تأسيس شبكة (رجالية) لمكافحته
حملة ضد العنف الموجه للمرأة البحرينية
العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية، تتجاوز الدول والأديان والمذاهب
والثقافات المتعددة. لكن استمرار هذه الظاهرة وربما تصاعدها في بلدان
العالم العربي، يعود الى عوامل ثقافية واجتماعية وقانونية وسياسية
متداخلة. فمن جهة هناك الثقافة الأبويّة، والتفسيرات الدينية التي
تعطي للرجل الحق في ممارسة العنف ضد الزوجة والبنات. وهناك من جهة
ثانية عقوبات غير رادعة وقوانين لا تستطيع حماية المرأة من العنف،
الى حدّ أن قتلها صار مألوفاً بحجج مختلفة تحت دعاوى قبليّة و (حماية
الشرف). وهناك من جهة ثالثة، قصور في الخدمات والرعاية الواجب على
الدول تقديمها للفئات الضعيفة وبالخصوص النساء.
والبحرين شأنها شأن دول أخرى، خاصة المحافظة منها، تتعرض النساء
فيها الى العنف المتكرر، مع قصور واضح في قانون العقوبات، ومع وجود
ثقافة مشجّعة على العنف ضد المرأة، ويترافق ذلك مع قصور في التوعية
بحقوق المرأة، وغياب الآليات التي تحتاجها للمطالبة بحقوقها والدفاع
عن الأذى الجسدي والمعنوي الذي يلحق بها في منزلها أو عملها، سواء
من قبل الزوج أو الأب أو الأخ، فضلاً عن ضعف الرعاية الموجهة لها من
قبل مؤسسات الدولة وكذا مؤسسات المجتمع المدني على حد سواء.
المجلس الأعلى للمرأة نشر الشهر الماضي دراسة حول العنف الموجه
ضد المرأة البحرينية، خلص فيها الى أن الزوج هو أكثر الممارسين للعنف،
وأن دخل الأسر المنخفض ينعكس على مستواه، فكلما قلّ مستوى الدخل كلما
زادت احتمالات ممارسة للعنف.
وحسب عيّنة الدراسة، فإن أكثر صور العنف التي مورست بحق المرأة
كان الشتائم، حيث بلغت نسبتها (12.1%)، يليه التحقير (11.6%) ثم الخصام
(9.3%)، وتقاربت نسب: الطرد، الضرب المبرح، والحرمان من المصروف، يليها
الهجر، والتجاهل، والدفع واللطم على الوجه، والضرب الخفيف، وأقلها
كان الحبس الطوعي، وغير الطوعي، والاغتصاب، والضرب بآلة.
وأشارت الدراسة إلى أنه من أهم أسباب ممارسة الأزواج للعنف ضد الزوجات،
ما له علاقة برغبة الرجل في الهيمنة، وكذلك بسبب التنشئة الاجتماعية
التي تعتبر أداة لإنتاج العنف. وركزت العينة التي شملتها الدراسة على
دور الموروثات الثقافية كعوامل مسؤولة عن عنف الرجل ضد المرأة وخصوصا
في النطاق الأسري، وبعض التفسيرات الدينية المحددة التي تبرر حق الزوج
في تأديب الزوجة بحيث يتحول في الممارسة الاجتماعية اليومية إلى عنف
ضد الزوجات غير المطيعات.
على صعيد آخر، وفي سياق مواجهة العنف الموجه ضد المرأة، أُطلقت
في 15/7/2009م، حملة من مكتب الأمم المتحدة في البحرين تحت عنوان (شبكة
الرجال البحرينيين من أجل مكافحة العنف ضد المرأة). وقال منسق برنامج
الأمم المتحدة الإنمائي، سيد آغا، أن (الشبكة تضم 20 عضواً يمثلون
برلمانيين وسياسيين ورجال أعمال ورجال دين وصحافيين، تم اختيارهم لفاعليتهم
في المجتمع، وبالتالي تعزيز دور الشبكة في المجتمع)، واضاف بأن (الشبكة
ستعمل عبر آليات وإستراتيجية معينة بغرض رفع الوعي بشأن وقف العنف
ضد المرأة، وأنه تم اختيار مجموعة من الأسماء الفاعلة في المجتمع لكسب
عضويتهم في الشبكة ولتعزيز دورها في المجتمع). وأشار أغا الى أن العنف
سبب للفقر وللمشاكل الإجتماعية، فضلاً عن أن يضعف مساهمة المرأة في
التنمية.
من جهة أخرى، أشارت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة لولوة العوضي
الى حقيقة أن العنف الذي تتعرض له المرأة في البحرين ليس قاصراً على
الزوج، وإنما يمتد ليشمل الأب والأخ، مؤكدة على الحاجة الى دراسة العنف
الوظيفي الذي تتعرض له المرأة العاملة. وفي سبيل المعالجة، قالت العوضي
أن هناك عملاً وقائياً يتمثل في التوعية عبر الصحافة والمؤتمرات وتدريس
مادة حقوق الإنسان، والآخر علاجي يتمثل في إنشاء صندوق دعم لتخفيف
معاناة المرأة أمام المحاكم، وتعديل قانون الإجراءات أمام المحاكم
الشرعية، وكذلك تعديل قانون الإثبات للمرأة البحرينية، فضلاً عن مراجعة
قانون العقوبات.
من جهته، أكد نزار البحارنة وزير الدولة للشؤون الخارجية على المشاركة
المجتمعية في برنامج مكافحة العنف ضد المرأة، ودعا المؤسسات الرسمية
والأهلية إلى المشاركة في دعم هذه الشبكة والوقوف يداً واحدة ضد العنف
بأشكاله وصوره كافة.
الجمعيات النسائية البحرينية رحّبت بتشكيل الشبكة، وتوقعت سميرة
عبدالله، رئيسة جمعية نهضة فتاة البحرين أن يكون للشبكة دور فاعل في
محاربة العنف الموجه ضد المرأة. أما بنّة بن زبون، مديرة عام مركز
بتلكو للعنف الأسري، فقالت أن الإخفاق في مواجهة العنف ضد المرأة سببه
(عدم إشراك الرجل في الأمر).
من جانبه، أعلن الدكتور صلاح علي النائب الثاني لرئيس مجلس
النواب بأن عدداً من النواب انضموا في عضوية الشبكة، مضيفاً أن بإمكان
الرجال التدخل المباشر لوضع حد لذلك العنف، والمساعدة في خلق ثقافة
يصبح معها استخدام العنف والازدراء ضد النساء سلوكاً غير مقبول.
|