رشيد مصلي من منظمة الكرامة
المنطقة العربية تشهد صحوة حقوقية غير مسبوقة
(الكرامة) منظمة حقوقية غير حكومية تأسست بمبادرة فريق من المحامين
|
رشيد مصلي |
ونشطاء حقوق الإنسان المتطوعين بقصد المساهمة في تعزيز وحماية حقوق
الإنسان خاصة في العالم العربي. التأسيس كان في جنيف ـ مقر المنظمة
ـ وذلك في عام 2004؛ والأهداف عديدة تشمل الإعلام عن حالات انتهاك
حقوق الإنسان في العالم العربي، وتقديم الدعم المعنوي والمساعدة القانونية
لضحايا الإنتهاكات، ومتابعة الجناة قضائياً؛ وكذلك تشجيع الحكومات
على احترام حقوق الإنسان، وممارسة الضغوط عليها بهذا الإتجاه اذا اقتضى
الأمر.
(المرصد البحريني) كان لها لقاء ممتع ومفيد مع مدير القسم القانوني
في المنظمة الأستاذ رشيد مصلي، فيما يلي نصّه:
هناك العديد من منظمات حقوق الإنسان في العالم،
والكرامة واحدة من هذه المنظمات في الساحة الدولية، مالذي يجعل الكرامة
متميزة عن غيرها من المنظمات؟
شكراً لشهادتكم لنا بالتميّز، وما الكرامة إلا منظمة من بين العديد
من المنظمات التي تعمل في مجال حقوق الإنسان في العالم العربي، وليست
الوحيدة التي تتميز بخاصية هذا العمل انطلاقا من أوروبا، لأن هناك
منظمات أخرى تعمل على وضعية حقوق الإنسان في العالم العربي في أوربا
لأسباب مختلفة. لكن دعني أقول لك إن خاصية منظمتنا ربما تعود إلى طبيعة
عملها، والتي يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط:
الأولى، تتمثل في أن منظمتنا لا تعالج إلا القضايا المرتبطة بالانتهاكات
الجسيمة لحقوق الإنسان التي تمس السلامة البدنية والعقلية، وحرية البشر.
والتزمنا بالعمل على هذا الصنف من الانتهاكات دون أن ننسى الانتهاكات
المرتبطة بها.
الثانية، هي أن الكرامة تلجأ إلى القانون الدولي لمعالجة الانتهاكات
التي تتوصل بها عبر شبكتها المكونة من المناضلين الحقوقيين، وتستعمل
في ذلك آليات حماية وتعزيز حقوق الإنسان التي وضعتها الأمم المتحدة.
وكما تعلمون ليس هناك آلية خاصة بالدول العربية تعمل على حماية حقوق
الإنسان في العالم العربي، وبالتالي فإن النظام العالمي هو وسيلة عملنا،
ما يعني أن منظمتنا تتخذ صفة قانونية عندما يتعلق الأمر بمعالجة الحالات
الفردية.
وأخيرا، عندما يتعلق الأمر بالتدخل لصالح الضحايا للتخفيف من معاناتهم،
أو وضع حد للانتهاكات التي يتعرضون لها، فإنه يبدو من الطبيعي أن نتواصل
قدر المستطاع مع أفراد عائلتهم ومحامييهم، وهذا هو الجانب الإنساني
لعمل منظمتنا الذي يظهر جلياً رغم أننا لا نعمل على وضعه في الواجهة.
وهذه هي الصفات الثلاث التي ربما تميزنا عن باقي المنظمات في الوقت
الراهن.
ما هو تقييم منظمة الكرامة لأوضاع حقوق الإنسان
في منطقة الشرق الأوسط، وهل ترى من خلال التجربة الماضية أن هناك مؤشرات
إيجابية لتطوير الأوضاع الحقوقية فيها؟
تدعو وضعية حقوق الإنسان بشكل عام في الدول الأعضاء في الجامعة
العربية للقلق. ولا ألاحظ أي اختلاف جوهري بين النتائج التي توصلت
إليها المنظمات غير الحكومية المحلية منها والدولية بهذا الشأن. لكنها
تختلف من بلد لآخر باختلاف الخصوصيات السياسية والاجتماعية والتاريخية.
