الإنتخابات القادمة ومستقبل حقوق الإنسان

البحرين على أبواب انتخابات برلمانية جديدة.. حيث تجري الإستعدادات لها من قبل الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق المرأة، في عملية تنافسية قد تكون أكثر شدّة من التجربة السابقة عام 2006. لا نعلم الى أي حدّ ستكون العملية السياسية الإنتخابية حماسية ومهمّة، خاصة وأن البعض يميل الى التشاؤم حول حجم المشاركة الشعبية. ما نظنّ أنه سيحدث عكس ذلك تماماً، فهناك لاعبين جدد يبحثون عن موقع سياسي تحت قبة البرلمان.

المهم: أن استمرار العملية السياسية والإنتخابية ضروري لإنضاج التجربة الديمقراطية، والحفاظ على مستوى معقول من احترام حقوق الإنسان.

لا يمكن ضمان حقوق الإنسان أو المتوفر منها، أو منع الإنتهاكات الكبرى، إذا ما توقفت العملية السياسية أو أصابها الجمود، أو شعر المواطنون بعدم جدوائيتها. وفي المقابل: لا يمكن لعملية سياسية أن تستمر وأن تُحترم في ظل القمع والتعدي على حقوق الإنسان.. اللهم إلا أن تكون شوهاء مفرغة من محتواها.

يمكن النظر الى العملية السياسية في البحرين، والتي تمثل الإنتخابات واحداً من أوجهها البارزة، بأنها مظلة الإصلاحات الحقوقية، بل هي ـ كما في بلدان العالم ـ تمثل المخرج الحقيقي من مآزق العنف والتمييز والإعتداء وتكميم الأفواه.

العملية السياسية تنظم مصالح الأفراد والفئات الإجتماعية، كما تنظم الصراع والتنافس السياسيين؛ وتستولد التشريعات الحامية لحقوق المواطنين؛ وتؤسس للمحاسبة والشفافية وحرية التعبير؛ وتدفع قسراً باتجاه تطوير القضاء. باختصار فإن الدولة التي تقرر إصلاح نظامها السياسي باتجاه الديمقراطية، لا بدّ وأن يحدث فيها تطور في مجال حقوق الإنسان، على الأقل بمقدار ذلك الإصلاح.

في المقابل، فإن من البديهي أن تنتهك حقوق الإنسان بشكل فظيع في ظل الأنظمة التسلطية. لا يمكن لحقوق الإنسان أن تزدهر في ظل وضع سياسي متردٍ. هذه حقيقة. وبالتالي فإن حقوق الإنسان السياسية والإجتماعية والمدنية لا يمكن كفالتها إلا في نظام عادل مرضي عنه من الجمهور يتم اختيار شخوصه (أو أكثرهم) عبر عملية انتخابية يرى الجمهور أنه يشارك فيها ويقرر مصيرها.

التحول السياسي والعملية الانتخابية في البحرين أولدتا وضعاً حقوقياً أفضل مما كان عليه الوضع في السابق. وإن تطور العملية السياسية وصمودها واستمرارها في السنوات الأخيرة رغم الزعازع والعنف والشغب، يعني ترجيحاً حكومياً وشعبياً لخيار احترام حقوق الإنسان بغض النظر عن الاختراقات والانتهاكات التي قد تحدث.

إن القناعة الشعبية بالعملية السياسية يمكن قياسها في مستويات عدّة: في مدى مشاركة الجمهور فيها (عدد الناخبين؛ التنوع الإنتخابي من جهة المرشحين ذكوراً واناثاً، مستقلين وحزبيين وغير ذلك)؛ كما يمكن قياسها في قدرة العملية السياسية على اجتذاب لاعبين سياسيين جدد كانوا قد سبق لهم مقاطعتها؛ وكذلك في قدرة العملية السياسية على احتواء المطالب الشعبية وتلبيتها من خلال تشريعات البرلمان وتحسين أداء الحكومة.

ما نأمله: برلمان جديد يراكم خبرة من سبقه، وينجح في تحقيق طموح الناخبين، وفي مقدمها حقوقه الأساسية كافة.