مدير قسم الشرق الأوسط في العفو الدولية:
هدفنا تذكير الحكومات بالتزاماتها وتشجيع الإصلاحات
|
فيليب لوثر: مدير برنامج
قسم الشرق
الأوسط وشمال افريقيا في (العفو الدولية) |
قال فيليب لوثر، مدير برنامج قسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا في
(العفو الدولية)، بأن الأخيرة يهمها تذكير الحكومات بالتزاماتها الدولية،
وتشجيعها على تنفيذ الإصلاحات الإيجابية، مؤكدا على استقلالية العفو
الدولية وحيادية البيانات والتقارير التي تصدرها ودقتها، وانها لا
تعتمد على مصدر واحد للمعلومات، موضحاً استعدادها لتسلّم أية ايضاحات
او تصحيحات من قبل الحكومات.
واشار لوثر في لقاء مع (المرصد البحريني) بأن العفو الدولية لم
تغفل تجاوزات وانتهاكات الجماعات المعارضة المسلحة، وأنها أصدرت تقارير
تبين انتهاكاتها. وشدد على أهمية حرية التعبير ودور المدافعين عن حقوق
الإنسان لما يوفرانه من قاعدة أساسية للمطالبة بالحقوق الأخرى، ولما
لهما من دور في حماية حقوق الإنسان.
وهذا نص اللقاء.
تشكو بعض الدول من أن العفو الدولية، تبذل جهدا كبيراً
في كشف الإنتهاكات وتوجّه النقد اللاذع بإصدار بيانات وتقارير، في
حين أنها لا تبذل جهدا في تقديم مساعدات لتلك الدول في تطوير بنيتها
الحقوقية من خلال بناء القدرات والتدريب ونشر الوعي بحقوق الانسان،
كيف تقيّمون هذه الإشكالية ؟
تحقق منظمة العفو الدولية في انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات
التي ترتكبها الحكومات، والأطراف غير الحكومية، كما تقوم بنشر البيانات
والتقارير المتضمنة لتوصيات مفصّلة للتصدي لتلك الانتهاكات. وتعتقد
المنظمة أن تعليم حقوق الإنسان أمر أساسي لمعالجة الأسباب الكامنة
وراء انتهاكات حقوق الإنسان ومنع وقوعها. ولهذا الغرض، فان المكتب
الاقليمي للمنظمة، يتولى تنفيذ الاستراتيجيات التي تهدف إلى تعزيزالوعي،
والمعرفة بحقوق الانسان في منطقة الشرق الأوسط، إضافة الى بناء قدرات
الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان. ولذلك يقيم المكتب ورش عمل،
ويسهم في الفعاليات التدريبية الأخرى، ويستجيب كذلك للاحتياجات المحددة
لتدريب النشطاء، ومنظمات حقوق الإنسان، والمدافعين عن حقوق الانسان
في المنطقة، من خلال تقديم حلقات عمل تدريبية متخصصة. اضافة الى ذلك،
تقوم العفو الدولية بإصدار ونشر مواد متخصصة للتوعية الحقوقية وباللغة
العربية؛ من بينها الدورية العربية (موارد).
من جهة أخرى، لا تمتلك العفو الدولية الإمكانيات التي تمكنها من
القيام بتدريب الموظفين الحكوميين، لكن هناك منظمات أخرى تمتلك الخبرة
والموارد الخاصة للقيام بذلك، ومن بينها: المفوضية السامية لحقوق الإنسان،
والتابعة للأمم المتحدة.
