عيسى الشايجي

رئيس جمعية الصحفيين:

مسؤولون تضيق صدورهم مما يُكتب

على ضوء التطورات المتعلقة بمناقشة مشروع قانون الصحافة الجديد في البرلمان، ونظراً لأهمية حريّة التعبير كعلامة فارقة في قضايا حقوق الإنسان.. التقت (المرصد البحريني) بالأستاذ عيسى الشايجي، رئيس جمعية الصحفيين البحرينية، وسألته عن عدد من القضايا الملحّة المتعلقة بمشروع القانون، ونشاط الجمعية، وعلاقتها بالمنظمات الدولية والإقليمية، وعن رأيها فيما ينشر من تقارير عن البحرين بشأن مساحة حرية التعبير فيها. وهذا هو نصّ اللقاء.


أين أنتم الآن في جمعية الصحفيين البحرينية، من الجدل القائم حول مشروع قانون الصحافة؟ ما هي المعايير التي تقيّمون من خلالها مشروع القانون؟ والى أي حدّ يستجيب البرلمان والسلطة التنفيذية للمسائل الحرجة التي يجري الجدل بشأنها كمسألة معاقبة الصحفيين، وحجم الرقابة الحكومية على ما ينشر في الصحافة والإنترنت والإعلام بشكل عام؟


ان جهود جمعية الصحفيين ليست وليدة اللحظة، فمنذ صدر قانون الصحافة في 2002 أبدت جمعية الصحفيين ملاحظاتها على القانون، وشاركت في كل الفعاليات والاجتماعات التي عقدت من اجل

العمل على تطوير القانون، وقدّمت ملاحظات مكتوبة الى الحكومة والبرلمان. أما فيما يتعلق بالمعايير، فهي تتمثل في الموقف المشرف لصاحب الجلالة الملك المفدى من الصحافة، ومعارضته لحبس الصحفيين، ودعوته الى قانون عصري ومستنير للصحافة. كما تتمثل في المبادئ التي وضعتها لجنة تفعيل الميثاق برئاسة سمو ولي العهد، وفي المواثيق الدولية ومسيرة الصحافة البحرينية بكل ما مرت به من تجارب.

وكما أسلفت، فإن جمعية الصحفيين قدّمت ملاحظات مكتوبة الى البرلمان والحكومة، وقد اخذت الأخيرة ببعض الملاحظات، وكذلك فعل البرلمان.. إلا اننا نأمل الانسجام مع الحياة الديمقراطية، والغاء عقوبة الحبس على الصحفيين وفك الارتباط بين القانون وقانون العقوبات.

أما فيما يتعلق بحجم الرقابة على الصحف، فأنه ليست هناك أية رقابة حكومية مسبقة على الصحف التي اصبحت تعاني من رقابة المجتمع والجمعيات بمختلف أشكالها، وفيما يخص الانترنت فأن هناك رقابة، وسبق وأن تمّ إغلاق بعض المواقع لأسباب مختلفة، وحتى الآن لم يصدر قانون الإعلام المرئي والمسموع، الذي يناقش حالياً في البرلمان، والذي سوف يفتح المجال لإنشاء القنوات الإذاعية والتلفزيونية الخاصة.

تقارير المنظمات الدولية عن البحرين
لا تستند الى مصادر معلومات صحيحة، ولا الى آراء صحفيين، وإنما
الى آراء سياسيين

 كيف تقيّمون تجربة جمعيتكم منذ أن تشكلت، والى أي حدّ قدّمت خدمة للصحافي فيما يتعلق بمساءلته وحريته واستقلاله الفكري والسياسي والمعاشي أيضاً؟ وما هي علاقتكم بنظراء جمعيتكم في المحيط الإقليمي، كما بالمنظمات الدولية المهتمة بشأن الحريات العامة؟


إن جمعية الصحفيين تأسست نتيجة جهود كبيرة بذلها الصحفيون البحرينيون لسنوات طويلة، ونحن نشكر لهم هذه الجهود والتضحيات. وقد كانت تجربة التأسيس والولادة صعبة؛ ولكن بجهود المؤسسين تم تجاوز العقبات، وانطلقت الجمعية تشقّ طريقها بعسر ـ ولكن بثبات ـ الى ان اصبحت اليوم رقماً صعباً.

ولقد حاولت الجمعية ولازالت ان تحقق مكاسب للصحفيين برغم امكاناتها القليلة، ونحن نحاول اليوم تأسيس صندوق تضامني للصحفيين سيتم الاعلان عن تفاصيله قريباً. وانطلاقا من اهدافها فقد دافعت الجمعية عن الصحفيين في المحاكم، وانتدبت لهم المحامين، وحضرت معهم جلسات التحقيق في النيابة العامة، وأصدرت بيانات تضامنية، وقامت بتسوية العديد من القضايا ودياً، انطلاقا من الاتفاق الذي أبرمته مع النيابة العامة.

أما بخصوص علاقات الجمعية، فإن الجمعية تمتلك علاقات واسعة وقوية مع الجمعيات والنقابات المهنية الاقليمية وتشترك معها في بعض الفعاليات. وتفتخر الجمعية بأنها من أوائل الجمعيات الخليجية التي انضمت الى اتحاد الصحفيين العرب، كما أنها ثاني جمعية صحفية عربية بعد فلسطين يتم قبول عضويتها في الإتحاد الدولي للصحفيين.

وعلى المستوى الدولي، فإن الجمعية لها علاقات واسعة مع المنظمات التي تعنى بحرية التعبير، وقد قامت بتنظيم نشاطات ودورات وورش مشتركة، ومؤخرا تم تدشين مكتب الاتحاد الدولي للصحفيين في البحرين وتشكيل لجنة الصحافة الاخلاقية، وهذا مكسب كبير للصحافة والصحفيين البحرينيين.


