الشفيعي للعربية نت:

تنفيذ توصيات (بسيوني) ينقذ البحرين من الطائفية والإنسداد السياسي

ما هي الصعوبات التي تعتقد أنها ستواجه تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق والتي عرفت بإسم (لجنة بسيوني)؟

أول المصاعب هي القبول بالتقرير من كل الفرقاء: المعارضة والحكومة. الحكومة رحبت وقبلت بالتقرير وأكدت على ذلك. ولكن، وحتى الآن، ليس هناك تأكيداً على مشاركة المعارضة في اللجنة التي يفترض أن تشكل لتنفيذ التوصيات، حسب ما طلب تقرير بسيوني.

وثاني المصاعب: مسألة التطبيق وآلياته التي هي ليست واضحة حتى الآن.

وثالث المصاعب تتعلق بترابط الموضوع السياسي بالموضوع الحقوقي. هناك من يرى ضرورة التحرك على المسارين، بحيث يرفد أحدهما الآخر بزخم الإستمرار، وليشكلا معاً نواة الثقة التي ضاعت بين مكونات المجتمع البحريني وفئاته السياسية. لكن هناك من يعتقد أيضاً، بأن التقدّم على المستوى التنفيذي لتقرير بسيوني في المجال الحقوقي سيبني الثقة ويمهد الطريق للحل السياسي التوافقي للأزمة، التي هي في جوهرها سياسي. وعموماً، فإن مجمل الحل بيد السلطة التنفيذية الآن. فالتوصيات ترتبط بها في الأكثر.

برأيك، هل ستطبق الحكومة جميع توصيات التقرير، حتى تلك الموجهة إلى بعض الدوائر الرسمية؟

أعتقد بأن من طلب بتشكيل اللجنة وتحمّل بشجاعة نتائجها، وأعلنها أمام الملأ العام بحضور دولي وحقوقي وإعلامي مشهود.. لا أظنه غير جادّ في تطبيق التوصيات، التي أعتقد أنها تصبّ في مصلحة بناء الدولة، وبناء المجتمع (الإندماج الإجتماعي). آمل ان تكون هناك جديّة في التطبيق، خاصة وأن العالم لم يكتف بأن يكون شاهداً على انطلاقه فحسب، بل وعلى تنفيذه أيضاً. لا ننس هنا أن جلالة الملك اتخذ بعض الخطوات المهمة حتى قبل صدور التقرير، ومنها تشكيل صندوق تعويض للمتضررين من الأحداث، وكذلك اصدار أمر ملكي بتشكيل لجنة وطنية تتكفل بوضع خطّة عمل لتنفيذ توصيات تقرير بسيوني.

ما هي الوزرات التي تعتقد أنها ستمر بعملية تغيير في هيكليتها بسبب تقرير بسيوني؟

هناك حاجة للإلتزام بما جاء في تقرير بسيوني بشأن بعض الوزارات والأجهزة. وفي المجمل فإن من مصلحة البحرين، وبعد هذه التجربة المريرة التي مرّت بها، أن تراجع أداء أجهزتها وأن تتخذ الخطوات اللازمة لتفعيلها وإصلاحها من أجل انطلاقة افضل. اي ان المقصود هو أحداث تعديلات إدارية ومؤسسية وتشريعية تتناسب مع معطيات المرحلة الحالية، وهذا هو بالضبط ما جرى الحديث عنه من قبل عدد من المسؤولين بمن فيهم جلالة الملك.

كيف تقيم تعامل الحكومة البحرينية مع الأزمة، منذ حدوثها وحتى هذه اللحظة؟

لم يكن أداء الحكومة ولا المعارضة ولا منظمات المجتمع المدني ولا الأجهزة الإعلامية بمستوى الأزمة. فقد كشف تقرير بسيوني عن أخطاء لدى الحكومة ولدى المعارضة ولدى وسائل الإعلام وغيرها. ولكن الشجاعة أن تعترف بالأخطاء، والأكثر أهمية أن تفكر للمستقبل وأن تحاول إصلاح الوضع وتتجنّب التجاوزات والأخطاء من أن تتكرر. لا يجب أن ننحصر في اللحظة الراهنة، وإنما يجب ان نفكر كيف نتحرك الى الأمام. هذا ما على الحكومة والمعارضة أن يفعلاه.

