جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة

الإستقرار شرط أساسي للتقدّم

بقلم: جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة

كتب جلالة ملك البحرين مقالة في الواشنطن تايمز في 19/4/2011، تطرّقت للأوضاع السياسية والأمنية والإقتصادية في البحرين. بعض مقاطع المقالة له صلة مباشرة بالأحداث الأخيرة، كما له صلة بالموضوعين السياسي والحقوقي، ومستقبل البحرين في هذين الميدانين. رؤية جلالة الملك هذه نضعها لقراء (المرصد البحريني) لتوضح جانباً من الصورة الشاملة الحقوقية والسياسية والإقتصادية لوضع الدولة وما يراد لها مستقبلاً.

طالت رياح التغيير التي تجتاح المنطقة شواطئ البحرين وتلقينا بكل حسن نية المطالب بشأن وظائف جيدة الدخل، وتحقيق الشفافية في الشؤون الاقتصادية والحصول على خدمات اجتماعية أفضل.

وليس من شك في أن المطالب المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية لجميع البحرينيين تعتبر مشروعة، لذا ردا على ذلك عرضنا إجراء حوار غير مشروط مع المعارضة، وذلك للحفاظ على استقرار بلادنا، والتعامل مع المطالب الإصلاحية بشكل إيجابي.

ولكن للأسف، تمّ اختطاف المطالب المشروعة للمعارضة من جانب عناصر متطرفة مرتبطة بأجندات حكومات أجنبية في المنطقة، وبدا واضحاً جداً أن ما يتمتع به بلدنا من استقرار وأمن ومكانة اقتصادية أصبح مهدّداَ.

لذا فقد اتخذنا إجراءات فورية لضمان استقرار الوضع، وفي الوقت نفسه رحبنا بدخول قوات درع الجزيرة المشتركة المكونة من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي لم تكن مهمتها قمع المتظاهرين ـ كما زعم بعض جيراننا ـ ولكنها تولّت حماية المرافق الأساسية والمنشآت الحساسة في البحرين.

ان ما كان يراودنا في تلك اللحظة هو المسؤولية باتخاذ قرار، ليس فقط بالنسبة للاستقرار وسلامة مواطنينا، ولكن أيضا بالنسبة لاستقرار المنطقة، إذ أن البحرين تقع في قلب أمن الخليج، ولذا فان أي نوع من الاضطرابات العنيفة في البحرين، سيكون له عواقب جيوسياسية هائلة، خاصة وأن الاقتصاد العالمي يعتمد على تصدير النفط الخام من الخليج إلى الأسواق العالمية بلا انقطاع، وهذه وظيفة يتولاها الأسطول الخامس الأمريكي تاريخياً.

إن 70% من احتياطيات العالم من النفط تكمن في منطقة الخليج، كما ان أكثر من 30% من هذا النفط يتدفق عبر المياه الإقليمية للبحرين، و تتحمّل دول الخليج من جانبها مسؤولية حماية هذه الاحتياطيات، وضمان سلامة وأمن ناقلات البترول لهذه الأنابيب التي تمتد آلاف الكيلومترات عبر شبه الجزيرة العربية، حاملة النفط إلى جميع مختلف العالم.

ونحن نحاول اليوم جاهدين المضي قدما بعملية الإصلاح، وتصحيح تلك المشاكل التي نشأت خلال الفترة الماضية، بعد أن خلق الإنقسام الطائفي شقاقاً في مجتمعنا، وهذا هو التحدّي الرئيسي.

وإنني كعاهل لجميع البحرينيين، يؤلمني أن أرى العديد من المتضررين جراء تصرفات القلّة، ومع ذلك أبقى متفائلا، ولديّ ثقة في شعبنا، وندرك جميعاً أن الوقت قد حان لتحقيق توازن بين الاستقرار والإصلاح التدريجي والالتزام بالقيم العالمية لحقوق الإنسان وحرية التعبير والتسامح الديني، ونحن واثقون من أننا يمكننا أن نحقق هذا التوازن بالتعاون مع صديقنا القديم وحليفنا الولايات المتحدة الأمريكية، وتحقيق ما من شأنه الحفاظ على تطلعات ديمقراطيتنا الفتيّة التي تمر بمرحلة انتقالية.

إن أول ما علينا فعله ـ جنباً إلى جنب مع أشقائنا في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ـ هو ضمان الاستقرار الاقتصادي، ثم خلق فرص عمل لجميع البحرينيين.

ونحن ندعو الشركات الأميركية التي تتطلع إلى تنمية رؤوس أموالها إلى الانضمام لبورصة البحرين، فالمنطقة لديها فائض من السيولة يقارب 1 تريليون دولار.

ويمكن للشركات الأمريكية المبدعة الاستفادة من هذا القدر من رؤوس الأموال، ويمكن أن يتمّ تمويل موقع الفيسبوك الإجتماعي بالكامل في بورصة البحرين.

وثمّة عنصر هام في خلق فرص العمل يتمثل بإقرار (خطة مارشال) للبحرين ، ويمكن لأشقائنا في (قطر والسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة) ان يقوموا بدور هام لتمويل مشاريع البنية التحتية والطاقة.

وعلى سبيل المثال، يمكن لقطر أن تموّل مشروع جسر البحرين وقطر، الذي تمّ التداول فيه كثيراً في الآونة الأخيرة، وهو ما سيتيح الفرصة للعمل الفوري لمئات من البحرينيين.

إن أي دعم للبحرين ينبغي أن يشمل برنامجاً للمنح الدراسية للبحرينيين للحصول على الدرجة الجامعية والدراسات العليا في الولايات المتحدة.

ويعدّ التعليم أفضل استثمار يقوم به أشقاؤنا الخليجيون لمستقبل البحرين، وذلك من منطلق أن التعليم على مستوى عالمي هو الشرط للحصول على أفضل الوظائف.

وسيساهم هذا الاستثمار في توفير الفرص للمواطنين، ليس فقط لعرض مهاراتهم في البحرين، بل أيضاً سيتيح لهم فرص عمل مجزية في دول مجلس التعاون الخليجي.

وأخيراً وليس آخراً، فإننا نرحب بأيّ جهد مشترك بين الولايات المتحدة، ودول مجلس التعاون الخليجي لتمويل وتنفيذ برنامج تدريبي في الولايات المتحدة للمجنّدين الجدد في قوات الشرطة وقوة دفاع البحرين.

عندما كنت طالباً في الكليّة الحربيّة التابعة للجيش في فورت ليفنورث بولاية كنساس كان واضحاً جداً بالنسبة لي أن التجربة الأميركية تمثّل نموذجاً جيداً يحتذى به. وفتحت الأحداث التي وقعت منذ فبراير آفاقاً جديدة بين البلدين.