مسيرة الإصلاح الى أين؟

هل توقفت مسيرة التحول نحو الديمقراطية في البحرين؟ أم هل تراجعت المسيرة، وانتصرت القوى التقليدية في إيقافها، بل والإرتداد عليها؟

يقول سياسيون وحقوقيون بأن المسيرة الإصلاحية توقفت بعد أن بدأت بجرعة كبيرة منها في سنوات الإصلاح الأولى؛ فيما يقول آخرون بأن القلاع التقليدية المعارضة للإصلاح نجحت في إيقاف زخمه، وبدأت بوضع العصي في العجلات للإرتداد عليه. الى أي حد يمكن أن يكون هذا القول صائباً؟

لا توجد حتى الآن مقاييس محلية واضحة يمكن التحاكم بشأنها فيما يتعلق بالتحوّل الديمقراطي، رغم وجود مقاييس دولية بهذا الشأن. ولكن في المجمل، ومع تأكيد المسؤولين على الإستمرار في عملية الإصلاح، ورغم القبول الشعبي والقوى السياسية عامة بمسألة (التدرّج في الإصلاح) إلاّ أنه يمكن القول وبقليل من التحفّظ، بأن زخم العملية الإصلاحية قد تباطأ بشكل كبير على مدار السنوات الماضية.

لا توجد حتى الآن فترة زمنية محددة للتحول نحو الديمقراطية، فهذا أمرٌ يجري تقديره من قبل السلطات العليا، كما لا توجد أجندة واضحة بالخطوات الواجب اتباعها في المسيرة باتجاه الديمقراطية تدرّجياً، ولهذا هناك غموض يكتنف توصيف الوضع الحالي، كما تحديد النهاية التي يمكن أن يصل إليها المشروع الإصلاحي.

البعض يطرح نهاية المأمول وهو الوصول الى (مملكة دستورية) حسب الدستور، مع قبول مبدأ تداول السلطة، وأن تجرب المعارضة حظّها في الحكم إن مثلت الأغلبية، وهذا لا يتعارض ـ حسب طاهر حكمت، عضو مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية ـ مع كون نظام الحكم ملكياً. وبين الواقع الحالي المعاش، والنهاية المراد تحقيقها، مسافة زمنية طويلة، وعقبات تنتظر المسيرة، وغموض في الخطوات المزمع اتخاذها، رغم وجود وثيقة رسمية بمثابة مانيفستو يرسم صورة البحرين عام 2030.

على أن بعض القضايا جديرة بالإشارة في هذا المقام، وتتعلق بأسباب التباطؤ في عملية الأصلاح السياسي وتحديث أجهزة وقوانين الدولة، يأتي في مقدمتها:

ـ استمرار حالة الخشية والشك بين الحكومة والمعارضة، إذ يبدو أن مساحة الإلتقاء والتشاور لاتزال في حدودها الدنيا.

ـ وصول قوى غير إصلاحية الى مجلس النواب عضدت القوى المعارضة للإصلاحات الموجودة في جهاز الدولة.

ـ تواصل عملية التحريض على العنف والشغب لسنوات طويلة، بحيث اعتبرها البعض نتيجة لإطلاق الحريات العامة.

ـ ضغوط المناخ الإقليمي الخارجي غير الديمقراطي على التجربة البحرينية وبشكل مستمر لتخفيض الحماسة باتجاه الإصلاحات.

ـ ضعف أداء المعارضة في تجربتها البرلمانية، وفي تحفيز أجهزة الدولة باتجاه المضي حثيثاً في تجربة التحول الديمقراطي.

الملك في خطاب له بتاريخ 21/9/2009، أكّد على مواصلة مشروعه السياسي الإصلاحي، في ترسيخ ما أسماه بـ (أسس وأركان الدولة الدستورية والمدنية) كما أكد على احترام حقوق الإنسان وحريته في التعبير بالوسائل الشرعية والسلمية، وتعهد بمواصلة النهج القائم بصورة تدرّجية. ويفترض أن تترجم أجهزة الدولة هذا الإصرار على شكل خطوات عمليّة تضيف المزيد من الحيوية للساحة السياسية من جديد، وتعيد الزخم للمشروع الإصلاحي، كما في انطلاقته الأولى.

حسن موسى الشفيعي

رئيس مرصد البحرين لحقوق الإنسان