وزير الخارجية:
وضعنا الآليات التي تمنع إنتهاكات حقوق الإنسان
كان توصيف وزير الخارجية البحريني للوضع في منطقتنا العربية صحيحاً
حين قال بأنها تمر بأصعب مرحلة في تاريخها الحديث، بسبب الفوضى والإرهاب
الدموي الوحشي الذي لم يسبق له مثيل في وقتنا المعاصر.
أيضاً فإن تحليله لعوامل انبعاث الفوضى والإضطراب دقيقة، حيث أفاد
بثلاثة عوامل أو تحديات: بينها الخطر المتزايد للجماعات الإرهابية،
إضافة الى عاملي: التدخلات الأجنبية وأطماع السيطرة والهيمنة؛ والإحتلال
الأجنبي للأراضي العربية، وما يفرزه من تهديدات وحروب.
ولاحظ الوزير في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (في 29/9/2014)
أن التحدّي الإرهابي صار عالمياً، وأنه استشرى في منطقتنا العربية
بشكل أكثر وحشية وضراوة، حيث لم يعد المستهدف حياة أفراد فحسب، بل
جماعات كاملة كاضطهاد الأقليات العرقية والدينية، وتشريدهم وهدم موروثهم
الحضاري والثقافي، وسلب ممتلكاتهم وحرياتهم الدينية، والهجوم على مدن
بأسرها، وإعلان الحرب على دول ذات سيادة في المحيط الإقليمي والدولي،
غير مكترثة بتعاليم دين أو فطرة إنسانية سليمة، وقد عمد الإرهاب الى
تدمير أسس التعايش القائمة بين الجماعات منذ قرون.
ورأى الوزير بأن مواجهة الممارسات اللا إنسانية من القتل الجماعي،
وقطع الرؤوس علانية، يتطلب تأكيد قيم التسامح والمساواة والاعتدال،
والحفاظ على التراث المتنوع، وفق محاور ثلاثة:
أولها المحور الأمني والعسكري، فالجماعات الإرهابية باتت تمتلك
أسلحة ثقيلة، استطاعت من خلالها الاستيلاء على مدن بأكملها وجعلتها
ملاذاً لانطلاق عملياتها الإرهابية.
ولهذا ـ حسب الوزير ـ صار لزاماً مواجهة هذا الخطر، وقد شاركت البحرين
فيه عسكرياً عبر سلاحها الجوي؛ مشيراً الى ترحيب بلاده بقرار مجلس
الأمن رقم 2178 الذي ركز على تجنيد المقاتلين الأجانب. وتابع الوزير:
(نؤكد مواصلتنا للمراقبة الدقيقة للحدود والمنافذ ومنع اتصال مواطني
المملكة بالجماعات الإرهابية، أو الانضمام إليها، واعتقال كل من يثبت
انتماؤه إلى أي منها فور عودته إلى البلاد وإحالته إلى القضاء).
وثانيها، محور محاربة ايديولوجيا التطرف البعيدة عن الفطرة الإنسانية
وعن جوهر ومبادئ الإسلام. وهنا اشار الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة الى
أهمية دور رجال الدين وعلماء المسلمين والمؤسسات الدينية للتصدي للفكر
الضال.
وثالثها قطع ما أسماه الوزير الشريان المالي المغذي لتلك الجماعات
الإرهابية، والذي يمكنها من شراء السلاح والذمم. وهنا أشار الى استضافة
مملكة البحرين مؤتمراً دولياً في نوفمبر القادم سيخصص لبحث تمويل الإرهاب
وسبل مكافحته وتجفيف منابعه، إيماناً منها بأن إيقاف تمويل الجماعات
الإرهابية هو نصف المعركة لهزيمتهم والقضاء عليهم.
وفي لقاء صحفي مع جريدة الحياة اللندنية (1/10/2014) قال وزير الخارجية
بأنه كان ينبغي على بلاده ان تشارك في سياسة مكافحة الإرهاب، موضحاً:
(إن لم نقم بدور فاعل ومشارك في حماية المنطقة، فسنكون مقصرين تجاه
أنفسنا وشعوبنا ودورنا العالمي)؛ وأضاف بأن (موضوع داعش والإرهاب أكبر
من الخلاف السوري بكثير، فنحن ننظر إلى الصورة الأوسع، والخطر الأكبر
الذي يهددنا جميعاً)؛ مؤكداً بلغة حاسمة: (إن لم نحارب ونلتزم لسنوات
ـ في الحرب مع الإرهاب ـ فسنعاني الأمرين لسنوات).
حقوق الإنسان والحل السياسي
في الموضوع السياسي والحقوقي البحريني، طرحت صحيفة الحياة على وزير
الخارجية سؤالاً حول (ما تتهمكم به مؤسسات حقوق الإنسان بأنكم تتجاوزون
حقوق الإنسان وتخترقونها في علاقتكم مع المعارضة. وعدد المساجين السياسيين
عندكم، وفق ما قرأت، يقال إنه بلغ 2000 شخصاً. من جهة نسمع أنكم تتواصلون،
ثم نسمع أنكم تسجنون، كيف ذلك؟).
أجاب الوزير: (لا بد من أن ننظر إلى المسألة من موضوعين، أولاً
موضوع حقوق الإنسان مهم جداً ولا يوجد بلد في العالم، حتى هذا البلد
الذي نحن فيه، الولايات المتحدة، إلا ومرت فيه مسائل تتعلق بمخالفات
لحقوق الإنسان. المسألة ليست الحالة في تلك المخالفات، لكن في كيفية
تعامل الدول مع أوضاع حقوق الإنسان فيها، وكيف تضعها على الطريق الصحيح.
نحن واثقون جداً بأننا الآن تجاوزنا هذه المرحلة، ووضعنا كل الآليات
التي تمنع انتهاك حقوق الإنسان، من ناحية رجال الأمن في البلد. نتطلع
للأفضل، والعالم يعمل معنا، ومفوضية حقوق الإنسان تعمل معنا، ومنظمة
العفو الدولية تزور البحرين بشكل متواصل، ولدينا علاقات، وقطعنا شوطاً
كبيراً).
وفيما يتعلق بعدد السجناء، قال بأن الرقم غير صحيح، وأن عدد السجناء
السياسيين قليل وقد حُوكموا محاكمة عادلة. وأضاف بأن هناك مخربين (ارتكبوا
جرائم ضد رجال الأمن وضد مواطنين وروعوهم. هؤلاء لا نعتبرهم سجناء
سياسيين لأن من يرتكب جريمة ترويع في الشارع ليس سجيناً سياسياً).
وأبدى وزير الخارجية تفاؤله بالحوار القائم بين المعارضة والحكومة
مؤكداً أن لا دخل لأيّ دولة في الحوار، وأن ما يجري قد تمّ بتوجيه
من جلالة الملك، وأنه (شأن بحريني بحت، وإن نجح فسينجحه البحرينيون)
شارحاً بأن (هناك قواسم مشتركة الآن تم التوصل إليها في ورقة، وهناك
انتخابات مقبلة في 22 نوفمبر القادم).
|