ملاحظات حول احتجاز الأطفال

شُغل الرأي العام البحريني بمؤسساته الحقوقية والسياسية والتشريعية والإعلامية بموضوع (احتجاز) أطفال على خلفية قضايا أمنية. فهناك عدد غير محدد من الأطفال ممن هم دون سن الثامنة عشرة، احتجزوا بتهم: التجمع غير المرخّص، وحيازة مواد حارقة، ورمي قنابل المولوتوف مما يعرض حياة الآخرين للخطر. وتداولت الصحف وأعضاء من البرلمان رقم 65 وحتى 85 طفلاً محتجزاً، ولكن رئيسة نيابة الأحداث السيدة نورة آل خليفة نفت الرقم 65 وقالت بأنه غير صحيح وغير موثق، وقد يؤدي الى تمويه الحقائق ويضلل الرأي العام، ولكن دون أن تذكر الرقم الصحيح.

مجموعة من القضايا والملابسات أدّت الى إثارة القضية. فهناك إهمال لسبب الإحتجاز من قبل الصحافة والنواب، لأنه من المعلوم أن هؤلاء الأحداث أو الأطفال كانوا يشاركون في أعمال شغب وعنف، وبالتالي لم يكن الإعتراض في جوهره على طبيعة التهم الموجهة الى الأحداث، ولكن على قضايا أخرى تشمل التالي:

ـ هناك اعتراض على طريقة الإحتجاز، وأنها مخالفة للقانون، وأن بعض الأحداث لم يُعرف مكان احتجازهم لأيام؛ فيما تقول الحكومة بأنها احتجزت بعضهم على الأقل أثناء قيامهم بأعمال الشغب.

ـ هناك اعتراض على احتجاز الأحداث أو الأطفال لأشهر عديدة قبل أن تتم محاكمتهم في محاكم الأحداث؛ وكان من المفترض ـ حسب البعض ـ أن يتم إطلاق سراحهم بعد التحقيق معهم فوراً، الى حين موعد المحاكمة.

ـ هناك مزاعم بأن من احتجزوا من الأحداث، إنما احتجزوا في مراكز توقيف وسجون مخصصة للكبار، ولكن الحكومة نفت ذلك، أو على الأقل نفت حالات محددة، وقالت على لسان العميد محمد بوحمود، المسؤول بوزارة الداخلية، بأنه قد تم إيداعهم في مركز رعاية الأحداث، وتحت رعاية وزارة التنمية الإجتماعية التي توفر لهم برامج تربوية تتناسب مع فئتهم العمرية.

ـ هناك اعتراض على أن الحكومة لم تلتزم باتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها في فبراير 1992 ودخلت حيّز التنفيذ في مارس 1992، من جهة أنها لم تسمح مثلاً للمحتجزين من الأحداث بأداء امتحانات دراستهم النهائية، رغم إلحاح ولاة أمورهم، خاصة وأن المحتجزين لم يحاكموا بعد. لكن نورة آل خليفة، رأت (أن السياسة التشريعية والتطبيقية بالمملكة الخاصة بمعاملة الأطفال،‮ ‬تتفق مع القوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة،‮ ‬وأن إجراءات النيابة العامة والأحكام القضائية الصادرة،‮ ‬تتماشى مع هذه القوانين‮).

ـ هناك اعتراض من قبل الحقوقيين بأن الحكومة لم تكن شفّافة في إعطاء المعلومات الأساسية لأولياء أمور الأطفال والأحداث. كما أن إجراءاتها القانونية تجاه قضايا الأحداث اتسمت بالبطء الشديد، وهذا أمرٌ لا يستطيع المحتجزون الصغار تحمّله نفسياً وجسدياً.

إن القضايا المتعلقة بالأطفال والأحداث حسّاسة جداً، لهذا تتطلّب التعاطي المهني والدقيق والسريع معها، مع إيلاء الجانب الإنساني أهمية كبيرة. فنحن ندرك حقيقة أن هناك من المتشددين من يحرّض الأطفال والأحداث على استخدام العنف لتحقيق غايات سياسية؛ وندرك أيضاً بأن أولياء أمور هؤلاء الأحداث قد يكونوا مقصرين في رعاية أبنائهم وتوجيههم. لكننا ندرك أيضاً بأن الأخطاء في هذا الجانب قد تؤدي الى أضرار بالغة في جوانب عديدة.