البحرين: الحوار مع المنظمات الحقوقية الدولية وإشكالاته
عشية بدئها بالمشروع الإصلاحي في عام 2000، فتحت البحرين الباب
مشرعاً لجميع المنظمات الحقوقية الدولية، إيماناً منها بضرورة التعاون
معها، وثقة منها بنفسها من أنها تسير في الإتجاه الحقوقي الصحيح، وأيضاً
من أجل إطلاع الرأي العام الحقوقي الدولي على تطورات الوضع، وما تبذله
الحكومة من جهود، بحيث تنعكس هذه الجهود على التقارير التي تصدر عنها،
فتكون متوازنة ومحايدة.
في تلك الفترة، كانت كل المنظمات الحقوقية الدولية المهمة، مثل
هيومن رايتس ووتش، وامنستي، والفيدرالية الدولية، وهيومن رايتس فيرست،
وصحفيون بلا حدود، ومنظمة المدافعون عن نشطاء حقوق الإنسان، وغيرها،
قد زارت البحرين بوفود متكررة، بل وأقام الكثير منها فعاليته فيها،
وأطلق تقاريره منها.
أيضاً في تلك الفترة، كان المسؤولون في البحرين يقابلون الوفود
الحقوقية، ويتحاورون معها، ويفسحون لهم المجال لزيارة السجون، وحضور
جلسات المحاكمات، بل وحتى جلسات البرلمان وغيرها.
لكن البحرين، وبعد تجربة سنوات طويلة، لم تشعر بالفرق بين التعاون
مع هذه المنظمات الدولية من عدمه، بل كانت تشعر بأنها مستهدفة بتقارير
تلك المنظمات وبياناتها، وأن ما تقوم به من جهود لا أثر له في تغيير
مواقف تلك المنظمات إلا قليلاً. لكن تلك المنظمات الحقوقية، تبرر ما
كانت تقوم به، وتقول بأنه قد توفرت في البحرين إرادة سياسية للإصلاح؛
وكانت فيها فرصٌ للتقدّم، لهذا كان الضغط من أجل القفز بالوضع الحقوقي
العام الى الأمام وبشكل متسارع. ولهذا كانت خيبتها كبيرة حين غيّرت
الحكومة التعامل معها، وقللت من مستوى العلاقات بها. ومع هذا كلّه،
فإن المنظمات الحقوقية الدولية لم تتوقف عن رصدها لأوضاع حقوق الإنسان
في البحرين، واستمرت في اصدار التقارير والبيانات، وتعبئة الرأي العام
الدولي في جنيف وبروكسل ولندن وواشنطن وباريس وغيرها.
ومن جهة ثانية، فإن الدول الغربية، استمرت أيضاً في حثّ البحرين
على ضرورة الإنفتاح والتعاون مع منظمات حقوق الإنسان الدولية، عبر
السماح لها بزيارات ميدانية.
ضرورة زيارة المنظمات الحقوقية البحرين
تنبع هذه الضرورة من التالي:
أولاً ـ تعتبر العلاقة مع المنظمات الحقوقية
الدولية مؤشراً على التزام اي دولة بمبادئ حقوق الإنسان. وفي كل الأحوال،
فإن وجهة النظر العالمية تقول التالي: لا يمكن لدولة تحترم حقوق الإنسان،
وفي نفس الوقت تعادي منظمات حقوق الإنسان الدولية، وتمنع زيارتها،
وتوقف التعاون معها. لهذا، فإن من الضروري بمكان إعطاء صورة بأن البحرين
منفتحة على المنظمات الدولية الحقوقية، تفادياً للضغوط الدولية التي
تتهمها بالإنغلاق وعدم الشفافية. وعليه، لا يمكن لأيّ دولة تريد ان
تخفف الضغط الدولي عن كاهلها إلا من خلال التفاعل والإنفتاح مع كل
المنظمات الحقوقية الدولية، وخاصة تلك المنظمات الكبيرة المؤثرة على
سياسات الدول.