ورغم ذلك نلاحظ أن ثقافة حقوق الإنسان بدأت تنتشر في المنطقة كلها،
ربما بسبب سهولة التواصل.. أصبح لدى الناس وعي أكبر بحقوقهم وضرورة
احترام الدولة لهذه الحقوق. ونتيجة لذلك أصبح المواطنون يطالبون باحترام
سلامتهم البدنية وبالعدالة وحرية التعبير. وكدليل على ذلك، كان يبدو
طبيعيا عندما كان يتم توقيف شخص من طرف قوات الأمن أن يتعرض للضرب
المبرح. ونادراً ما كان الضحايا يصفون هذه المعاملة بالتعذيب، بينما
اليوم أصبحوا ينعتون هذا النوع من الممارسات بالتعذيب، وما يتعين عليهم
الآن هو القيام بخطوة إضافية وهي تقديم شكوى وهو السلوك الذي لم يدخل
بعد في العادات. ويعلم الكثير من الناس اليوم أن لدى حكوماتهم التزامات
في مجال حقوق الإنسان وأصبحوا يطالبونها بالوفاء بها. كما صارت العديد
من قوى المعارضة السياسية على اختلاف توجهاتها تولي اهتماماً متزايداً
بقضايا حقوق الإنسان، وهو الأمر الذي لم يكن يحظى على الأقل بهذا القدر
من الاهتمام.
فضلاً عن ذلك بدأت المنطقة العربية تشهد صحوة حقوقية غير مسبوقة،
سواءً من خلال كسر حاجز الصمت الذي كان مطبقاً عليها، أو زيادة عدد
الناشطين في مجال حقوق الإنسان يوماً تلو آخر.
لكن بالمقابل نلاحظ على مستوى مؤسسات الدولة تغيرات متناقضة: فالالتزامات
التي أخذتها الدول على عاتقها بتوقيعها على الاتفاقيات الدولية ومبادئ
القانون الدولي تجلب نوعا من تحسين وضعية حقوق الإنسان في بعض الدول،
لكنها تخلق أشكالاً جديدة من التلاعب من طرف هذه المؤسسات، تتمثل في
التحكم في خطاب حقوق الإنسان مع الاستمرار في خرق هذه المبادئ في حق
مواطنيها، وكمثال على ذلك، ففي الوقت الذي يحدد القانون مدة الحراسة
النظرية، يتم تجاوز هذه المدة باللجوء إلى العديد من الطرق الملتوية
لكي لا يظهر في الملف الجزائي ما يشير إلى أن المدة القانونية قد تم
تجاوزها رسمياً. ففي الجزائر أو المغرب مثلا، ولتبرير مدة حراسة نظرية
مطولة، لا تتورع قوات الأمن عن تزوير محاضر التحقيق الأولية.
هل انتهاك حقوق الإنسان في العالم العربي له سمات
خاصة به، أم أن هناك عوامل سياسية وثقافية وتاريخية خاصة تساهم في
ديمومة تردي الأوضاع؟
ليست هناك خصوصيات ثقافية تسمح لنا بالقول بأن حقوق الإنسان تُحترم
بشكل خاص في منطقة من العالم دون أخرى، حيث أن ممارسة الاعتقال السري
والتعذيب منتشرة في كل القارات وفي كل الأشكال الثقافية. فتَحتَ ذريعة
محاربة الإرهاب، تمارس حكومات أوروبا وأمريكا الشمالية الاعتقال السري
وأشكالاً أخرى من الخروقات في مجال حقوق الإنسان، ما شجّع بشكل واضح
هذا الجزء من العالم على الانزلاق في مزيد من هذه التجاوزات.
وتلعب الظروف السياسية الداخلية والخارجية للدول دوراً حاسماً في
لجوء الأنظمة إلى هذه الممارسات. فالنظام السوري مثلاً، والذي يتعرض
أمنه لتهديدات خارجية مستمرة، لجأ إلى القمع الداخلي من أجل الاستمرار
والبقاء. والمثال الجزائري أظهر إلى أي حد يمكن للنظام أن يقوم بالخروقات
الجماعية والمنهجية في مجال حقوق الإنسان، التي يمكن تصنيفها في خانة
(الجرائم ضد الإنسانية للحفاظ على مصالح أقليّة ما). وما وقع في العراق
الذي غرق في مستنقع عنف غير مسبوق وخروقات لا مثيل لها ليس بأفضل الخيارات،
بالمقارنة مع فترة حكم صدام حسين، وليس إلا النتيجة المباشرة أمام
هذا الاحتلال الذي يعاني منه هذا الجزء من العالم من طرف القوات الأمريكية.
