، 4/6/2011: (مملكة البحرين ماضية بثبات نحو عهد جديد بفضل الجهود الرَّامية إلى تعزيز المكتسبات الديمقراطية المستمرة من خلال المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة). وأكد خلال لقائه مع بان كي مون في 3/6/2011 على: التزام مملكة البحرين بالحوار الوطني الشامل الذي دعا إليه جلالة الملك للوصول إلى توافق حوله بين جميع فئات المجتمع عبر المؤسسات الديمقراطية، وصولاً إلى تعزيز الوحدة الوطنية وصون السلم الأهلي. كما شدد على التزام مملكة البحرين الثابت والراسخ بمبادئ حقوق الإنسان، واحترامها للحريات الأساسية بما فيها حرية التجمع والرأي في ظل الشرعية والقانون والدستور.

سمو ولي العهد، 4/6/2011: أعرب عن إيمانه (بضرورة أن يكون الحوار شاملاً ومفتوحاً للجميع، حيث يجب أن يضم الحوار جميع الآراء وأن يتم وفق مبدأ الإجماع، لكي تكون نتائجه مستدامة الأثر. ومن هذا المنطلق يتعين على الجميع المشاركة). وأضاف: إن (امتلاكنا إطاراً اقتصادياً قوياً، وترافق ذلك مع الإصلاحات السياسية والاجتماعية المرتقبة التي ستضاف إلى مسيرتنا في مملكة البحرين من خلال الحوار، يشجعنا على التطلع إلى المستقبل بكل ثقة).

سمو ولي العهد يؤكد عقب لقائه الرئيس الامريكي، 7/6/2011: (أرحب بدعم الرئيس أوباما وتفهمه فيما يتعلق بالحوار الوطني القادم، وكذلك ملاحظاته بشأن الظروف المطلوبة لضمان نجاحه. أشاطر الرئيس تماماً فيما يتعلق برؤيته فيما يتعلق باحترام الحقوق العالمية، واستمرار البحرين في عملية إصلاحية جادة، والتي لها أولوية أساسية في المملكة. الولايات المتحدة الأمريكية حليف تاريخي للمملكة، وهي على أعتاب الدخول في مرحلة جديدة من الإصلاح. إن التزام البحرين المستمر ببرنامج الإصلاح، الذي أطلقه الملك قبل عقد، لن يتزعزع. إن اعلان ترحيب والتزام مختلف الأطراف السياسية في المملكة بمبادرة الحوار، مؤشر هام على أن استمرار عملية التنمية الديمقراطية في مملكة البحرين، لا بد أن تكون مقرونة بالاستقرار، وأن تتم بالتوافق. عملية الاصلاح لن تكون سهلة، وستواجه العديد من التحديات التي يتعين تخطيها، بما في ذلك معالجة القضايا التي قسمت المجتمع البحريني وأدت الى استقطابات فيه. البحرين تتعلم من هذه الفترة القريبة، وقامت بخطوات لضمان أن يكون تناول القضايا المطروحة والدروس المستفادة من الماضي القريب قد أفادت مستقبلنا. اتجاهنا قد تم تحديده الى الأمام نحو إصلاحات أشمل ينتفع منها الجميع).

سمو ولي العهد بعد لقائه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، 7/6/2011: (انه لاختبار عظيم، ولكنه يمثل فرصة عظيمة أيضاً، أن أقود أمتي الى الأمام. نحن ملتزمون بالإصلاح في المجالين السياسي والإقتصادي، وأود أن أؤكد مكرراً على العمل مع حليفتنا الولايات المتحدة، من أجل تحقيق ذلك).

سمو ولي العهد، 8/6/2011: (ضمان نجاح الحوار يتطلب مشاركة جميع الأطراف وتوافقها مع التمسك بإصرار الشعب البحريني بكل مكوناته على روح الوحدة والتلاحم والاعتدال).

