رد النيابة العامة على تقرير هيومن رايتس ووتش

المنظمة فشلت في الوقوف على الحقيقة

في الثالث من فبراير 2016، ردّت النيابة العامة عبر المحامي العام الأول عبد الرحمن السيد، على تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش السنوي والذي يغطي تطورات الوضع الحقوقي البحريني للعام 2015. وقال السيّد بأن التقرير استند الى (معلومات غير رسمية، أو غير موثوقة)، وأضاف بأن (المنظمة فشلت في الوقوف على الحقيقة، نتيجة اعتماد مسئوليها منهج النقل عن الغير، دون تكبدهم عناء البحث والتمحيص والتحقيق، للتثبت من صحة ما ينقل إليهم من أخبار، وهو ما أدى إلى النتائج المكذوبة التي تضمنها التقرير).

ورد المحامي السيّد على بعض القضايا الرئيسية، التى تضمنها تقرير هيومن رايتس ووتش، خاصة فيما يتعلقّ بأداء وحدة التحقيق الخاصة، التابعة للنيابة العامة، حيث ورد في تقرير المنظمة أن وحدة التحقيق الخاصة لم تجر أي تحقيقات، نتج عنها إدانات لأشخاص، بسبب أعمال تتعلق بالتعذيب في قضايا مرتبطة بالاضطرابات التي شهدتها البحرين (أحداث 2011).

وحدة التحقيق الخاصة

المحامي الأول يقول: (هذا قول غير صحيح، ويصطدم مع الواقع، سواء مما تعكسه التحقيقات التي أجرتها وتجريها الوحدة بالفعل، أو الأحكام التي صدرت فيما أحالته الوحدة من قضايا إلى المحاكم المختصة، بل ومن تقارير الوحدة المتضمنة شروحاً تفصيلية لطبيعة الشكاوى والبلاغات التي تباشر التحقيق فيها، وقراراتها وتصرفاتها في القضايا المقيدة بشأنها، وهي التقارير التي دأبت الوحدة على نشرها دورياً بصفة شهرية، والتي كان من الواجب على المنظمة أن تبذل جهداً يسيراً في تتبّع ما تقوم به الوحدة، لتتعرف على الحقيقة).

هذا، وقد طلبت النيابة العامة من وحدة التحقيق الخاصة، أن تبدي رأيها في المزاعم التي ساقها تقرير هيومن رايتس ووتش السنوي فيما يتعلق بنشاطها، وهذا هو ردّها موجزاً:

أ ــ تنفيذاً لتوصيات لجنة تقصي الحقائق، تولت وحدة التحقيق الخاصة التحقيق في كافة وقائع الوفيات والتعذيب، والمعاملة القاسية، التي أدعي بوقوعها خلال أحداث فبراير 2011، وأثناء سريان حالة السلامة الوطنية، والتي وردت من وزارة الداخلية، وجهاز الأمن الوطني. كما باشرت التحقيق في حالات الوفيات، وإدعاءات التعذيب، وإساءة المعاملة، واستخدام القوة المفرطة التي أدعي بوقوعها بعد إنشاء الوحدة، وقد تم التصرف في تلك القضايا.

ب ـ الوقائع موضوع تلك القضايا تتنوع ما بين الضرب المفضي إلى الموت، التعذيب، الضرب البسيط، السب، وعدم الإبلاغ عن جريمة مع العلم بوقوعها. وهي مُدعى بارتكابها خلال تعامل قوات الأمن، وبأماكن التوقيف خلال فترة سريان حالة السلامة الوطنية، وبعضها في فترة لاحقة.

ج ـ تلقت الوحدة شكاوى مباشرة أخرى بخلاف القضايا آنفة البيان، وقد بلغ عدد القضايا التي أحيلت إلى المحاكم الجنائية المختصة (45) قضية، تعدّد في بعضها المجني عليهم، وبلغ عدد المتهمين المحالين (88) متهماً من منتسبي الشرطة، منهم (16) ضابطا. كما تم إحالة متهمين في عدد من الوقائع إلى إدارة المحاكم العسكرية لمساءلتهم تأديبياً.

د ـ قضت المحاكم الجنائية بإدانة (21) متهماً، شملتهم (13) قضية، وبالبراءة في (26) قضية. وقد طعنت وحدة التحقيق الخاصة على الأحكام الصادرة بالبراءة في (19) قضية بالاستئناف والتمييز، بل أن الوحدة لم ترتض بعقوبات حكم بها ضد متهمين في إحدى القضايا لعدم تناسبها مع الفعل المجرم، فطعنت لوجود ظروف قانونية مشددة، تدعو إلى تشديد العقوبة؛ وقد نجحت الوحدة بالفعل في استصدار حكم بتشديد العقوبة، بعد أن قبلت محكمة التمييز طعنها للمبررات التي ساقتها.