كما أن هناك عوامل داخلية لها دور في استمرار تردي أوضاع حقوق الإنسان،
حيث أن بعض الأنظمة المرفوضة من طرف الشعوب، لا تجد مناصاً من المطاردة
المستمرة للمعارضة من أجل الاستمرار والبقاء. ففي مصر واليمن مثلاً
ورغم الاعتقالات التعسفية والتعذيب المنهجي والاختفاءات القسرية بالجملة،
يبقى الوضع متفجراً. بينما استطاع النظام التونسي أن يجمع بين تطور
اقتصادي وقمع وحشي متطور.
هل تعتمدون معايير محددة في تقييم أوضاع حقوق الإنسان
في الشرق الأوسط؟ وهل لديكم تصنيف للدول العربية من حيث الالتزام بمعايير
حقوق الإنسان؟
لم نقم بتطوير مواصفات موضوعية تسمح لنا بتقييم وضعية حقوق الإنسان
في بلدٍ ما، لسبب بسيط وهو أن الظروف السياسية المختلفة تجعل من ذلك
تمريناً صعباً، فلا يمكننا مثلا مقارنة الوضع في الصومال الذي تغيب
فيه الدولة، مع الوضع في تونس بحيث الدولة متواجدة في كل مكان. ففي
الحالة الأولى، نستبشر عندما ينقص عدد القتلى، بينما حالة قتل خارج
القانون في الحالة الثانية تمثل تدهوراً خطيراً في حقوق الإنسان.
إن فكرة تحديد معايير موضوعية لتقييم وضعية حقوق الإنسان في مختلف
البلدان، وفحص التطورات الإيجابية والسلبية، تظل مثيرة، رغم علمنا
مسبقاً بأن الحكومات لن تعدم حيلةً لاتهام المنظمة غير الحكومية بعدم
موضوعية حكمها!.
بيد أنه يبقى من الممكن إبراز الملاحظات والتوصيات المقدمة من طرف
الهيئات الأممية التي تعالج وضعية حقوق الإنسان في كل بلد، ومقارنتها
ورفعها إلى علم مؤسسات المجتمع المدني التي تتابع هذه القضايا، وتبقى
هذه المعلومات بشكل عام في متناول المتخصصين فقط. وهذه المهام تبقى
من اختصاص المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في كل بلد، إن وجدت.
تستخدم الكرامة آليات الأمم المتحدة للتصدي لانتهاكات
حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، هل لكم أن تشرحوا طبيعة تلك الآليات
وكيف يمكن لها التأثير في الحدّ من انتهاكات حقوق الإنسان؟
أنشأت الأمم المتحدة مجموعة من الآليات لحماية وتعزيز حقوق الإنسان
في العالم ووضعتها في خدمة الضحايا والجمعيات التي تهتم بنشر ونقل
هذه المعلومات إليهم. بعض هذه الآليات تم وضعها من قبل المعاهدات الدولية
وتهم فقط الدول التي صادقت عليها أو على البروتوكولات الإختيارية.
وهذه الآليات لا تهم إلا عدداً قليلاً من الدول العربية عندما يتعلق
الأمر بفحص الخروقات الفردية.
وفي مقابل ذلك، نجد آليات تهم كل الدول، وتعالج معظم الخروقات الجسيمة
كالمقررين الخاصين أو الفرق العاملة. حيث توجد آلية تتابع وتتدخل في
قضايا التعذيب والمعاملات القاسية وغير الإنسانية، ويتعلق الأمر هنا
بالمقرر الخاص بالتعذيب. كما نجد آلية أخرى تهتم بشكل خاص بقضايا الحرمان
التعسفي من الحرية، ويتعلق الأمر هنا بالفريق العامل المعني بالاعتقال
التعسفي.
ويمكن اللجوء إلى هذه الآليات من طرف جميع الضحايا أو من يمثلهم.