ثانياً ـ البحرين اليوم في وضع أفضل
بكثير مما كانت عليه في السنوات الماضية. وتطور الأوضاع الحقوقية والجهود
التي بذلتها الحكومة واضحة المعالم للقريبين، ولكنها بحاجة الى ان
تروى للأبعدين، ولا يمكن الإستفادة منها، مادامت العلاقات مقطوعة مع
المنظمات الدولية. بمعنى آخر فإن البحرين لديها اليوم نقاط قوة وعليها
ان تنفتح على الآخرين وأن تشرح وتوضح لهم ما أنجزته على أرض الواقع،
على أمل أخذ وجهة النظر الرسمية بعين الإعتبار في تقاريرها وبياناتها،
وذلك من خلال توضيح الموقف الرسمي، والإجابة على بواعث القلق التي
تثيرها.
الإشكالية الأساسية في البحرين ليست في عدم وجود إنجازات حكومية
على الصعيد الحقوقي وهي كثيرة، وإنما الإشكالية تكمن في حقيقة ضعف
عرض وتسويق تلك المنجزات على الصعيد الدولي. وبالتالي لا بد من إقناع
المنظمات الحقوقية الدولية بتلك المنجزات، من خلال الإنفتاح عليها
والسماح لها بالزيارات، وتوفير المعلومات، وغير ذلك.
ثالثاً ـ إن استمرار الخلاف مع المنظمات
الحقوقية الدولية، لا يغير شيئاً من نشاطها، ولا يخففه، بل قد يزيده
حدّة؛ وسوف يعتمد كل نشاط هذه المنظمات ـ كما رأينا في الفترة الماضية
ـ على المعلومات التي تأتي من طرف واحد وهو المعارضة. وإن الإنفتاح
على المنظمات الحقوقية الدولية، سيخفف، من جهة، حدّة التوتر في العلاقات
معها؛ ومن جهة ثانية، لا بدّ وأن تجد تلك المنظمات نفسها ـ في حال
فُسح لها المجال ـ ملزمة بالإشارة الى المعلومات التي ترد من الحكومة،
والى التطورات والإنجازات التي حققتها، وكذلك لا بد وأن تتأثر وتستجيب
لإجابات الحكومة على بواعث القلق المزعومة التي تثيرها تلك المنظمات.
وفي النهاية فإن المحصلة من الإنفتاح أفضل بكثير من المقاطعة التي
تبقي تلك المنظمات أسيرة لمعلومات أحادية.
وحتى من وجهة نظر الحكومة، فإن عليها أن تختار بين ما تعتبره السيء
والأسوأ في العلاقة مع المنظمات الحقوقية الدولية وإمكانية زيارتها
للبحرين. ففي كل الأحوال، ستكتب وتنشر تلك المنظمات التقارير والبيانات،
ومن المؤكد أن البيانات والتقارير ستكون في اضعف الأحوال أقل سوءً
وضرراً في حال سُمح لها بزيارة البحرين.
رابعاً ـ بالإمكان تأسيس علاقة جديدة
مع المنظمات الحقوقية الدولية، وفق آلية واضحة المعالم بين الطرفين.
وحين تتم زيارة وفود المنظمات هذه، فمن الضروري البحث عن الإطار الأفضل
لعلاقات مثمرة معها. عادة ما ينظر بعض المسؤولين الى العلاقة مع المنظمات
الحقوقية الدولية، والسماح لها بزيارة البحرين، بأنها مصدر للضرر،
من جهة أنه يتم إصدار تقارير سلبية، أو من خلال تسييس الزيارة من قبل
الناشطين. ولكن يفترض أن يرى هؤلاء المسؤولون الجانب الآخر، وهي الفائدة
المتحققة من الزيارة.
والفائدة هنا لها صورتان:
- الأولى: مقدار الضرر الذي تدفعه
الزيارات عن البحرين، فالمجتمع الدولي سينظر الى هذه الزيارات
بشكل إيجابي؛ والتقارير على الأرجح ستكون أخف وطأة وحدّة؛ وسيكون
بإمكان الحكومة ان تشرح منجزها بالتفصيل وعلى ارض الواقع، وتثبت
انها تبذل الجهود للتصدي لمشاكل حقوق الإنسان؛ كما ستثبت ان بواعث
القلق مغالى فيها، وان المعلومات أحادية الجانب غير دقيقة، وربما
في كثير منها غير صحيح.
