العفو الدولية والتحقيق في مزاعم التعذيب
في شهر نوفمبر الماضي، أصدرت منظمة العفو الدولية ثلاثة بيانات
علنية (في 9 و 15 و16 منه) حول أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، أثارت
العديد من الإستفهامات وبواعث القلق بشأن عدد من القضايا. ونظراً لأهمية
ما ورد في تلك البيانات، وتقديراً لاهتمام منظمة العفو بأوضاع البحرين
الحقوقية، فقد أخذ مرصد البحرين لحقوق الإنسان على عاتقه تلك الإثارات
والإستفهامات وصاغها في رسائل وأسئلة للوزارات المعنية في البحرين
(وزارة العدل والشؤون الإسلامية؛ ووزارة التنمية الإجتماعية؛ وهيئة
شؤون الإعلام) بغية الإجابة عليها، والحصول على ال?علومات الدقيقة
بشأنها. وقد وصل الى المرصد حتى الآن ردّين على أسئلته من هيئة شؤون
الإعلام، ومن وزارة التنمية الإجتماعية، مؤملاً وصول استيضاحات أو
معلومات أخرى من وزارة العدل.
أهم ما تناولته البيانات الثلاثة من قضايا تتعلق بالمحتجزين على
خلفية أحداث العنف والتحريض عليه، وخصوصاً قضية ما سمي بشبكة الثلاثة
والعشرين الذين اعتقلوا وفق قانون مكافحة الإرهاب لعام 2006. حيث عبرت
المنظمة عن بواعث قلقها في القضايا التالية:
ـ حسب نص بيان العفو في 9/11/2010 فإنه (في بعض الحالات، قيل إن
الموظفين الرسميين الذين نفذوا عمليات الاعتقال لم يبرزوا مذكرات توقيف
أو رفضوا إبرازها، بما يشكل خرقاً للقانون البحريني).
ـ وقال البيان بأنه تم احتجاز (من جرى القبض عليهم ابتداء بمعزل
عن العالم الخارجي لنحو إسبوعين، لم تتمكن عائلاتهم أثناءهما من معرفة
مكان وجودهم أو من زيارتهم).
ـ ومن بين بواعث القلق أن المعتقلين أبلغوا محاميهم وعوائلهم بأنهم
(تعرضوا للتعذيب أو لغيره من ضروب سوء المعاملة... لإجبارهم على التوقيع
على "اعترافات"). لكن بيانات المنظمة تقول بأن النائب العام أحال عدة
موقوفين منهم إلى الفحص الطبي. وأشارت تلك البيانات بالتفصيل الى أقوال
المحتجزين أمام المحكمة في جلستها العلنية الأولى (في 28/10/2010)،
حيث قالوا للقاضي بأنهم تعرضوا للتعذيب.
ـ ومن بواعث القلق ـ حسب بيانات العفو ـ استمرار حرمان المعتقلين
من الالتقاء بمحامييهم، الذي هو عنصر أساس من عناصر الحق في محاكمة
عادلة، المبين في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي انضمت
البحرين اليه كدولة طرف حسب نص الدستور البحريني (المادة 20).
واستعرض بيان منظمة العفو الصادر في 9/11/2010 قرار قاضي المحكمة
الصادر في نهاية الجلسة الأولى في 28/10/2010 القاضي بنقل المحتجزين
الى سجن تابع لوزارة الداخلية؛ وبعرض بعض المتهمين على الأطباء للتأكد
من مزاعم التعذيب؛ وبضرورة السماح للمتهمين بالالتقاء بمحامييهم بصورة
منتظمة.
لكن العفو الدولية وحسب معلومات محامين أفادت بأن ادعاءات التعذيب
مستمرة، وان المحامين لا يستطيعون لقاء موكليهم بانتظام حسب قرار القاضي،
ما دفعها الى إصدار (تحرك عاجل/ Urgent Action) في 15/11/2010، تبعته
في اليوم التالي 16/11/2010 ببيان صحافي يشرح الأمر.
وزارة العدل: بانتظار الرد
خاطب مرصد البحرين لحقوق الإنسان معالي وزير العدل والشؤون الإسلامية
الشيخ خالد بن علي آل خليفة، في رسالة بتاريخ 19/11/2010، مستعرضاً
بواعث قلق منظمة العفو الدولية، وقدّم بضعة أسئلة حول المحتجزين متمنياً
من الوزارة الإجابة عليها. ومع علم المرصد بأن فسحة الوقت ضيّقة، كان
لنا أملٌ في وصول الإجابة في وقتها، ولكن ذلك لم يحدث. بالطبع فإن
المرصد يدرك ملابسات قضية المحتجزين على خلفية ممارسة العنف أو التحريض
عليه، وخاصة ما يتعلق بأمر النيابة العامة في 26 اغسطس الماضي، والقاضي
بمنع نشر أية معلومات تتصل بالقضية والمحا?مة. والمرصد هنا لا يبحث
عن معلومات يخالف نشرها أمر النيابة، وإنما عن الإجابات التي يمكن
نشرها دون أن تؤثر سلباً على عدالة المحاكمة، أو على الأمن العام.