وتخضع هذه الخروقات إلى فحص أو تدخل خاص لدى الدولة المعنية عبر إجراء
خاص بكل آلية.
وعندما تتعاون الدول المعنية وتظهر حسن نيتها بطريقة إيجابية مع
الآلية الأممية، فإنها تظهر بذلك رغبتها في تحسين وضعية حقوق الإنسان
إما بوضع حد لإحدى الخروقات أو بتصحيح وضعية عامة، كما أن الأمر يتعلق
بسمعة البلد في محفل الأمم، لأنه ليس إيجابيا بالنسبة لسمعته أن تسلط
الأضواء عليه في مجال حساس كمجال حقوق الإنسان.
لقد تم حتى الآن معالجة الآلاف من الشكاوى التي وجهتها منظمتنا
إلى مختلف الهيئات الأممية منذ تأسيس منظمتنا قبل ست سنوات. ويمكننا
القول بعد الخبرة التي اكتسبناها أن النتائج التي حصلنا عليها مشجعة
بالنسبة لبعض البلدان، بينما يبقى الوضع مقلقا بالنسبة لبلدان أخرى.
على الرغم من أن العديد من الدول العربية قد صادقت
على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، لازالت هناك انتهاكات
قائمة على أرض الواقع، كيف تقنعون الجمهور بفائدة توقيع أنظمة تسلطية
على مواثيق حقوقية دولية إن كانت تلك الأنظمة لا تزمع ولا ترغب في
الالتزام بها أو تطبيقها؟
إن التصديق على المعاهدات الدولية يساهم في تحسين وضعية حقوق الإنسان،
لأن ذلك يشكل وسيلة إضافية للضغط على الدول، ويمنح للمواطنين وسائل
عمل على المستوى الدولي. ومن الممكن أن نلمس أن التصديق على المعاهدات
الدولية لا يؤدي تلقائيا إلى تحسين وضعية حقوق الإنسان على أرض الواقع.
فقد صادقت الجزائر على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وعلى
اتفاقية مناهضة التعذيب عقب الانفتاح الديمقراطي الذي عرفته خلال 1989.
لكن عندما قام الجيش بوضع حد للمسار الديمقراطي بعد سنتين من ذلك التاريخ،
عاشت البلاد خروقات منهجية وجماعية ضد الشعب الجزائري دون أي رد فعل
يذكر من طرف الأمم المتحدة. ويبدو إذاً جليا أن المصادقة في حد ذاتها
لا تكفي ولا معنى لها حينما لا تحترم الدولة العضو التزاماتها.
المهم إذاً هو دفع الدول إلى احترام الآليات التي صادقت عليها.
ومن المهم جدا أن تلعب مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية
دورا فعليا وذلك باتخاذ إجراءات تهدف إلى تشجيع الدول على احترام تلك
الالتزامات بالمشاركة مثلا في مسار المراجعة الدورية الشاملة لوضعية
كل بلد من قبل مختلف لجان الأمم المتحدة بإخطارها لخبراء هذه اللجان
عبر رفعها لتقارير كما يمكنها أن تلعب دورا أكثر حيوية بمتابعتها للتوصيات
الصادرة عن هذه اللجان. ويبدو جليا أن تحسين وضعية حقوق الإنسان بشكل
متميز ليس مرهوناً بالعمل على المستوى الأممي؛ بل على الجمعيات والأحزاب
السياسية، إذا وجدت، استيعاب مفهوم حقوق الإنسان وتطويره وفرضه على
الساحة الداخلية. كما أن انضمام البلد لمبادئ حقوق الإنسان يعطيهم
فرصة تذكير الحكومة بالتزاماتها.