- الثانية، والتي عادة لا ينظر اليها
كثيراً، تتعلق بالإستفادة الممكنة من المنظمات الحقوقية الدولية.
فهذه المنظمات لديها من الخبرات والعلاقات والتجارب والمعلومات
الشيء الكثير، وبدل التفكير في كيفية دفع ما يُعتقد أنه ضرر آت
منها، يجب التفكير في كيفية الإستفادة منها لصالح تطوير أوضاع
حقوق الإنسان. فمثلاً: ماذا لو كان ضمن برنامج زيارة هذه المنظمات
الى البحرين، ان تخصص وقتاً لكي تقوم بنشر ثقافة حقوق الإنسان
عبر الورش، التي يشارك فيها المجتمع المدني البحريني والبرلمان
والدوائر الرسمية ذات الصلة، وكذلك وسائل الإعلام والصحافة؟.
خلاصة القول، فإن من الضروري إعادة النظر في إقامة علاقة متوازنة
مع المنظمات الحقوقية الدولية، خاصة الكبيرة منها، مثل هيومن رايتس
ووتش، وأمنستي، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وغيرها.
بواعث القلق الدولية المزعومة
الخلاف بين البحرين والمنظمات الحقوقية الدولية يدور حول قضيتين
أساسيتين:
الأولى، يمكن وضعها تحت عنوان (بواعث القلق) في مجال حقوق الإنسان
في البحرين. والخلاف هنا، على حجم هذه البواعث، وربما أصل وجود بعضها.
الثانية، وتتعلق بكيفية التعبير عن بواعث القلق تلك. فالحكومة ترى
أن المنظمات الحقوقية الدولية، تستخدم عبارات ومفردات مضخمة عن القضايا،
وتبالغ فيها، ولا تحمل تقديراً لها، كما أنها تستخدم لغة صدامية، وتشهيرية.
إن أصل وجود قضايا تتعلق بحقوق الإنسان وتثير قلقاً لدى المجتمع
الحقوقي الدولي، أمرٌ غير جديد، ولا يرتبط بدولة بعينها، فمعظم الدول
ـ إن لم يكن كل دول العالم ـ تحدث فيها قضايا تثير القلق، وتصنّف ضمن
انتهاكات حقوق الإنسان، وفق المعايير الدولية.
ومن هنا، فإن من الضروري ابتداءً، الإقرار بمشروعية القلق في حال
وجود قضايا انتهاكات في البحرين. وعلينا أن نقرّ ثانياً، بأن بواعث
القلق، عامل مشترك بين الدول والمنظمات الحقوقية الدولية، وستكون دائماً
موضع نقاش وحوار، وربما موضع جدل بين الطرفين.
لهذا من المستحسن ان يلتفت المسؤولون في البحرين الى هذه البواعث،
وأن يفكروا بمعالجتها عبر الحوار مع تلك الجهات الحقوقية الدولية.
وهذا الحوار يمثل القناة المناسبة لتمكين الطرفين من إيجاد أرضية مشتركة
للتفاهم المتبادل، الأمر الذي لابد وأن ينعكس إيجابا في ما يتصل بإضفاء
الجدية على جهود البحرين في مجال الإرتقاء بأوضاع حقوق الإنسان، وإستعادة
الثقة المتبادلة.
فيما يلي أهم بواعث القلق الحقوقية الدولية، والتي تعبر عنها كل
البيانات والتقارير الحقوقية (النصوص معظمها من تقارير العفو الدولية):
أولاً ـ (تعرّض من يعتبرون في عرف المجتمع الدولي معارضين
سياسيين أو ناشطين حقوقيين، للقمع الشديد، الذي يشمل الإعتقال، والمحاكمة،
والسجن، ويصل إلى حد التجريد من الجنسية بالنسبة للبعض).