أيضاً فإن الشكوى تمتد ليس فقط الى أن العفو الدولية
لا تسلّط الضوء على التطورات الإيجابية في بلد ما بشكل كافٍ، بل انها
احياناً تجازف بدفع الدول الى العودة الى المربع الأول بسبب استمرار
حالة النقد ما يجعلها تنكفيء وتعود الى حالة الانتهاكات السابقة. بمعنى
آخر، فإن العفو الدولية لا توازن بين الحاجة الى النقد، وبين الدفع
باتجاه تطوير اوضاع حقوق الانسان في بلد ما، والأخذ بيده خطوة خطوة
الى الأمام؟
نعتقد بأن تقارير منظمة العفو الدولية عن حالة حقوق الإنسان في
كل البلدان التي تتناولها، متوازنة ومحايدة. وترحب المنظمة، بالإصلاحات
الإيجابية المبذولة، وهذا ينعكس في تقاريرنا. نحن نهدف إلى تحسين وحماية
وتعزيز حقوق الإنسان من خلال تذكير الحكومات بضرورة الوفاء بالتزاماتها
الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتشجيعهم على تنفيذ الإصلاحات الإيجابية
في الممارسة العملية. وإذا ما أنجزت دولة ما إصلاحات إيجابية، ولم
يكن لها اي تأثير فعلي على الممارسة العملية، فهذا سيتم الاشارة اليه
في تقاريرنا من خلال استخدام القضايا الفردية كشواهد لتوضيح استمرارية
الانتهاكات وقصور في الإصلاحات. ولطالما استمرت انتهاكات حقوق الإنسان
في أي بلد، وإن كان بدرجة أقل من ذي قبل، فإن العفو الدولية ستواصل
تسليط الضوء على تلك الانتهاكات، وستستمر في الضغط على السلطات لمعالجتها.
توجه بعض الدول ومن خلال وسائل اعلامها اتهامات الى
امنستي وغيرها من المنظمات الحقوقية الرائدة بأنها مجرد أداة سياسية
لقوى كبرى، تستخدم في الصراعات السياسية بما يخدم مصالح تلك القوى
الكبرى، ويستشهدون بأنه حيثما وجد خلاف بين دولة غربية كبرى مع دولة
أخرى، فإن الحماس والزخم الحقوقي للمنظمات الدولية الحقوقية بما فيها
أمنستي يتصاعد بالتوازي مع ضغوط تلك الدول الغربية. ما ردكم على مثل
هذه الإتهامات الشائعة؟
العفو الدولية منظمة مستقلة، وليس لها أي إيديولوجية سياسية أو
مصلحة اقتصادية أو دينية. وليس هناك اي حكومة بإمكانها أن تتخطى خضوع
أدائها وعملها للفحص والتدقيق. يغطّي تقريرنا السنوي حالة حقوق الإنسان
في 160 بلداً وإقليماً.
عادة ما تلقى تقاريركم امتعاض الدول التي تصدرون تقارير
وبيانات عنها، حيث تتهم التقارير بالإنحياز، وعدم الدقة في المعلومات،
والمبالغة أحيانا في تقدير حجم الانتهاكات، وعدم الإلمام بالواقع السياسي
في البلد المعني ما يجعل التوصيات غير قابلة للتطبيق. ما هي الآلية
التي تعتمدونها في جمع المعلومات وتحليلها وضمان مصداقيتها؟
تتحرى منظمة العفو الدولية وتكشف الحقائق كلما وأينما تقع انتهاكات،
بغض النظر عن الانتماءات السياسية لمرتكبيها. وعلى حد علمنا، فان بياناتنا
دقيقة ومحايدة، وان النتائج التي نتوصل إليها تستند إلى معلومات تم
الحصول عليها من مصادر متنوعة، بما في ذلك الحكومات. وإذا كانت الحكومات
وغيرها تعتقد بأن لديها تصحيحات للحقائق والاستنتاجات التي توصلنا
اليها، فإننا على استعداد لتسلّمها وتضمينها في تقاريرنا وبياناتنا.
ترتكب بعض جماعات المعارضة انتهاكات لحقوق الانسان
في بلدها؛ وأمنستي قد تعتمد عليها في معلوماتها كمصدر أساس، وربما
اعتبرتها ضحية للانتهاكات؛ وأمنستي متهمة من بعض الدول بأنها تغض الطرف
عن تجاوزات المعارضة، ولا تشير لها في بياناتها وتقاريرها. ما هي صحة
هذه الاتهامات؟
هذا ليس صحيحاً؛ فالعفو الدولية تكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان،
وتدعو لمحاسبة مرتكبيها، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو مناصبهم.