واحد من أهداف الكرامة هو نشر ثقافة حقوق الإنسان
في المجتمعات العربية، وتوعية المواطنين بحقوقهم الدستورية ووسائل
حماية هذه الحقوق، ما هي الأدوات التي تستخدمونها لتحقيق هذا الهدف،
وما مدى فاعليتها في رأيكم؟
ترى الكرامة أن نشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمعات العربية قضية
مصيرية، سواءً من حيث التصور ـ حيث ينبغي أن يعيش المواطن العربي بالوعي
الذي يعرّفُه بحقوقه كإنسان ـ أو من حيث شعوره أن هذه القيم لا تتنافى
مع مقوماته وهويته وأنها ليست حكراً على “الغير” الذي يتميز بسَنّها
والعيش في كنفها. وطبعا لا يكفي سنّ القوانين والدساتير لنشر هذه الثقافة،
خاصة إذا كانت هذه القوانين لا تحترم. ومساهمة الكرامة في نشر ثقافة
حقوق الإنسان تقوم أساساً على التكفل بقضايا الانتهاكات واستعمال ما
يوفره القانون الدولي لحقوق الإنسان لمحاولة رفع الظلم ووضع حد للانتهاكات
وجعل المعتدى عليه وأقاربه والمجتمع عموماً يعي أن هناك حقوقاً وقوانينَ
تخصه مباشرةً، وبإمكانها أن تؤثر مباشرة في وضعه كمواطن. فتصور الكرامة
أنه كلما لاحظ المواطن في واقعه أن اللجوء إلى القانون، سواءً على
المستوى الداخلي أو الدولي، سيمكنه من استرجاع حقوقه كلما زادت ثقته
في دولة القانون وقيم حقوق الإنسان. وما لاحظناه عمليا أنه في العديد
من الدول كان الضحايا وذووهم ينظرون بعين الريبة لكل ما له علاقة بحقوق
الإنسان ويرون أن تلك شعارات فقط لن تؤثر في واقعهم، غير أنه مع مرور
الوقت والتكفل، حسب قدراتنا، بالعديد من القضايا من طرف منظمتنا، اقتنع
المعنيون بأهمية حقوق الإنسان وضرورة صيانتها. أمر آخر يساهم في هذه
التوعية أن الكرامة بقدر ما تحرص على التعامل مع الحكومات وتحثها على
احترام حقوق الإنسان، فإنها تقف دائما مع الضحايا ولا تجامل هذه الحكومات
عندما لا توفي هذه الأخيرة بالتزاماتها، وهذا يجعل المواطن العربي
يشعر أن هناك من يقف معه عندما يُظلَم.
إلى جانب ذلك فإن الكرامة تنظم ندوات وتتبنى عملاً إعلامياً متوازناً
ومسؤولاً يدعم جهدها القانوني ويعرف المواطن العربي بحقوقه وطرق صيانتها.
أيضا واحد من الأهداف التي تسعى الكرامة الى تحقيقه
هو تدريب المدافعين عن حقوق الإنسان، كيف تجرى الكرامة هذه التدريبات،
وهل أنتم راضون عن ما قمتم به في هذا الصدد حتى الآن؟
أملنا أن يصبح كل مواطن عربي مدافعا، على الأقل من حيث المبدأ،
عن حقوق الإنسان لأنه لا يمكن تصور مفهوم للمواطنة دون شق الالتزام
بحقوق الإنسان والدفاع عنها. أما من الناحية العملية فلا بد من تدريب
وتأهيل لكل من يرغب في ممارسة هذه الوظيفة النبيلة التي تجعل من المرء
مدافعا فعالا عن حقوق الإنسان. فالكرامة تفتح أبوابها للمئات من المواطنين
في العالم العربي للعمل التطوعي كمدافعين عن حقوق الإنسان، وهي تسعى
لتكوينهم من أجل التكفل العملي بقضايا الضحايا في مناطقهم، واستيعاب
واستعمال الآليات القانونية التي تمكنهم من العمل الناجع. كما تنظم
الكرامة دورات تدريبية ميدانية في مقرها في سويسرا حيث تمكن المدافعين
عن حقوق الإنسان من تطوير قدراتهم سواءً من الناحية النظرية أو العملية.
ونحرص على أن يلتزم كل المنخرطون في هذا المسعى بإعلان المدافعين عن
حقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة. وبالطبع فإن هذا الجهد لا
بد أن يكون مستمرا ودائما، سواءً بالنسبة للكرامة أو الذين يتدربون
في إطارها، ومن ثم سنرى أن هذا الجهد يحتاج دائما إلى التحسين، ولا
يمكن لمنظمة تعرف واقع العالم العربي أن تكون راضية عن مجهودها مهما
كبر، لأن الحاجة إلى المزيد من العمل لا تزال قائمة.
|