يفترض في الجهات الرسمية البحرينية ذات الصلة، ان تقدم الأدلة بشأن
إلتزامها بالإجراءات القانونية السليمة، بما في ذلك تحديد المواد القانونية
التي يتم بموجبها توجيه الإتهامات، وتوفير أدلة الإثبات على المتهمين،
مع توضيح تحقق معايير ومقومات المحاكمة العادلة لهم. ويدخل في إطار
هذه المهمة ايضا تبيان مدى مواءمة القوانين المحلية المتبعة في هذا
الشأن، مع المعايير الدولية الملزمة للبحرين، والتي تضمنتها الإتفاقيات
الدولية التي صادقت عليها الدولة.
ثانياً ـ (وضع القيود أمام حرية التعبير، والتنظيم،
والتجمع السلمي، والتظاهر، إضافة إلى إستخدام القوة المفرطة في مواجهة
التظاهرات).
أيضاً، يفترض في الجهات المسؤولة، تقديم الأدلة على إلتزام البحرين
بإتاحة الحريات، وشرح الظروف القاهرة التي تستدعي إتخاذ إجراءات إستثنائية.
ثالثاً ـ (تعرض العديد من المحتجزين للتعذيب وغيره
من ضروب المعاملة القاسية اللاإنسانية والمهينة).
وهنا فإن من مهمة مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، ووحدة التحقيق
الخاصة، والأمانة العامة للتظلمات، إضافة الى المؤسسة الوطنية لحقوق
الإنسان.. توضيح تحرياتها حول هذا الأمر، وإثبات التجاوزات او عدمها،
وعرض ما تم ويتم إتخاذه من إجراءات وتدابير تحول دون حدوث انتهاكات.
رابعاً ـ (عدم وضع حد لثقافة الإفلات من العقاب، التي
تتيح للكثيرين من مرتكبي الإنتهاكات، تفادي مواجهة العدالة، وتحمل
مسؤولية أعمالهم).
ومن واجب النيابة العامة، ووحدة التحقيق الخاصة، أن يقدّموا حصيلة
جهدهم في ملاحقة ومحاسبة مرتكبي الإنتهاكات، على النحو الذي يؤكد جدية
تعامل البحرين مع هذا الأمر، وان من ارتكب انتهاكات قد تمّ اتخاذ اجراءات
قانونية بحقّه، وبالتالي يمكن إثبات بأنه ليس هناك في البحرين (ثقافة
الإفلات من العقاب).
خامساً ـ (ضمان حرية التعبير، وتأمين استقلالية وحيادية
وتوازن الأجهزة الإعلامية الرسمية، وضمان إستيعابها للجميع، دون إقصاء
أو استعداء).
واستجلاء هذا الأمر يقع على عاتق وزارة الإعلام، من خلال تبيان
استقلالية وحيادية وتوازن أجهزة الإعلام فيما يتعلق بمشاركة جميع فئات
المجتمع، وأصحاب الرأي، في استخدام تلك الأجهزة الرسمية. وعليها أيضاً
توضيح ما تم إتخاذه من خطوات في هذا الشأن، سواء كان ذلك من ناحية
سن القوانين، أو من ناحية ترشيد الممارسة.
سادساً ـ (ضعف التعاون مع مكتب المفوضية السامية لحقوق
الإنسان، وتعثر إكمال ترتيبات التعاون الفني بين الجانبين). وكذلك
(ضعف التعاون مع آليات الإجراءات الخاصة بمجلس حقوق الإنسان، وبصفة
خاصة ما يتصل منها بكل من المقرر الخاص بالتعذيب، والمقرر الخاص بحرية
التجمع السلمي والتنظيم، والمقرر الخاص بأوضاع المدافعين عن حقوق الانسان،
بالإضافة إلى اية إجراءات خاصة أخرى تطلب زيارة البحرين).
ويضاف الى هذا، (إتباع البحرين سياسة الحظر، ووضع العراقيل
أمام المنظمات الحقوقية الدولية التي ترغب فى زيارة البلاد لتقييم
أوضاع حقوق الإنسان).
