البحرين المتسامحة

مرّ على العالم، والبحرين جزءٌ منه، اليوم الدولي للتسامح، والذي صادف 16/11/2010 وهو يوم عيد الأضحى، دون أن يهتمّ به كثيرون في العالم العربي، وقد قام المجتمع المدني في البحرين ببعض الأنشطة بهذه المناسبة.

التسامح كمفهوم وكقيمة وكفضيلة، يمثل حلقة متصلة بجملة من المفاهيم والقيم الإنسانية الكبرى، ما يجعله بمثابة البوابة لخلق مجتمعات متآلفة ومتعاونة، رغم تنوّعها الثقافي والديني والعرقي واللغوي.

وبالنسبة للبحرين فإنها معنية بموضوع التسامح، كونها بلد يتعايش فيه المسلم السنّي والشيعي والإسماعيلي، مع المسيحي، واليهودي، والبوذي، والهندوسي، والسيخي، والبهائي. لم يكن وجود كل هذا التنوع في البحرين ـ ومنذ القدم ـ صدفة؛ ولو كان كذلك، فلنا أن نتساءل: لماذا لا يوجد مثيل لهذا التنوّع في أيّ دول خليجية أخرى.

لقد احتضنت البحرين هذا التنوع، وما كان ذلك ليتم لولا وجود خصلة التسامح الديني بين الجمهور، فالحكومة صاحبة القرار الأول أدركت منذ عقود طويلة بأن هناك قابلية إجتماعية لاحتضان هذا النوع من التنوّع الذي يعبّر عن نفسه في كنائس، ومعابد، ومقابر، وتجمعات دينية، ومنظمات مجتمع مدني، وممارسة شعائر، ومدارس خاصة، وأعياد، وعطل خاصة، وغيرها.

البحرين معنية باستمرار حالة التسامح، لتأكيد القيم الإنسانية الجامعة، والشراكة في الأرض والمنفعة، ولتربية الأجيال على حقيقة أن البحرين تتمتع بثراء كبير في تنوّعها الثقافي وغيره، وأن هذا التنوّع ـ وعبر التسامح ـ لا يمثل أسواراً وغيتوهات، بقدر ما يشكل فرصاً للإنفتاح والحوار والإثراء.

إن اقتراب النظام السياسي من الديمقراطية يساعد على تبنّي خطوات ومشاريع تقرّب المتنوّعين، وتمنع من إقامة السدود والحواجز، وتفوت الفرص على المتشددين الذين قد يسعون الى استيراد أفكار التشدد من خارج الحدود، كما وتلغي أية إمكانية للإستقطابات الإجتماعية والسياسية على أسس أيديولوجية أو عرقية أو على أساس الانطباعات النمطية.

بدون التسامح، وبدون مظلّة القانون المبسوطة فوق رؤوس الجميع؛ وبدون مساحة من الحريات توفرها التجربة الديمقراطية الوليدة، فإن أبواب الشرّ قد تنفتح سعياً لتحويل التنوّع من (ميزة) للبلاد الى (ثغرة) في بنائها، ومعها تصبح البلاد بلا حصانة فتتغلغل فيها فيروسات التعصب والكراهية وفلسفات التضليل القائمة على احتكار الحق والحقيقة لتشلّها وتعكر صفو عيش أبنائها.

للحفاظ على صفة المجتمع المتسامح، ولتحصين بلادنا من التعصب والكراهية التي لا تقف عند حدود الدول.. نحن مدعوون للبحث عن برامج وسياسات جديدة تعزز حالة التسامح، وتنقله الى الأجيال الجديدة عبر التعليم والتربية والمنبر الديني وغيره. ونحن مدعوون أيضاً الى التعاطي السوي مع جميع من يقطن البحرين، مواطنين ومقيمين، بلا تمييز أو إجحاف حقوق، فهذا ما يؤكد التسامح على الأرض، وهو ما يمنع من بروز نظرات دونية ونمطية غير متسامحة تجاه الآخر.