كيف يمكن ضمان أن توصيات التقرير ستطبق وأنها ستساهم في تطوير حقوق الإنسان في البحرين، وتحل الأزمة السياسية بين المعارضة والحكومة، طالما أن هناك بعض الفئات أبدت حتى الآن تحفظها عليه؟

كان متوقعاً ان يتحفظ أكثر من طرف على التقرير: هناك جماعة التحالف من أجل الجمهورية، وهناك نسبة من الجمهور السنّي أيضاً أبدت عدم ارتياحها من التقرير. الحقيقة أن تطبيق التوصيات فيه انقاذ للبلد كلها. فيه انقاذ للدولة ومؤسساتها، وللمعارضة، ولشعب البحرين من الفتنة الطائفية، ومن الإنسداد السياسي.

العالم ينتظر الخطوات العملية للحل. ومن المؤكد ان تعاون المعارضة مع الحكومة سيسهل الأمر ويعيد بعض الثقة بين الأطراف السياسية؛ كما أن تطبيق التوصيات بحاجة الى تهدئة للشارعين السنّي والشيعي، والى حكمة من وسائل الإعلام والصحافة. يجب ان لا يعتبر كل طرف ان التقرير ضده، وان تطبيق التوصيات جاءت في غير صالحه. المطلوب ايجاد مناخ ونية صادقة في التطبيق. ربما هناك اطراف خارجية لا تريد التقرير ولا توصياته، ولكن الأمر يعتمد في النهاية على أداء الحكومة وعلى موقف شعب البحرين بكل قواه وفئاته.

الى أي حدّ سيكون التقرير مقنعاً للمنظمات الحقوقية الدولية، وكيف ستنظر تلك المنظمات الى البحرين في المستقبل في حال مضت في تطبيق توصيات تقرير بسيوني؟

المنظمات الحقوقية والدولية كانت مؤيدة تماماً لتقرير بسيوني، وهي تقف مع أي خطوات في تطبيق توصياته، كونها ستؤدي الى المزيد من احترام حقوق الإنسان. من المؤكد أن كل خطوة تمضي فيها الحكومة باتجاه تطبيق تلك التوصيات ستلقى ترحيباً كبيراً من الحقوقيين في الداخل والخارج. لا أشك في ذلك. بعد التطبيق ستكسب الحكومة المزيد من الثقة، وتعيد للبحرين صورتها المتسامحة والمعتدلة والمحترمة للقانون والمتدرجة في طريق الديمقراطية. كما ستتولد ثقة أكبر بين السلطة والمعارضة، وسيتعقلن الشارع ، وسينضج الحل السياسي. هذا ما نؤمله نحن وغيرنا.

هل سينعكس التقرير في تطوير أداء الأجهزة التنفيذية من جهة بذل الجهود أكثر لمنع وقوع تجاوزات لحقوق الإنسان في المستقبل؟

هذا ما نأمله، ولا فائدة في التقرير ان كانت الأمور ستعيدنا الى نفس المربع من الأخطاء. ولقد أكد جلالة الملك في خطابه الأخير على ذلك مراراً. لقد مرت البحرين بتجربة، شعباً وحكومة وأجهزة رسمية وأمنية. يفترض ان الجميع تعلم شيئاً من الأزمة. ورجال الأمن ومؤسساته يفترض أن يكونوا قد تعلموا درساً بأن يلتزموا بالقانون وأن يقوموا بتأهيل الكوادر حتى لا يُخترق سقف حقوق الإنسان التي أكد عليها الدستور البحريني وميثاق العمل الوطني، وكذلك المعاهدات الدولية التي صادقت عليها البحرين. كل شيء يجري خلاف القانون مفسدة للدولة وللسلم الإجتماعي.