“رئاستي لـ (هيئة الحقوق) شائعة”

الشفيعي: لا أؤيد أن يكون العمل الحقوقي مطيّة للوصول الى البرلمان

في لقاء مع صحيفة البلاد البحرينية في 25/8/2009م، نفى رئيس مرصد البحرين لحقوق الإنسان، الأستاذ حسن الشفيعي ترشيحه لرئاسة أو عضوية الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، التي تجري مشاورات لتشكيلها في دوائر صنع القرار. وأجاب الشفيعي على عدد من الأسئلة التي تثار حول الوضع الحقوقي البحريني. هذا هو نص اللقاء:

لماذا يمارس المرصد نشاطه من لندن بدلا من المنامة، خاصة وأن البحرين بيئة واعدة لعمل مؤسسات المجتمع المدني، وبها فسحة من الحرية لتحقيق ذلك؟

لا شك أن البحرين ـ وكما ذكرتم ـ تمثل بيئة واعدة لمؤسسات المجتمع المدني، وهناك فسحة كبيرة للقيام بأي نشاط حقوقي، وقد استفاد من هذه البيئة المنظمات المحلية، كما المنظمات الدولية. ولعلكم تتابعون الأخبار المتعلقة بقيام كثير من الأنشطة لمنظمات حقوقية دولية على أرض البحرين، كما تعلمون حقيقة أن هناك مكاتب لمنظمات دولية عديدة يرتبط نشاطها بالموضوع الحقوقي بصفة عامة.

ومع أن البحرين كبيئة ومناخ لفتا نظر الكثير من النشطاء الحقوقيين في العالم الى الفرص المتوفرة، فإن تأسيس المرصد في لندن، لا علاقة له بهامش الحرية المتاح، وهو كبير، وإنما له علاقة بظرف القائمين عليه، وهم مقيمون في لندن، كما هي حالتي الشخصية. لكن هناك حقيقة يجب أن لا تغيب عن البال، وهي أن البحرين كما هي دول العالم كلها مكشوفة في عصر الإتصالات الحاضر، فما يجري على أرض الواقع، معروف لدى الجميع، ونحن لا نعاني من (الإغتراب) من جهة الوصول الى المعلومة، والتواصل مع الناشطين الحقوقيين المحليين.

وأرى أن وجود المرصد في لندن، يعطينا كمسؤولين عليه، الفرصة للتواصل (المباشر) أكثر مع المنظمات الدولية. ثم إن هناك منظمات حقوقية كثيرة تعمل في الداخل، وهي تقوم بمهامها، وتطوّر أداءها، كما نفعل نحن، وبإمكاننا إفادة الآخرين من زملائنا، كما نستفيد نحن منهم، وقد لقينا تجاوباً مشكوراً منهم، خاصة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان.

ربما يشكل ابتعادنا عن البحرين، ميزة من جهة ما، فهذا يضعنا في مكان أفضل من جهة المراقبة، والأهم من جهة الإبتعاد عن التشابكات السياسية والإجتماعية، أو التأثر بالأجواء المحليّة، ما يجعلنا نطل من نافذة مختلفة نوعاً ما، تعطينا الفرصة لتقديم تقييمات وآراء أفضل بشأن العديد من القضايا بعيداً عن التشابكات الإجتماعية والسياسية، والتي تضيق الفرصة أحياناً في مساحة التفكير والنشاط.

يتهم البعض المرصد بأنه ينحصر في شخصكم؟

المرصد مؤسسة جديدة، قائمة على جهدي وجهد عدد من العاملين المساعدين، هو ليس جهداً فردياً محضاً، إذا أردت الحقيقة. ولكن لا يعيب المرصد أن يكون قائماً على جهد بضعة أفراد؛ فنحن لسناً حزباً سياسياً يراد له الإنتشار والتوسّع. لا يفترض تقييم المرصد وأية مؤسسة حقوقية محلية أو دولية بعدد العاملين فيها، بل بمقدار ما تقدمه وما تنتجه وبمقدار التأثير الذي تحدثه في الساحة. ونحن راضون عن عملنا، وعن تأثيرنا، وإن كنّا نأمل أن يتوسع التأثير لما يخدم وضع بلادنا الحقوقي، ففي النهاية، تهمنا الغاية، وليس عدد العاملين.

تتردد أنباء عن ترشيحك لرئاسة أو عضوية الهيئة الوطنية لحقوق الانسان في البحرين. ما صحة ما يتردد؟ وهل عُرضت عليك العضوية؟

أغلب ما يقال والذي وصل رذاذ منه الى الصحافة هو مجرد شائعات. يهمنا أن تخرج الهيئة الوطنية الى النور، ويهمّنا أكثر أن تحدث الهيئة قفزة نوعيّة في ساحة العمل الحقوقي. هذا هو المهمّ، والباقي تفاصيل. وأنا أعتقد بأن في البحرين العديد من الكفاءات، التي يمكن أن تتبوأ منصب الرئاسة والعضوية في الهيئة، والأمور ليست معلّقة على شخص معيّن، ولا يجب أن يكون ذلك.

