ضغوط خارجية على الإصلاحات في البحرين
من الصعب مناقشة موضوعات حقوق الإنسان والتحوّل الديمقراطي في البحرين
بمعزل عن الأوضاع الإقليمية والدولية. وإذا كنا نعتقد بأن هناك مشاكل
داخلية تعيق الإصلاحات، واعترفنا بوجود تيارات رافضة للإصلاح أو معترضة
على بعض فصوله، فإن المراقب للوضع البحريني يلمس أيضاً تحديّات من
نوع آخر تتعلق بتأثيرات الوضع الخارجي.
يمكن رصد الضغوط الآتية من الخارج على الوضع الإصلاحي في البحرين
في ثلاثة اتجاهات:
اتجاه له علاقة بسنّ القوانين والتشريعات، حيث تضغط بعض القوى الدولية
على البحرين من أجل سنّ قوانين لها علاقة ـ كمثال ـ بمكافحة الإرهاب،
مما قد ينشأ عنها تجاوز لمعايير حقوق الإنسان الدولية. وفي بعض الأحيان
تتدخل تلك القوى من أجل ممارسة (القمع) تجاه توجهات وتجمعات سياسية/
دينية، ترى تلك القوى أنها إرهابية.
وهناك اتجاه آخر، يتعلق بالضغط الإقليمي على التجربة البحرينية
ومنعها من النمو. والسبب أن التجربة البحرينية ولدت في محيط إقليمي
غير ناضج، حيث رأت بعض الدول أنها يمكن أن تمثل إغراءً لدى مجتمعاتها،
ما يفرض عليها بعض الضغوط لتحسين أوضاعها السياسية. وبدل أن تتجه تلك
الدول لإصلاح وضعها السياسي، قامت عكس ذلك بتوجيه الضغوط الى البحرين
لتتوقف عن العملية السياسية أو تتباطأ فيها.
وهناك اتجاه ثالث له علاقة بالمناخ السياسي المتوتر في المنطقة،
حيث عدم الإستقرار في العراق، وصراع إيران مع القوى الكبرى، وتصاعد
التوتر والعنف المحلي في أكثر من دول مجاورة. هذا المناخ المتوتر أدّى
الى استقطابات حادّة، قد تؤثر على الأوضاع المحليّة في كل الدول وبينها
البحرين، وقد تشجع على تجاوز أجندتها الإصلاحية بسبب الضغوط المتصاعدة
من أطراف الصراع المختلفة.
ما نريد قوله هنا، هو ان التجربة الإصلاحية البحرينية لازالت في
بداياتها، وإن الضغوط الخارجية مكثّفة، ولكنها تشترك جميعاً في نتيجة
واحدة: تعويق الإصلاحات، أو الحدّ منها، أو التباطؤ في تنفيذها، أو
الدفع باتجاه خرق المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان.
نعتقد بأن كثافة تلك الضغوط لا تمثل مبرراً مقبولاً لانتهاج سياسة
تتجاوز حقوق المواطنين؛ كما أنها ليست مبرراً مقبولاً للتباطؤ في العملية
الإصلاحية. نرى أن الواجب على الحكومة في البحرين أن لا تنساق مع ضغوطات
الخارج، وأن لا تتباطأ في العملية الإصلاحية، ونعتقد بأن استقرار النظام
السياسي في البحرين رهين برضا المواطنين، وهو يمثل الأهمية القصوى،
وسفينة الخلاص، وأن ضغوطات الخارج يمكن مواجهتها طالما أن الرضا الشعبي
متوفر، وطالما أن هناك حنكة سياسية قادرة على الإلتفاف على تلك الضغوط.
حسن موسى الشفيعي
رئيس مرصد البحرين لحقوق الإنسان
|