تقوم وزارة الخارجية ـ والتي هي مسؤولة أيضاً عن ملف حقوق الإنسان
على الصعيد الوطني والدولي ـ بجهد حثيث حيال معالجة بواعث القلق الدولية
فيما يتصل بالتعاون مع مكتب المفوضية السامية، والإنفتاح على المنظمات
الحقوقية الدولية (زيارة أمنستي مؤخرا كمثال). والمطلوب من وزارة الخارجية
أن تستعرض الجهود المبذولة، والخطط الموضوعة، والتقدم الذي تم إحرازه
على صعيد التعاون مع المجتمع الحقوقي الدولي بكافة مكوناته، وتوضيح
المبررات التي لم تسمح بزيارة المقررين الخاصين، والتقدم بشأن إبرام
اتفاقية التعاون الفني.
سابعاً ـ (القصور والتباطؤ الشديدين فى الوفاء بكافة
ما التزمت البحرين بتنفيذه من التوصيات التى تضمنها تقرير بسيوني،
وتلك التي وافقت عليها في إطار المراجعة الدولية الشاملة لملفها الحقوقي).
اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ التوصيات، وبالتعاون مع وزارة الخارجية،
مدعوتان الى تقديم بيان شامل مدعوم بالوثائق والأدلة بشأن ما تمّ تطبيقه
من توصيات بسيوني، وتوصيات المراجعة الدورية الشاملة، وتبيان ما لم
يتم تنفيذه، وأسباب ذلك، والمدة المتوقعة للتنفيذ مستقبلاً.
حول منهجية الحوار مع المنظمات الحقوقية
للتمهيد لعلاقة طيبة ومستدامة وإيجابية بين البحرين والمنظمات الحقوقية
الدولية، ولنزع فتائل التشنّج يقترح التالي:
1/ مطلوب من الطرفين الحقوقي الدولي والرسمي التخلّي عن الروح الصدامية،
لغة وفعلاً، وأن يحاول كل طرف أن يعتمد سياسة الإستيعاب للآخر، وأن
لا تسود لغة الإنفعال وتوجيه الإتهامات واستخدام العبارات الخشنة،
أو الاتهامات غير المسندة او غير اللائقة. فالغرض ليس تسجيل نقاط على
الآخر، بحيث ينفر كل طرف من صاحبه، وإنما البحث عن المشتركات التي
يمكن التعاون بشأنها.
2/ لكي تكون الأمور في نصابها، وتوضع المشاكل بحجمها، لا يجب التقليل
من شأن ما يرد في التقارير الحقوقية، ولا يمكن اعتماد سياسة النفي
الكلي لها. ومن جانب المنظمات الحقوقية، فلا يجب ان تعتقد بأن ما تنشره
صحيح مائة بالمائة، فأي مراقب للوضع المحلي البحريني، يدرك بأن هناك
ثغرات عديدة في التقارير الصادرة عن البحرين، وتحوي مبالغات، وأحياناً
معلومات غير صحيحة. من الضروري عدم تنزيه الذات الحقوقية، وأيضاً من
الضروري الإعتراف بوجود انتهاكات وتجاوزات، كما من الضروري ان يتفق
الحقوقي الدولي، مع الطرف الرسمي، في معالجة ما هو حقيقي وصحيح وضمن
حدود الحجم الطبيعي للمشكلة.
3/ مطلوب من الطرفين أن يقدّر كل منهما جهد الآخر في الإرتقاء بأوضاع
حقوق الإنسان، كلٌّ بطريقته. فالمنظمات الحقوقية الدولية تكشف الأخطاء
والتجاوزات، وهو جهد أساسي في العمل الحقوقي؛ ولكن على هذه المنظمات
أن تقدّر الجهد الحكومي في تصحيح الأوضاع. وهنا أيضاً مطلوب من الطرفين
أن يدركا بأن أحدهما بحاجة الى تعاون الآخر، ولا يمكن تطوير أوضاع
حقوق الإنسان بدون جهد مشترك. ومن المؤكد أن لدى الطرف الرسمي، والطرف
الحقوقي الدولي، ما يفيد أحدهما عمل الآخر.
|