رئيسة الإتحاد النسائي البحريني الأستاذة مريم الرويعي:

ندعم نظام الكوتا لإيصال المرأة الى قبّة البرلمان

التقت (المرصد البحريني) بالناشطة الحقوقية الأستاذة مريم الرويعي، رئيسة الإتحاد النسائي البحريني، في حوار مطوّل شمل موضوعات حقوقية متعددة، بينها دور المرأة السياسي سواء ضمن البرلمان، أو ضمن صناعة القرار في السلطة التنفيذية. ودعت الرويعي الى تعيين نصف أعضاء مجلس الشورى من النساء، والى تطبيق توصيات بيجين التي ترفع من نسبة تمثيل المرأة في صناعة القرار الى 30%. كما ودعت الرويعي الحكومة الى تطبيق المزيد من توصيات لجنة سيداو، والى رفع العوائق الإجتماعية والثقافية التمييزية لتكون المرأة شريكاً حقيقياً في الحياة العامة ومساوياً للرجل. فيما يلي نص اللقاء.


الحديث متواصل عن إمكانية وصول إمرأة الى قبّة مجلس النواب في الإنتخابات البرلمانية القادمة، في حين ظهرت دعوات باعتماد نظام الكوتا، ترى هل ستنجح المرأة في الإنتخابات القادمة، وما هو رأيكم في مقترح الكوتا؟

لن تنجح المرأة في الانتخابات القادمة إلا إذا اقتنعت الأطراف التي تتوزع مقاعد البرلمان فيما بينها بجدوى وجود المرأة في المؤسسة التشريعية، وقد أعلنت كتلة الأصالة استحالة ذلك بدعوى أن البرلمان (ولايه كبرى) ولا يجوز للمرأة أن تتولاها، في حين كتلة المنبر الاسلامي ملتزمة الصمت حيال ذلك وإذا قررت فباستطاعتها، وتبقى كتلة الوفاق التي تتداول الحديث عن إعطاء الفرصة لسيدتين ضمن مرشحيها القادمين، أما الجانب الحكومي فقد يستمر في دعم خياره السابق في هذه الانتخابات أيضاً.

أما بالنسبة لمقترح الكوتا فإن الاتحاد النسائي يستند في تبنيه له على مبادئ كرسها دستور مملكة البحرين في ضمان الحقوق المتساوية للمواطنين رجالا ونساء، وعلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعلى التوصية 182 من خطة بيجين التي طالبت حكومات العالم بزيادة مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار لتصل في الحد الأدنى إلى 30%، إضافة إلى اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وخصوصا المادة الرابعة التي دعت الدول الأطراف إلى اعتماد مبدأ التمييز الإيجابي لصالح المرأة، وفي الملاحظات الختامية التي أصدرتها اللجنة الدولية المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة على إثر مناقشة التقرير الرسمي والأهلي البحريني بجنيف في أكتوبر 2008، تم تخصيص فقرة من بندين لهذا الموضوع جاء فيهما:

- تلاحظ اللجنة أن فهم الدولة الطرف للغرض من التدابير الخاصة المؤقتة ولضرورﺗﻬا وفق الفقرة ١ من المادة ٤ من الاتفاقية، غير كاف وهي تعرب عن قلقها من اعتبار تلك التدابير منافية للدستور وتمييزية. وهي تشعر بالقلق أيضًا إزاء عدم اتخاذ أية تدابير خاصة مؤقتة لتسريع تحقيق المساواة بحكم الواقع أو المساواة الجوهرية بين الرجال والنساء، خاصة فيما يتعلق بمشاركة النساء في السياسة وفي مكان العمل.

- وتحث اللجنة الدولة الطرف على اعتماد وتنفيذ الفقرة ١ من المادة ٤ من الاتفاقية والتوصية العامة رقم ٢٥، التدابير الخاصة المؤقتة، الصادرة عن اللجنة خاصًة في مجال مشاركة النساء في الحياة العامة وفي مجال عمالة النساء. وتوصي اللجنة الدولة الطرف أيضاً بأن تنشر الوعي بين عامة الناس بأهمية التدابير الخاصة المؤقتة في التعجيل في عملية تحقيق المساواة بين الجنسين.