معالي وزير الخارجية، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، 18/5/2011، في مقابلة مع PBS NewsHour: البحرين تدرس حالياً إطلاق سراح بعض الموقوفين، وأنها في المرحلة الحالية لا تسعى لحوار حكومة ومعارضة، وإنما لحكومة تسعى لتحقيق المصالحة لكل الشعب بمختلف مكوناته. وبشأن تصريحات المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والتي وصفت الإجراءات الأمنية في البحرين بالقاسية، ودعت إلى التحقيق فيها من قبل الهيئات الدولية، قال الوزير: (نحن نسمع كل ما يقال، ولا نقول إن هناك من لا يقول الحقيقة. ولا شك أننا نرى ونسمع المبالغات في جميع أنحاء العالم. ولكن ذلك لا يعني أننا ندعي بأننا «ملائكة» تماماً. ونحن نتطلع بالتأكيد إلى الصورة بأكملها والنظر فيما حدث. وإذا كان هناك أي خطأ فيما حدث، فلن نتسامح مع ذلك أبداً).

معالي وزير الخارجية، 1/6/2011: (توجد إرادة شعبية وجهود حكومية حثيثة للتعامل الشامل مع القضايا الأساسية التي تهم الصعيد الوطني. هدف المملكة هو البناء على المسيرة التاريخية للتنمية والإصلاح. ومملكة البحرين ملتزمة، بشكل كامل، بالإصلاح المستمر ضمن إطار المشروع الإصلاحي، وأنها لن تتراجع عن ذلك).

معالي وزير الخارجية، 2/6/2011، قال بأن البحرين ملتزمة بالحوار الوطني الذي دعا له عاهل البلاد، وبالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وأشار الى أن البحرين هدفها تطبيق تلك المعايير تأكيداً لاهتمامها بهذه الحقوق، لذلك شجعت القطاع الخاص على إعادة العمال المفصولين، وأنشأت لجنة وزارية لمراجعة التظلمات والإفراج عن الكثير من المتهمين في مختلف القضايا. كما أكد استعداد البحرين تطوير تجربتها الديمقراطية لتلبي طموحات المواطنين، مؤكداً في الوقت ذاته أن الحوار الوطني في ظل المؤسسات الديمقراطية كفيل بتلبية طموحات المواطنين. واضاف بأن البحرين تعمل على تهدئة التوجهات الطائفية في المجتمع، تمهيداً لانطلاقة الحوار الوطني، وأكد أن بلاده ستستمر في تعزيز حقوق الإنسان وهي تتعاون حالياً مع جميع المؤسسات الحقوقية، وأنها ملتزمة بالمواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.

معالي وزير العدل في لقاء صحافي، 2/6/2011: جلالة الملك (يريد من جميع المواطنين ان يتجهوا إلى مشاركة ايجابية فعالة والا تؤثر الفترة الماضية على الوشائج الاجتماعية، وعلى طبيعة نظرة البحرينيين الى علاقاتهم ببعضهم بعضا، كذلك الا تؤثر على ما اعتدنا عليه من طرق للتحاور في ما بيننا، والا يفتح المجال لاختطاف الحوار عن طريق إنزال الناس الى الشارع ويؤخذ الحوار الى الشارع، فقطعياً لا يوجد حوار في الشارع، بل هي عملية تؤدي الى استقطابات في المجتمع، ولا يستطيع احد ان يتحاور في الشارع. اعتقد ان الجميع تألم من المرحلة الماضية، ولا احد يريد ان يعود الى الوراء، نريد أن نؤكد أن الابواب مفتوحة وأن الحوار لم ينقطع، وأن هناك حوارا للتوافق الوطني فلابد من التحضير له. يجب التركيز على كيف نريد ان نرى البحرين بعد الأزمة. المرحلة القادمة سوف تشهد مرحلة تغيير كبيرة، ونقاش واسع وشفاف، وهو ما يشكل فرصة أمام الناس بأن يخرجوا من معاناتهم بتجربة أكثر صقلاً ووعياً وإدراكا).

وزير العدل، 2/6/2011: (وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف كانت قد أعلنت قبل خطاب الرئيس الامريكي بحوالي شهر إعادة بناء دور العبادة ضمن خطط لتطويرها، ونحن لا نتكلم بردود أفعال تحددها تصريحات دولية في هذا الأمر، فنحن أعرف باحتياجات بلدنا، وبناء أماكن العبادة على أسس سليمة).