ما خطة المرصد بالاستحقاق الانتخابي البلدي والنيابي المرتقب. هل سيوفد فريقا لمراقبة العملية الانتخابية؟

حتى الآن لم نناقش الأمر، وإذا كان هناك من جهد سيبذل في موضوع (مراقبة العملية الإنتخابية) فسيكون بالتنسيق مع منظمات حقوقية محليّة معنيّة بهذا الأمر بشكل أكثر، وتتمتع بقدر لا بأس به من الخبرة، وأقصد بالتحديد جمعية الشفافية التي سبق لها أن راقبت انتخابات محلية وتشريعية في أكثر من بلد عربي. وحسب علمي فإن الإخوة في منظمة الشفافية، يجهّزون أنفسهم للإنتخابات القادمة، وإذا ما كان هناك من عمل ما سنقوم به، فسيكون في مجال الترشيد من جهة المقترحات والمساهمة في بعض النشاطات، ولكن كما ذكرت، سيكون ذلك على الأرجح بالتعاون مع المنظمات المحلية، التي هي أقدر على القيام بهذه المهمّة.

ما مدى التجاوب مع النشرة الشهرية التي يصدرها المرصد؟

التجاوب مع النشرتين الشهريتين كان ايجابياً للغاية، وقد فاق توقعاتنا. كنّا ندرك بأن هناك نقصاً في فهم الوضع الحقوقي البحريني، وقد عملنا على وضع الأمور في إطارها التحليلي السياسي/ الحقوقي، ما أكسب النشرة موقعاً مهماً ومتميزاً لدى الناشطين الحقوقيين. لا نعاني في البحرين وخارجها من مشكلة المعلومات وتوافرها، بل نعاني من الإطار المنهجي لتحليل تلك المعلومات. وقد حاولنا قدر الإمكان أن نفتح عيون زملائنا في داخل البحرين وخارجها الى الإطار المنهجي الذي نحلل فيه الأمور، ونلفت في بعض الأماكن الى الخلل مع قدر من النقد والتصويب، ونظنّ أننا قدّمنا شيئاً إيجابياً، ورسمنا إطاراً شبه متفق عليه بشأن تحليل المواد والمعلومات المتعلقة بموضوع حقوق الإنسان في البحرين، بغية التطوير، والإلتصاق بالقضايا الكبيرة التي لها أثر على الوضع الحقوقي العام.

ما تقييمك لأداء ونشاط الجمعيات الحقوقية البحرينية؟

لستُ في وضع يمكنني فيه من تقديم تقييم لنشاطات الزملاء، فنحن في المرصد أنفسنا بحاجة الى من يقيّم نشاطاتنا ويرشدنا الى أخطائنا، ويصحح معلوماتنا. نحن بحاجة الى النقد والتوجيه والتصويب. لا يغيب أبداً عن بالنا أن النشاط الحقوقي في البحرين كما المؤسسات الحقوقية حديثة عهد؛ ونحن جميعنا لا ندّعي الكمال، بل نحن أناس صادقون مع أنفسنا، نسعى لإصلاح أوضاعنا الحقوقية الخاصة، ولازلنا نتعلّم من تجارب غيرنا كما من تجاربنا الخاصة. قد نحتاج الى زمن لنقيّم أمورنا. ولكني أعتقد بأن كل جهة حقوقية بحاجة الى تقييم نفسها قبل أن يقوم آخرون بتقييم أعمالها.

في تقييمي العام، فإن مؤشر الوعي الحقوقي، كما مؤشر الخبرة والمهنية الحقوقية لدى الجمعيات المحلية في تصاعد. وهذا يكفيني ويرضيني في الوقت الحاضر. ونحن في المرصد حين نتحدث عن النواقص ونكتب عنها، فنحن لا نستثني أنفسنا من ذلك، وفي الغالب نحن نشير الى القضايا الكلية، دون الدخول في التفاصيل، لأنها لا تفيد كثيراً، وقد لا نكون مطلعين عليها. وأملي أن الجمعيات الحقوقية المحلية بعد أن أمضت سنوات عمل عديدة، أن تكون قد استفادت من دروس التجربة الماضية، بحلوها ومرّها.

هل تتوقع وصول شخصيات حقوقية لمجلس النواب؟

ابتداءً، لا أؤيد اختلاط العمل السياسي بالعمل الحقوقي؛ ولا أؤيد أن يكون العمل الحقوقي مطيّة للوصول الى عضوية مجلس النوّاب. ولكن هذا لا يعني أنني شخصياً لا أريد أن يصل حقوقيون الى البرلمان. كل ما أريد قوله هو: حين يكون الناشط الحقوقي عاملاً ضمن جمعية حقوقية، فإنني أتمنّى ان يكون نشاطه حقوقياً، غير متلوّث (كثيراً) بالسياسة، لأن ارتباط النشاط الحقوقي بالموضوع السياسي وتأثير أحدهما في الآخر، أمرٌ مفروغ منه. وحين يقرر الناشط الحقوقي خوض معركة سياسية انتخابية ليكون عضواً في البرلمان، فهذا حقّه، ولكنه وهو في منصبه الحقوقي عليه أن يراعي وضع الجمعية التي يعمل فيها، أن لا تتحول الى جمعية سياسية، وأن لا يجير نشاطها ليصل الى البرلمان (لا يسيّسها) وأن لا يقحمها في معارك مع مرشحين آخرين أو تيارات سياسية قائمة. أما حين يصل الى عضوية البرلمان، فأرى أنه يجب أن يفك ارتباطه بالجمعية الحقوقية التي ينتمي اليها، وأن يكافح (حقوقياً) ضمن لجان البرلمان، وأن لا يسعى لاستخدام ما تبقى له من تأثير في الجمعية الحقوقية التي كان يعمل فيها لإقحامها في معارك سياسية، أو لتقوية مكانته وموقفه.