عودة تجدّد الأمل

حسن موسى الشفيعي

ابتعد عن الأضواء والمسرح السياسي، فاعتبر ذلك مؤشراً للأزمة الحقوقية والسياسية في البحرين. وبعودته بعد عامين الى منصّة القرار، تجدّد الأمل بحلّها.

هذا ملخص ما يمكن قوله بشأن تعيين ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، نائباً لرئيس مجلس الوزراء.

تفاءلت المعارضة بعودته ورحّبت بذلك، ووضعت سلسلة من القضايا التي تنتظر منه حلّها.

العواصم الغربية والعربية رحّبت بتلك العودة أيضاً، وكذلك فعلت بعض الجهات والشخصيات الحقوقية الدولية، التي رأت أن هناك استحقاقاً قادماً في البحرين، ينقلها من أزمتها الحالية الى شاطئ الإستقرار والديمقراطية والسلام.

يمكن للمراقب أن يلحظ قدراً كبيراً من التفاؤل بين المواطنين العاديين الذين رأوا في ولي العهد الشخصية الشعبية المتواضعة والجريئة في اتخاذ القرارات الصعبة، وفي طرق الملفات الشائكة والحديث عنها بشفافية تامة.

الجميع من موالاة ومعارضة يتمنّى أن تعود البحرين الى (رشدها) و(بهجتها) و(تسامحها) وتخطو بشجاعة نحو المستقبل على أسس راسخة عبر قرارات قد تكون استثنائية تتطلبها المرحلة الحالية.

الموضوعان الحقوقي والسياسي أصبحا في ملفّ واحد. لا يمكن حلحلة أحدهما بشكل صحيح وجذري بدون الآخر. هما مترابطان، وحلّهما لا بدّ أن يكون متوازياً. ومن هنا، نجد آمال الحقوقيين والسياسيين تكاد تكون متشابهة، خلاصتها: المساواة، والعدالة، والحرية، والكرامة، والديمقراطية، والرفاهية.

لا شك أن ولي العهد يدرك حجم المسؤولية وتعقيد المشكلة.. لا يريد أن يخيّب الآمال الشعبية، ولا آمال أصدقاء البحرين في الخارج باستعادة الهدوء والإستقرار، وإعطاء زخم جديد بإصلاحات جادّة وفعّالة. وقد سبق لولي العهد أن تحدّث للصحافة مبيّناً أن الإصلاحات السابقة كانت بطيئة، وأن منافعها لم تصل الى كل المواطنين.

اليوم تجد الجميع يطالبون وليّ العهد بحلول للأزمات المتراكمة، وهو قد أشار في رسالته الموجهة للملك في 11/3/2013 الى ما تعرضت له البحرين خلال العامين الماضيين من أمور لا يتمناها ولا يحبّها؛ وتعهد بأن يعمل على ان تكون البحرين (النموذج الذي يحتذى في التسامح والتوافق) عبر احترامها (للتنوع، والديمقراطية، وحرية الإنسان وترسيخ معنى المواطنة التي تقوم على فكرة الحق والواجب، ولا تنحاز إلى فئة أو طائفة أو مذهب). وتطرق ولي العهد الى (الديمقراطية وتعميم المساواة وتكافؤ الفرص والإعلاء من شأن النمو والاستقرار الاقتصادي). وفي الجلسة الأولى لمجلس الوزراء تحدث عن ضرورة (وضع برنامج سياسي يواكب متطلبات العصر وإرادة الشعب البحريني) وأن يتم تجاوز كافة التحديات (بمساهمة جميع أبناء البحرين دون استثناء أو إقصاء أو تمييز).

البحرين اليوم بحاجة الى حل سياسي عبر الحوار والتوافق. وطاولة الحوار القائمة اليوم تواجه تحديات بحاجة الى تدخّل ولي العهد المباشر. الحل السياسي يفكك التوتر الأمني، أو الجزء الأكبر منه على الأقل. ولا يمكن لإقتصاد أن ينجح في ظرف أزمة سياسية وأمنية. ولا الإنشقاق الإجتماعي يعالج منفصلاً عن الموضوع السياسي، إذ أنه جاء نتيجة انشقاق سياسي ابتداءً. وهكذا فالملفات كلّها رغم ترابطها تعود الى جذر واحد هو: الإختلاف السياسي بين الفرقاء.

حل العقدة السياسية أولوية حاسمة، وبدونها يصعب على شعب البحرين بمختلف أطيافه، لملمة شتاته، وتضميد جراحه، واستعادة حياته الطبيعية.

المواطنون علّقوا آمالهم في الخروج من الأزمة على ولي العهد، مع أن الأوضاع تتطلّب حلولاً قد تكون مؤلمة للجميع، لأنها لا بدّ ان تكون حلولاً توافقية، والتوافقية تتطلّب تنازلات متبادلة من كل الأطراف، كما تتطلب استعادة للثقة بين اللاعبين السياسيين، وتأجيل المصلحة الخاصة (الحزبية والفئوية) لصالح بحرين مستقرّة ومزدهرة، مع إدراك للأوضاع الإقليمية شديدة التوتر والإضطراب، والتي قد لا توفر أحداً بشررها ولهبها. ومن هنا تأتي أهمية سرعة المبادرة، وتحصين الداخل الشعبي، لمواجهة التحديات الخارجية.

هذه بعض آمال المواطنين، وليس أمامهم إلا أن يعيشوا الأمل ويبشروا بغد أفضل.