وقد أصدرت منظمة العفو الدولية تقارير عديدة ركّزت فيها على الانتهاكات
التي ارتكبتها الجماعات المسلحة، بما في ذلك على سبيل المثال في العراق
وسوريا. وتشمل تلك الانتهاكات: قتل المدنيين والخطف والتعذيب. وتعتمد
العفو الدولية على مصادر متعددة وموثوق بها، وليس على مصدر واحد فقط
.
كيف تقيمون المعلومات عن إنتهاكات حكومة ما اذا كان
مصدرها المعارضة؛ والعكس كيف تقيمون المعلومات وتتأكدون من صحتها عن
انتهاكات المعارضة اذا ما كان المصدر هي الحكومة نفسها؟
المعلومات التي يتم الحصول عليها واستخدامها من قبل منظمة العفو
الدولية تأتي من مصادر متنوعة، بما في ذلك ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان
وأقاربهم. وفي كثير من الأحيان، يتم عرض المزاعم الواردة التي تحصل
عليها المنظمة على السلطات الحكومية، وذلك بغرض إتاحة الفرصلة لها
للتعليق والردّ، تماماً كما كان الحال عندما قدمنا مذكرة إلى السلطات
البحرينية في أكتوبر 2014، وذلك قبل نشر تقريرنا هذا الشهر.
مالذي يثير العفو الدولية لكي تصدر بياناً اعتياديا،
او بياناً عاجلا ، او تقريراً عن دولة ما؟ أي ما هي القضايا والحالات
التي توليها امنستي اهتماما كبيراً في عملها، وكيف تحسب سياسياً او
حقوقياً ان ردّها متكافئ مع حالة انتهاك ما؟
يغطي نشاط العفو الدولية 160 بلداً وإقليماً. ويستهدي هذا النشاط
بما ينصّ عليه نظامها الأساسي المتعلق بمهامها. تنص المادة الرابعة
من النظام الأساسي بأن (يكون لمنظمة العفو الدولية خطة استراتيجية
متكاملة في جميع الأوقات تغطي فترة ست سنوات). إن خطة منظمة العفو
الاستراتيجية المتكاملة الحالية، اعتمدت من قبل اجتماع المجلس الدولي
الذي عقد في اغسطس 2009، وتمتد هذه الخطة من 1 ابريل 2010 حتى نهاية
مارس 2016 . وهذه الخطة الكاملة متاحة للجمهور على الرابط التالي:
https://www.amnesty.org/en/how-were-run/strategic-plan
نعلم أن امنستي لا تقبل تمويلا من الدول لعملها؛ لكن
اغلب المنظمات الحقوقية الكبرى، تتلقى تمويلاً من الدول خاصة الغربية
لأنشطتها . كيف بنظرك يمكن اقناع مواطنين في الشرق الأوسط من ان هذه
الأموال تُعطى دون أن تؤثر على عمل هذه المنظمات، او لا تؤثر في تحديد
اولويات نشاطها، سواء من حيث البلدان المستهدفة أو من حيث الموضوعات؟
كما قلت، ان منظمة العفو الدولية لا تقبل المال من الحكومات مقابل
عملها في البحث وتنظيم الحملات. ان هذا السؤال يجب توجيهه إلى المنظمات
التي تفعل ذلك ذلك.
ما هي المعايير التي تعتمدها أمنستي في تحديد من هو(
سجين الرأي/ او سجين ضمير) ومن هو (سجين سياسي)؟ وماذا يترتب من موقف
إزاء كل منهما؟
ان سجين الرأي هو الشخص المسجون او الذي تم تقييد حركته الجسدية
بسبب معتقداته السياسية أو الدينية أو غيرها من المعتقدات النابعة
من ضميره، أو بسبب الأصل العرقي، أو الجنس، أو اللون، أو اللغة، أو
الأصل القومي، أو الاجتماعي، أو الوضع الاقتصادي، أو المولد، أو الميول
الجنسية أو غير ذلك.. وهو الشخص الذي لم يستخدم العنف أو يدعو اليه
أو يحرض على الكراهية.
