البحرين.. حادية ركب حقوق الإنسان في الخليج
لعل واحداً من أبرز الإنجازات التي تمخضت عنها القمة الخليجية في
دورة إنعقادها الحادية والثلاثين في أبو ظبي في ديسمبر المنصرم، قد
تمثل فى موافقة قادة الخليج على إنشاء مكتب حقوق الإنسان لمجلس التعاون
الخليجي ضمن جهاز الأمانة العامة للمجلس. هذا الحدث يستدعى الوقوف
عنده لما يحمله بين طياته من مؤشرين هامين، يتصل أولهما بخلفيات ميلاده
والحيثيات والقوى المحركة التي دفعت به إلى حيّز الوجود، وثانيهما
ما قد يمثله هذا المكتب من فتح أفق جديد في مجال تطوير أوضاع حقوق
الإنسان في المنطقة، إذا ما أحسن إستثماره، وتعهد غرسه اليانع بالرعاية،
كما في مجال التطور السياسي واللحاق بركب الأمم المتقدمة أيضاً، في
عالم ما عاد قاموسه يستوعب مصطلحات الإنغلاق و الإنكفاء على الذات،
ولا معاييره تغض الطرف عن التجاوزات في أية بقعة منه.
بيان زعماء الخليج جاء بمثابة المولود الشرعي للبحرين. أكّد ذلك
نصّ البيان الختامي للمجلس الذي صدر وكأنّه يحرّر شهادة ميلاده: (بارك
المجلس الأعلى إنشاء مكتب حقوق الإنسان لمجلس التعاون، ضمن جهاز الأمانة
العامة، وذلك تنفيذاً لما جاء في رؤية مملكة البحرين، والذي يختص بالعمل
على إبراز ما حققته وتحققه دول المجلس من إنجازات في مجال حقوق الإنسان).
واضح أن البحرين تحاول أن تقرّب دول الخليج من الموضوع الحقوقي العام،
بالرغم من الممانعة والخشية، في حين أن النظرة في البحرين تقول بأن
من الصعب على دولة خليجية واحدة أو حتى اثنتين ان تبقيا بمعزل عن تأثير
بقية الأعضاء إن لم يقرروا المضي في مسيرة مماثلة في التغيير السياسي
والحقوقي.
وهنا فإن مقترحات البحرين في الشأن الحقوقي لم تأت اعتباطاً أو
مصادفة، وإنما ضمن رؤية عامة لما يجب أن تكون عليه دول الخليج في المستقبل،
حتى وإن كانت البداية متواضعة، فالمهم كسر حالة النفور بين الأنظمة
الخليجية والمنظومة الدولية لحقوق الإنسان.
موقع البحرين الرائد يلقي على كاهلها مسئولية أكبر تجاه رعاية وتنشئة
المكتب الحقوقي الخليجي الوليد حتى يشب عن الطوق؛ وهذا لا يتمّ إلا
بإدارك المسؤولين الخليجيين لأهمية الإلتفات إلى قضايا حقوق الإنسان،
والذي جسدته هذه الخطوة الأولى بمباركتهم لإنشاء مكتب خاص بها، على
أن تتلوه خطوات أخرى متسارعة و جادة تجاه تهيئة المناخ الملائم فى
بلدانهم للإرتقاء بأوضاع حقوق الإنسان، عبر سنّ القوانين والتشريعات
المناسبة، و إتاحة الفرصة والحرية للمجتمع المدني للقيام بدوره الذي
لا غنى عنه في هذا المجال. هذا بالإضافة إلى تشجيع تلاقح الخبرات بين
دول الخليج أملاً في تعاون أكبر بين منظمات المجتمع المدني القائمة
في دول الخليج.
|