سعادة جواد بن سالم العريض نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة المشكلة للنظر في الأحداث التي وقعت منذ 14 فبراير 2011، 8/6/2011: إجتماعات اللجنة ستتواصل خلال الفترة القادمة بغية معرفة الظروف والأسباب التي أدت إلى وفاة عدد من المواطنين والمقيمين خلال الأحداث التي وقعت.

سعادة وزير العمل، 11/5/2011: (باب التظلم لا يزال مفتوحاً لكل من يملك أدلة ووقائع تثبت أن فصله يعد فصلاً تعسفياً على إثر تداعيات الأزمة الأخيرة، وأن لجنة التظلم تتابع حالات المسرحين الذين تقدموا بالتسجيل والتظلم لدى الوزارة. العديد من الشركات بادرت إلى تشكيل لجان لإعادة التحقيق والتأكد من مدى قانونية إجراءات التسريح التي اتخذت بحق موظفيها وفتح سبل التظلم والمراجعة لهم لضمان حسن التقيد بالنظم واللوائح المطبقة. الوزارة تتوقع تجاوب المزيد من الشركات بإعادة النظر في إجراءات التسريح المخالفة للقواعد القانونية، وإرجاع الحق إلى المسرحين الذين تضرروا بسبب قصور الإجراءات أو عدم كفاية الأدلة. وستركز اللجنة في المرحلة القادمة على التدقيق في المستندات وكذلك الإجراءات التي اتخذتها الشركات تجاه كل عامل، وذلك للتأكد من مدى قانونية تلك المستندات والإجراءات التي اتبعت واتخذت على أثرها قرارات التسريح، وما يهم اللجنة بالدرجة الأولى هو توفر كافة الضمانات القانونية للمسرحين وعدم انتهاك حقوقهم المنصوص عليها في القوانين والأنظمة المطبقة في المملكة).

سعادة وزير العمل، 26/5/2011: أكد صرف التأمين ضد التعطل لكل من ثبت تعرضه للفصل التعسفي‮ ‬بسبب الأحداث المؤسفة،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلى أن جميع الشركات التي‮ ‬قامت بتسريح عدد من عمالها تقوم حالياً‮ ‬بمراجعة إجراءاتها التي‮ ‬اتخذتها تجاه هؤلاء العمال،‮ ‬بالتنسيق مع لجنة النظر بالمسائل المتعلقة بتسريح العمال المشكلة مؤخراً‮؛ لافتاً‮ ‬لوجود بعض أخطاء التسرع في‮ ‬تسريحهم والتي‮ ‬من الممكن تصحيحها.

وزارة البلديات، 25/5/2011: (إشارة إلى ما نشر عن تعرض بعض دور العبادة للهدم والتخريب، تؤكد الوزارة بأن جميع أعمال إزالة المنشآت غير المرخصة تمت ضمن المهام المناطة بالبلدية في الرقابة على المباني والتحقق من عدم انشاء اي منشأة دون ترخيص او بالمخالفة لاحكام القوانين..، وعليه فإن الوزارة تنفي قطعياً وجود أي أضرار قد نجمت عن عمليات إزالة هذه المخالفات. وتشير الوزارة إلى أن عملية إزالة المنشآت غير المرخصة، يأتي من أجل تنظيم الأحياء السكنية والطرق، ولمنع أي تأثير سلبي على المنظر العام لهذه المناطق كما أنها تعطل بعض مشاريع البنية التحتية.. وتنفي وتفند الوزارة ما نشر حول تخريب دور العبادة، وتؤكد بأن هذا الأمر هو عار من الصحة جملة وتفصيلاً، بل يسبب بلبلة لدى الرأي العام، وتشير الوزارة إلى أنه تم فقط إزالة الأجزاء المخالفة في دور العبادة، وهذا الأمر مستند عليه بالأدلة والصور الموثقة).