وتصرّ العفو الدولية على اطلاق سراح جميع سجناء الرأي فوراً ودون
شروط، وذلك بموجب القانون الدولي، الذي لا يجيز للحكومات الحق في احتجاز
هؤلاء الأشخاص.
أما السجناء السياسيون، فهم الذين تنطوي قضاياهم على عنصر سياسي
جوهري، وهذا يشمل وجود هذا العنصر كمحفّز لنشاطهم، أو في طبيعة النشاط
نفسه، أو في دوافع السلطات لسجنهم. إن مصطلح (السياسي) يستخدم من قبل
منظمة العفو الدولية، للإشارة إلى جميع جوانب العلاقات الإنسانية المرتبطة
بـ (السياسة)، التي تشكّل آليات المجتمع والنظام المدني.
في العديد من البلدان، تتم إدانة السجناء السياسيين خلال محاكمات
تنتهك المعايير المتفق عليها دولياً. وفي بلدان أخرى، قد يتم حبس السجناء
السياسيين لسنوات، وأحيانا لعقود، دون أي محاكمة أو جلسة استماع قضائية
على الإطلاق. وتطالب العفو الدولية بأن يحصل السجناء السياسيون على
محاكمات عادلة في غضون فترة زمنية معقولة، بما يتواءم والحق المعترف
به دولياً لجميع السجناء، في محاكمة عادلة وسريعة أو أن يتم إطلاق
سراحهم.
إن مصطلح “السجين السياسي” يشمل كلا من سجناء الرأي، وأولئك الذين
لجأوا إلى العنف الجنائي (أو اتهموا بجرائم عادية اخرى مثل التعدي
على ممتلكات الغير أو تدمير الممتلكات) بدوافع سياسية. ومع ذلك، فان
العفو الدولية تطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن سجناء الرأي.
نلحظ ان امنستي تولي اهتماما كبيراً لقضايا (حرية التعبير)،
و ( نشطاء حقوق الإنسان)، و (مؤسسات المجتمع المدني)، و (مكافحة التعذيب).
لماذا تشكل مثل هذه القضايا اهتماماً واستقطاباً لجهود أمنستي؟
يغطي نشاط العفو الدولية، اضافة الى ما ذكرتموه، العديد من مجالات
حقوق الإنسان الأخرى. ولسوء الحظ، فإنه في العديد من البلدان، لا تزال
هذه الحقوق تخضع لقيود، ولا تزال ممارسة التعذيب وغيره من صنوف المعاملة
السيئة مستمرة، بالرغم من وجود ضمانات وطنية. ان الحق في حرية التعبير،
ودور المدافعين عن حقوق الإنسان، يمثلان القاعدة الأساسية للمطالبة
بحقوق اخرى وحمايتها.
سؤال أخير : يلحظ في تقاريركم وبياناتكم الإشارة الى
نزعات إثنية او مذهبية، كالقول بأن هذا المعتقل كردي او سني او شيعي،
ما يؤجج بنظر البعض الاشتباك الطائفي والعرقي، ولا يتفهم كثيرون الإصرار
على استخدام هكذا مفردات. ومن جهة اخرى هناك من يتهم امنستي بانها
لا تستخدم مفردات دقيقة في توصيف الحالات وحوادث الانتهاك مثل: (التنكيل
/ القمع / القوة المفرطة).. والتي قد لا يتناسب استخدامها مع الواقع
بالضرورة، أي ان هناك مبالغة في استخدام الألفاظ والعبارات؟
تقتصر اشارة العفو الدولية إلى الخلفية العرقية أو الدينية للحالة
المعنية، فقط عندما تكون هوية الفرد جزء من السبب في التعذيب أو التمييز
ضده، أو حرمانه من حقوقه . ان استخدام العفو الدولية لمصطلحات مثل
التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة أو الاستخدام المفرط للقوة،
يستند الى القوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. في كثير من الحالات،
قد تتواءم التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، ومع ذلك فان ممارسات
قوات الأمن في معاملة المعتقلين قد ترقى أحياناً الى مستوى التعذيب
وغيره من ضروب المعاملة أو الاستخدام المفرط للقوة.
|