مرصد البحرين لحقوق الإنسان:

ضرورة التعامل مع التقرير بموضوعية وهـدوء

في سياق التداعيات المختلفة من جهات عدة في داخل البحرين وخارجه، وردود الأفعال المتباينة حول تقرير هيومن رايتس ووتش الأخير الصادر في 8 فبراير 2010، يدعو المرصد جميع الأطراف المعنية إلى التعامل مع التقرير بالموضوعية المطلوبة، وعدم التسرع في إصدار الأحكام. كما يدعو الجهات المعنيّة إلى القيام بدراسة مستفيضة ووافية للتقرير، وإلى تشكيل لجنة للنظر في ادعاءات التعذيب التي جاءت في التقرير، ووضع معالجات لها في حال إثباتها.

القراءة المتأنية للتقرير تجعلنا في المرصد نتوقف عند عدة نقاط:

  • جاء التقرير بعد فترة وجيزة جداً من إصدار هيومن رايتس ووتش لتقريرها السنوي، والذي دشنته في دبي في الأسبوع الأخير من يناير من هذا العام. وهذا لا يبدو اعتيادياً للمتابع لعمل المنظمات الدولية العاملة في حقوق الإنسان. ولكن الموضوعية تحتّم علينا أنْ نـعتبر ذلك من باب الصدف التي لا تتكرر كثيراً، وبالتالي نتعامل مع التقرير بحسن نية لأنَّ هيومان رايتس ووتش، وإنْ غابت عنها الكثير من المعلومات بشأن البحرين، فهي ليست عدواً لها ولا لحقوق الإنسان.
  • جاء التقرير على خلفية زيارة قامت بها هيومن رايتس ووتش إلى البحرين في يونيو 2009 استغرقت زهاء الأسبوعين، وسمحت لها الحكومة البحرينية بمقابلة من تريد مقابلتهم دون حجر أو رقابة مسبقة. كما التقت المنظمة خلال زيارتها بعددٍ غير قليل من الناشطين الحقوقيين، ومنظمات حقوق الإنسان البحرينية. بل وسُمح للمنظمة بالإطلاع على كثير من الوثائق والسجلات الخاصة بالمحاكم البحرينية والنيابة العامة، وقوات الأمن. كما فحصت المنظمة التقارير الطبية فيما يخص شكاوى المعاملة السيئة. وهذا تطور إيجابي ينبغي البناء عليه، ونقطة تسجّل لصالح حكومة البحرين التي بدت أكثر ثقة في تعاملها مع ملفها الحقوقي، وأكثر رغبة في التعامل الجاد مع المنظمات الدولية وإفساح المجال لها للمساهمة بإيجابية في معالجة الأخطاء والإستفادة من الدروس.
  • هنالك حاجة للبناء على الرد الموضوعي والهاديء الذي جاء على لسان معالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة والمتعلق بإلتزام البحرين النظر في الادعاءات التي أثارها التقرير، وإحالتها إلى الجهات ذات الصلة، لاتخاذ الاجراءات اللازمة.
  • من ناحية أخرى هنالك حاجة لهيومان رايتس ووتش للتحلي بالصبر حتى تستلم رد الحكومة البحرينية على تساؤلاتها المشروعة. لا شك أن حكومة البحرين تأخرت في تقديم أجوبتها على بعض التساؤلات، وكان ينبغي أن تدرك بأن التباطؤ ـ لأي سبب كان ـ لم يكن مفيداً، مع التقدير للنوايا الحسنة التي تبديها الحكومة. إنَّ توضيح الحقائق حول مسائل حقوق الإنسان، ومحاولة معالجة أوجه القصور مع الجهات الرسمية وغير الرسمية، هو الغاية.. وهذا يحتم على الحكومة الاسراع بوضع آلية للرد على المنظمات الدولية خلال فترة زمنية محددة.
  • ينبغي أن تحرص الحكومة كما مؤسسات المجتمع المدني على اللقاء بالجهات الحقوقية التي تزور البحرين، وأن توفّر الأجهزة الرسمية المعنية مساعدتها للوفود الحقوقية الزائرة لتسهيل مهماتها ولقاءاتها. هذا الأمر ـ إن تحقق ـ سيساعد تلك الوفود في الإلتقاء بطيف واسع من الجهات ذات الصلة، لتشكيل الصورة العامّة عن الوضع تكون أقرب الى الواقع، وكذلك لتوفير القدر الأكبر من المعلومات التي تحتاجها الجهات الحقوقية والبحثية.
  • يرى المرصد أيضاً أنَّ منظمات حقوق الإنسان البحرينية يجب أنْ تضطلع بمهامها من خلال آلية تجتمع دوريـاً لمناقشة آخر التطورات والمستجدات في مجال حقوق الإنسان في البحرين من أجل حمايتها وتعزيزها. ويمكن لهذه الآلية أنْ تدعو مسؤولاً حكومياً كل مرة لمناقشة ملف أو قضية محددة من أجل وضع الحلول الحقوقية لها.
  • أخيراً، يرى المرصد أنَّ الوقت قـد حان لتسمية أعضاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان كيما تبدأ بعملها، فهي الأقدر على التعاطي مع مثل هذه التقارير وما تحتويه من معلومات.