ونحن في الاتحاد النسائي البحريني نرى أن تطبيق نظام الكوتا لا بد وأن يتزامن مع تعديل نظام الصوت الواحد المعمول به حالياً إلى نظام القائمة، ونظام توزيع الدوائر الانتخابية، كما لابد من المطالبة بأن تزيد الدولة من نسبة عدد النساء في مجلس الشورى لتصل بها الى المناصفة بحيث يُعوض النقص في المجلس المنتخب.


ما هي معوقات وصول المرأة الى المراكز العليا في الدولة، وبالخصوص كعضو في مجلس النواب؟

معوقات وصول المرأة الى المراكز العليا في الدولة هي ضعف الإرادة السياسية بالدرجة الأولى، والتي تكون في بعض الأحيان متأخرة على الذهنية المجتمعية السائدة، وبإمكان الدولة أن تعتمد كوتا نسائية في السلطة التنفيذية تنفيذا لالتزاماتها بخطة عمل بيجين.. واليوم نرى أنه لا بد أن نتطلع إلى المناصفة في عدد وزراء الحكومة ووكلاء الوزارة والسفراء وفي عضوية مجلس الشورى، وبهذا تفرض الدولة الحق الدستوري للمرأة كمواطنة تساهم مع الرجل جنباً الى جنب في بناء بلدها والرقي به.

أما بالنسبة لعضوية مجلس النواب فالمعوقات تتمثل:

الإرث التاريخي من التهميش والإقصاء الذي تعرضت له المرأة مما رسخ في وجدان الناس ووعيهم بما فيهم النساء أن السياسة والقيادة هي من صميم عمل الرجال ولا قبل للنساء بها.

الالتباس الشديد بين العرف والتقاليد، وبين تعاليم الدين الاسلامي الحنيف واستخدام ذلك كذريعة في إبقاء وضع المرأة على ما هو عليه.

إفتقار النساء إلى حرية الحركة والانتشار بين جمهور الناخبين بشكل طبيعي وتلقائي ومستمر بسبب الظروف الاجتماعية والموروث الثقافي.

عدم استقلالية قرار المرأة الناخبة التي عادة ما يتبع الأب أو الزوج أو الأخ.

سطوة الجمعيات السياسية الدينية المسيطرة على المجلس المنتخب والتي لا تأتي قضية تمكين المرأة ضمن أولوياتها.


أين وصل قانون الأسرة في شقّه الشيعي؟ وهل تمهد الطريق لإقراره، وما هو دور الإتحاد النسائي ورأيه في هذا الأمر؟

قانون الأسرة في شقه الشيعي مسكوت عنه إلى أجل غير مسمى نتيجة الاتفاق الذي تم بين الحكومة وكتلة الوفاق البرلمانية والذي سُحب من مجلس النواب في العام الماضي، والمشكلة الكبرى أن هذا القانون دخل في اللعبة السياسية واستُخدم كورقة للمساومة بين الجهة المعارضة والحكومة.

الإتحاد النسائي واصل المطالبة بهذا القانون وسعى الى خلق توافق مجتمعي حول القانون حيث استجاب مشايخ ورجال دين من الطائفة السنيّة، وراجعوا المسودة ووضعوا ملاحظاتهم عليها وصدر القانون الشق السنّي، بينما رفض التجاوب الجانب الشيعي، ويسعى الاتحاد حالياً للقاء بشخصيات في الطرف الشيعي وفتح حوارات معهم حول الموضوع.


الى أيّ حد استفادت المرأة من الإصلاحات السياسية التي جرت في البلاد؟

استفادت المرأة من الإصلاحات السياسية في البلاد من عدة وجوه:

1/ الحصول على الحق الكامل والمتساوي بموجب الدستور في المشاركة في الانتخابات كمترشحة وناخبة، وفي تكافؤ الفرص في تقلد الوظائف وفي تمثيل البلد في المحافل الدولية، ويبقى أن تُترجم النصوص الدستورية على أرض الواقع.

2/ تعيين وزيرتين ووكيلات نيابة وثلاث قاضيات إحداهن عضو في المحكمة الدستورية، وهي مناصب لم تُتح للمرأة قبل الإصلاح.


هل هناك تعاون عملي بين الإتحاد النسائي والجمعيات النسائية الأخرى، وكذا مع المجلس الأعلى للمرأة؟

الاتحاد النسائي يعمل كممثل للجمعيات النسائية الأعضاء (12 جمعية نسائية) ويسعى إلى ضم الجمعيات النسائية الأخرى. أما التعاون مع المجلس الأعلى فقد وقع الطرفان مذكرة تفاهم، وتوجد لجنة تنسيق بين الاتحاد والمجلس الأعلى.