الأسئلة التي قدّمت من قبل (مرصد البحرين لحقوق الإنسان) الى معالي
وزير العدل، كانت كالتالي:
■ أمر سعادة القاضي في الجلسة الأولى
بنقل المحتجزين الى سجن يتبع وزارة الداخلية والسماح للمحامين بلقاء
موكليهم بشكل سلس ولمدد أطول، وإعطائهم كافة مستندات القضية.. هل تم
تطبيق كل ذلك؟ ما هي القضايا التي لم تطبق إن وجدت؟ ولماذا؟
■ فيما يتعلق بلقاء المحامين مع المحتجزين،
كم عدد اللقاءات التي تمت في الفترة الواقعة بين نهاية الجلسة الأولى
28/10/2010، وبداية الجلسة الثانية 11/11/2010؟
■ كم مرّة سمح للمتهمين بلقاء أهليهم،
وكم هي مدّة الزيارة المسموحة؟
■ هل يمكن تزويدنا بما يتوفر من خدمات
في السجن للمتهمين: صحية/ الطعام/ الإطلاع على العالم الخارجي عبر
الصحافة والتلفاز، وغير ذلك.
■ اشتكى المتهمون وأمام القاضي بأنه تم
تعذيبهم وذلك في جلستي المحاكمة الأولى والثانية، وقالوا أنهم تعرضوا
للتعذيب في الفترة الواقعة ما بين الجلستين الأولى والثانية، بالرغم
من شكواهم السابقة. هل اتخذت المحكمة إجراءات قانونية بشأن مزاعم التعذيب
وما هي؟
■ ما هي الضمانات القانونية المتوفرة
للمتهمين فترة الإحتجاز؟
وبالرغم من أن الأجابة لم تتوفر حتى الآن، فإن مرصد البحرين لحقوق
الإنسان قد حصل على معلومات تتعلق ببعض القضايا المثارة التي تشكل
قلقاً، من بينها:
(1) ذكرت العفو الدولية بأن يوم 6/11/2010 كان آخر مرة التقى فيها
المحامون بموكليهم ولفترة وجيزة. المعلومات المتوفرة للمرصد تقول بأنه
في 14/11/2010 أُبلغ المحامون مسبقاً بموعد لقاء موكليهم في 21/11/2010
في سجن الحوض الجاف. ولكن أياً من المحامين لم يحضر في ذلك اليوم،
وتبين بعدئذ أن بعضهم قد سافر، وآخرين اعتذروا عن الحضور، دون معرفة
الأسباب.
(2) في الجلسة الثانية للمحاكمة التي جرت في 11/11/2010 أمر القاضي
بالتصريح لهيئة الدفاع بالحصول على 22 نسخة من أوراق الدعوى لتتمكن
من اعداد دفاعها.
(3) أن دعاوى سوء المعاملة ـ حسب المصادر الرسمية ـ قد يكون بعضها
صحيحاً، ولكنها حالات فردية وليست عملاً منهجياً، وفي الغالب يجري
التحقيق بشأنها. ومن جهته، فقد حصل مرصد البحرين لحقوق الإنسان على
معلومات تتعلق بالإجراءات المتخذة ضد موظفين لدى وزارة الداخلية ممن
مارسوا سوء المعاملة تجاه المحتجزين(انظر الجدول أدناه).
كشف بالإدعاءات المنسوبة لأفراد الشرطة
بسوء المعاملة |
أولاً ـ قضايا سنة 2008 |
الإجراء المتخذ |
عدد القضايا |
أمر بأن لا
وجه لإقامة الدعوى الجنائية |
11 |
أمر حفظ |
3 |
صدور أحكام
بالإدانة من المحاكم العسكرية |
5 |
المجموع |
19 قضية |
ثانياً ـ قضايا سنة 2009 |
الإجراء المتخذ |
عدد القضايا |
أمر بأن لا
وجه لإقامة الدعوى الجنائية |
9 |
أمر حفظ |
2 |
صدور أحكام
بالإدانة من المحاكم العسكرية |
2 |
المجموع |
13 قضية |
ثالثاً ـ قضايا سنة 2010
|
الإجراء المتخذ |
عدد القضايا |
أمر بأن لا
وجه لإقامة الدعوى الجنائية |
10 |
أمر حفظ |
11 |
قيد التحقيق |
3 |
صدور أحكام
بالإدانة من المحاكم العسكرية |
1 |
المجموع |
25 قضية |
|
فيما يتعلق بدعاوى التعذيب وسوء المعاملة، فإن مرصد البحرين لحقوق
الإنسان يؤكد على ضرورة إجراء تحقيق شفّاف ومستقل. ويذكّر المرصد بتجربة
سابقة تتعلق بدعاوى مشابهة حدثت في قضية من سمّوا بـ (معتقلي كرزكان)
حيث أمر القاضي بتشكيل لجنة طبية من وزارة الصحة للتحقيق في مزاعم
التعذيب. ويعتقد المرصد بأن تلك التجربة يمكن تطويرها والإستفادة منها
فيما يتعلق بالدعاوى الحاليّة.
ومن جهة أخرى، يعتقد المرصد بأن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان
ينبغي أن تبادر وتلعب دوراً محورياً في مثل هذه القضايا وأن تلعب دوراً
تنسيقياً بين الجهات المعنية من أجل الإحاطة بحقيقة تلك المزاعم.
|