الصحافي والسياسي، ينظر اليهما في العالم العربي وربما في غيره أنهما يمثلان جبهتين ومصلحتين ورؤيتين للشأن العام مختلفتين، فضلاً عن أنهما يمثلان سلطتين (السلطة الرابعة/ والسلطة التنفيذية) غير متوائمتين بالضرورة. كيف تقيمون علاقة الصحفيين والإعلاميين بشكل عام بالسلطة التنفيذية؟ وكيف تريدون لها أن تكون في المستقبل؟


ليست هناك علاقة خاصة تربط بين الصحفيين والسلطة التنفيذية، فقانون الصحافة ينظم عمل الصحفيين وعلاقاتهم مع مختلف الاطراف رغم ملاحظات الجمعية عليه. ان القيادة توجه المسئولين في مختلف المناسبات الى التعاون مع الصحفيين، الا ان هناك بعض المسئولين في المؤسسات العامة من الذين تضيق صدورهم مما يكتب في الصحافة، وبالتالي لا يتعاونون مع الصحفيين، ويحجبون المعلومات والاعلانات عن الصحف كنوع من الضغط عليها، وهذا ينطبق على المؤسسات الخاصة ايضا التي تحجب الاعلانات والمعلومات عن الصحف عندما يوجه أي نقد اليها.

وعندما أطلق جلالة الملك المفدى المشروع الاصلاحي الديمقراطي، وشمل الصحافة بالرعاية والدعم، تعزز موقع الصحافة البحرينية واصبحت قوة مؤثرة، ونحن نتمنى على المسئولين التعاون بصورة اكبر مع الصحفيين وفتح الابواب امامهم، لاننا جميعا اصحاب هدف واحد وهو خدمة الوطن والشعب.

هناك مسؤولون لا يتعاونون
مع الصحفيين، ويحجبون
المعلومات والاعلانات عن
الصحف كنوع من الضغط عليها

صدرت فى الفترة الأخيرة تقارير دولية عديدة عن حرية التعبير في البحرين، كان من بينها مثلاً تقرير صحفيون بلا حدود عن حرية الصحافة في البحرين. بعض تلك التقارير انتقدت تراجع مستوى الحريات الصحافية، وحرية التعبير عامة. ما هو تقييمكم أنتم المعنيون بموضوع حرية التعبير، لوضع الحريات الصحافية ومسارها خلال العقد الماضي، أي منذ أن بدأت الإصلاحات، وكيف ترون المستقبل، وما هو رأيكم في تلك التقارير الدولية؟


ان جلالة الملك المفدى فتح ابواب الحرية امام الصحافة، وبفضل المشروع الاصلاحي الديمقراطي تطورت الصحافة تطورا كبيرا، وارتفعت اعداد الصحف، وقد تلمسنا جميعا كصحفيين مساحة حرية التعبير والدور المؤثر الذي اصبحت تمارسه الصحف. صحيح ان هناك دعاوى شهدتها المحاكم، لكن اغلب هذه الدعاوى لم تكن مرفوعة من قبل الدولة على صحفيين، وانما من قبل أفراد أو مؤسسات، وقد تعاونت النيابة العامة تعاونا ايجابيا مع الصحفيين ومع جمعية الصحفيين في حفظ قضايا كثيرة ونحن نقدر لها ذلك.

وكما نرى فإن مساحة حرية التعبير اتسعت كثيرا منذ بداية المشروع الاصلاحي وحتى اليوم، وهي تتقدم وتترسخ في الصحافة، واصبحت تمارس بروح مسئولة. ومع اقرار قانون متطور للصحافة قريبا، فإنه من المتوقع أن نشهد دوراً أكبر للصحافة والصحفيين.

أما فيما يتعلق ببعض التقارير الدولية، فأنه لا بد ان نقف عند نقطة اساسية وهي ان بعض هذه التقارير لا تستند الى مصادر معلومات صحيحة، وبالتالي فأن النتائج التي تخرج بها ليست واقعية وليست بالمستوى المطلوب. هذه التقارير لا تستند الى آراء صحفيين، وإنما الى آراء سياسيين، أو اشخاص لا يمارسون الصحافة، ونحن نتمنى على هذه المنظمات استقاء معلوملتها من الصحفيين انفسهم.


 هناك من يرى بأن واقع الصحافة فى البحرين يتراجع بنسبة ملحوظة في جوانب المهنية والحرفية حيث الإفتقار الى الخبرة والكوادر المؤهلة، كما يرى البعض أن هناك طغياناً للجانب السياسي فضلاً عن الإنحياز الأيديولوجي في تعاطي الصحفيين مع الشأن العام. الى أي مدى تعتقدون بأن هذا صحيح ويؤثر على المسار التوعوي الذي يفترض بالصحافة أن تؤديه؟


ان ما اشرت اليه في سؤالك صحيح بدرجة ما، فصحافتنا اصبحت تعاني من الاسقطابات والتجاذبات ومن وجود بعض الصحفيين المؤدلجين والمنتمين، الى جانب العزوف عن حضور الدورات والورش التدريبية لتنمية المهارات الصحفية، والنقص في الكوادر المؤهلة.

كل هذه الامور اثرت تأثيرا كبيرا على مستوى المهنية والحرفية في الصحافة، ونحن نأمل من ادارات الصحف الاهتمام بتأهيل كوادرها من خلال الزامها بحضور الدورات التدريبية لرفع مستواها، كما نأمل من الصحفيين والمحررين التزام المهنية والحياد والحرفية في العمل الصحفي.