الى أي أحد نجح الإتحاد في تحقيق أهدافه، وما هي المعوقات التي تعترض مسيرته؟

الإتحاد حديث النشأة إذ تأسس في سبتمبر 2006، وخلال عمره القصير نجح في وضع أهداف الاتحاد على أرض الواقع عبر مجموعة من الملفات التي يتبناها والبرامج التي ينفذها. المعوقات التي تعترض مسيرته تشمل: ضعف التمويل؛ عدم وجود مقر مملوك للاتحاد؛ عدم تفريغ عضوات مجلس إدارة الاتحاد النسائي ليتمكن من أداء واجباتهن.


ما مدى تطبيق الحكومة للإتفاقيات الدولية التي وقعتها والمتعلقة بشؤون المرأة والطفل، وخصوصاً اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؟

بالطبع هناك بعض التقدم المُحرز في وضع المرأة منذ توقيع مملكة البحرين على اتفاقية السيداو منه:

- زيادة مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار.

- تقديم التقارير الدورية الخاصة بالاتفاقيات الدولية كآلية جيدة لرصد ما أنجزته الحكومة من التزامات رتبتها الاتفاقيات الدولية.

- إعطاء المرأة بعض الامتيازات في قانون الخدمة المدنية تتعلق بإجازة الوضع وساعة الرضاعة وإجازة الترمّل.

- إصدار قانون أحكام الأسرة/ الشقّ السنّي.

و يبقى الكثير والمهم مما نصت عليه الاتفاقبات الدولية لم يُطبق حتى الآن منه:

تحفظات المملكة على اتفاقية السيداو وما لذلك من تأثير على الاستفادة من جوهر الاتفاقية.

عدم تعديل القوانين التمييزية تجاه المرأة كقانون الجنسية (حق المرأة المواطنة المتزوجة بغير مواطن في نقل جنسيتها إلى أبنائها أسوة بالرجل).

عدم سن قوانين مُلحة وضرورية لتقدم وضع المرأة (قانون أحكام الأسرة / الشق الشيعي، قانون للحماية من العنف، قانون يجرّم التحرش الجنسي، وقانون يُجرم التمييز بأنواعه).

عدم توقيع البحرين على البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية السيداو ما يعني حرمان المرأة من آلية دولية مهمة لإيصال صوتها وقضاياها للعالم، اضافة الى عدم بذل الجهد الكافي من قبل الحكومة للتعريف بالاتفاقية المذكورة ونشرها مجتمعيا.

عدم وضع إطار قانوني ضمن مشروع قانون العمل في القطاع الأهلي الجديد لفئة مدرسات رياض الأطفال (3000 مدرسة) وللعمالة المنزلية.


هناك من ينتقد الإتحاد النسائي، من جهة أن دوره غير واضح المعالم، ونشاطاته غير كافية على الصعيد الإجتماعي، ما هو ردّكم؟

نحن نتقبل النقد بصدر رحب ونرى فيه أداة للتطوير بشرط أن يكون موضوعيا، والاتحاد النسائي البحريني على الرغم من حداثة تأسيسه وعدم توفر الظروف المساعدة، إلا أنه وكممثل للجمعيات النسائية اضطلع بمهام كبيرة جداً كالدفع بإصدار قانون الأحوال الشخصية وسعيه الحالي إلى فتح قنوات للحوار حول الشق الشيعي من القانون، وتبنيه للجنة الدعم القانوني والقضائي لمساندة النساء المتضررات في قضايا الأحوال الشخصية والعنف الأسري، وتأسيسه لمشاريع مهمه كمشروع محو أمية النساء في استخدام الحاسب الآلي عبر شبكة من المختبرات في أماكن متفرقة بالمملكة، وتعاونه مع مجلس النواب والشورى في مراجعة القوانين المتعلقة بالمرأة، ووضع الملاحظات عليها، بالإضافة الى دور الإتحاد في إعداد التقرير الأهلي البديل لاتفاقية السيداو، ومشاركته في جنيف في أكتوبر 2008 لحضور جلسة مناقشة تقرير مملكة البحرين الرسمي والأهلي، ومتابعته حاليا لتنفيذ التوصيات الصادرة من لجنة السيداو، وعضويته في المؤسسات الإقليمية والدولية وغير ذلك الكثير.