الحاجة لقانون جمعيات عصري

على ضوء اصدار هيومن رايتس ووتش تقريرها المطول حول القيود المفروضة على تكوين الجمعيات في البحرين والذي جاء تحت عنوان: (التدخل والتقييد والهيمنة)، والذي شمل قراءة في مشروع قانون الجمعيات الجديد، والقانون الحالي، فإن هناك ملاحظات يجب أن لا تغيب عن المهتمين بالأمر:

الأول ـ من المهم والمفيد أن يكون للبحرين قانون جمعيات يتوافق تماماً مع المعايير الدولية، ومع التزامات البحرين الدولية من خلال مصادقتها على الكثير من الاتفاقيات والمعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان عامة. فالخطوة الأهم قبل اي شيء آخر، أن يكون للبحرين قانون عصري لا يثير الجدل في الداخل والخارج من خلال تجاوزه لتلك المعايير.

ثانياً ـ بإمكان السلطات في البحرين أن تمارس الشدّة في تطبيق القانون في حال كان متماشياً مع المعايير دون ان تخشى اعتراضاً او نقداً. اما ان كان القانون ناقصاً، فإن المجتمع المدني البحريني (بعضه أو كله) سيعمل وفق المعايير الدولية وليس القانون المحلي، وستكون حجته قوية ومدعومة قانونياً في الداخل والخارج.

ثالثاً ـ مهما بلغت التقييدات في أي قانون للجمعيات المدنية او السياسية، فإن أقصى ما سيحققه هو (خنق جزئي) للتطور الطبيعي في البحرين كدولة، وسيسبب في المستقبل الكثير من المتاعب السياسية والأمنية وحتى الإجتماعية، نرى ان البحرين في غنى عنها.

رابعاً ـ لا تستطيع البحرين أن تختطّ لنفسها قانوناً خاصاً بمعاييرها هي، ثم تنتظر أن يكون مقبولاً محلياً ودولياً. ليس هكذا تجري الأمور. على العكس تماماً، سيسبب القانون مشاكل في العلاقة مع المنظمات الحقوقية الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة، بل قد يثير مشاكل حتى مع الدول الحليفة، لأن كل هذه الجهات تعتمد في تقييمها للوضع الحقوقي والسياسي في أي دولة على المعايير الدولية وليس على معايير تضعها كل دولة لذاتها.

خامساً ـ نحن نعتقد بأنه لا يجوز تمرير قانون الجمعيات الجديد دون أن تكون هناك مشاركة من المجتمع المدني، وموافقة منه عليه، كما كان مخططاً في الأساس. ونرى ان المجتمع المدني يجب أن يبذل جهوداً قبل ان يصدر القانون من خلال العمل مع السلطات ومع المشرّعين لاقناعهم بتعديل القانون ليكون متوائماً مع المعايير الدولية.

وأخيراً ـ نرى من الضروري ان تدرس الوزارات المعنية والبرلمان تقرير هيومن رايتس ووتش وان تتجاوب مع بواعث القلق فيه والإشكالات التي يطرحها والحلول التي يتقدم بها، بغض النظر عن الموقف الرسمي من المنظمة التي اصدرت التقرير. ان هذا النوع من النقد المبكّر، هو الذي سيظهر لاحقاً ـ إن لم يتم الإهتمام بتعديل القانون ـ من قبل كل الدول والجهات الحقوقية الدولية. ومن حسن الحظ فان هناك وقت لإصلاح مشروع قانون الجمعيات، خاصة وان البحرين ـ كما يفترض ـ مقبلة على وضع سياسي وحقوقي أفضل واسترخاء أمني؛ فالأوضاع الحالية ستتغير، ويجب أن يكون القانون قد أعدّ للمستقبل.