هـ ـ تراوحت العقوبات في القضايا المحكوم فيها بالإدانة تصاعدياً، ما بين الحبس لمدة شهر، وحتى السجن لمدة سبع سنوات، وذلك بعد استنفاذ طرق الطعن.

و ـ ليس صحيحاً ما ذكرته المنظمة في تقريرها من أن أحكام الإدانة في إدعاءات التعذيب، انحصرت فقط في ست إدانات، عن مزاعم أثيرت بمناسبة ضبط قضية مخدرات، وإنما كافة أحكام الإدانة الصادرة في القضايا المشار إليها آنفاً، والبالغ عددها (13) قضية، لم تتضمن سوى قضية واحدة تتعلق بمزاعم أثيرت في قضية مخدرات.

ويخلص المحامي الأول، عبدالرحمن السيد، من رد وحدة التحقيق الخاصة، بأن الأخيرة (باشرت إجراءاتها القانونية في تحقيق أي إدعاءات تعذيب أو معاملة قاسية أو مهينة، وذلك على خلاف ما ذكرته المنظمة في تقريرها، وأنها لا زالت تباشر مهامها تلك من خلال تحقيقات جدية وفعالة في هذه النوعية من الشكاوى والبلاغات، وتُجري تحقيقاتها في استقلال كامل في ضوء القواعد المقررة ببروتوكول اسطنبول لتقصي وتوثيق إدعاءات التعذيب والمعاملة القاسية).

فاعلية المؤسسات الجديدة

وواصل المحامي الأول عبدالرحمن السيد، من النيابة العامة، ردّه على تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، ووصف تقريرها بـ «المتعسف والمخالف للحقيقة» فيما يتعلق برأيها من أن مؤسسات المملكة ـ التي أنشئت تنفيذاً لتوصيات لجنة تقصي الحقائق؛ وبالأخص وحدة التحقيق الخاصة ـ غير قادرة على محاسبة قوات الأمن، والمسئولين عن تعذيب وسوء معاملة الموقوفين.

وقال السيّد بأن المنظمة (استدلت على ذلك بواقعة التمرد التي جرت بسجن جو في مارس 2015 واستخدام قوات الأمن القوة لإخماد هذا التمرد. وما استدلت به المنظمة في حد ذاته دليل على تقاعسها عن تقصي الحقيقة، والتثبت مما يرد إليها من معلومات، حيث إن وحدة التحقيق الخاصة تباشر التحقيق في هذه الواقعة منذ تلقيها إخطاراً بذلك من النيابة العامة، وفي الشكاوى التي وردت إليها من عدد من نزلاء السجن، وقد أعلنت الوحدة عن ذلك في تقاريرها الدورية، فضلاً عن تصاريحها الصحفية التي فات المنظمة متابعتها، ومن ثم فإن الوحدة في معرض محاسبة ومساءلة من قد يثبت ضده اتهام من قوات الأمن حسبما يتكشف من التحقيق).

التعرّض للنشطاء

المحامي العام الأول عبد الرحمن السيد

وفي معرض ردّ المحامي الأول حول اعتقال الناشط الحقوقي نبيل رجب، وقول التقرير أنه تمت محاكمته (باعتباره ناشطاً حقوقياً بارزاً)، ولانتقاده الحكومة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قضي بمعاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر، عن تهمة الاعتداء على المؤسسات الوطنية، إلى أن صدر العفو الملكي عنه لأسباب صحية.. هنا يرد السيد فيقول: (إن النيابة العامة قد اتهمت نبيل أحمد عبد الرسول رجب في القضية رقم 07201409039 بإهانة هيئتين نظاميتين هما: وزارة الداخلية، وقوة دفاع البحرين، وذلك لنشره تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) ذكر فيهما أن من منتسبي المؤسسات الأمنية والعسكرية في البحرين، من ينتمون إلى التنظيم الإرهابي داعش، وأن هذه المؤسسات تعتبر الحاضنة الفكرية لذلك الفكر المتطرف).

واضاف السيد: (تم استجواب المتهم المذكور في حضور محاميه، حيث أقرّ بارتكابه الفعل المادي للجريمة بنشره تلك التغريدات، وبناء على ذلك أمرت النيابة بحبسه احتياطياً، وبإحالته محبوساً إلى المحاكمة الجنائية، ونظرت المحكمة المختصة الدعوى التي قررت إخلاء سبيله، ثم قضت بجلسة 20/1/2015 بإدانته ومعاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر، وقدرت كفالة قدرها 200 ديناراً لوقف التنفيذ؛ فطعن المتهم على هذا الحكم بالاستئناف أمام المحكمة الكبرى الجنائية، فأيدت محكمة الاستئناف الحكم، ومن ثم طعن على الحكم أمام محكمة التمييز، التي رفضت طعنه وأيدت بدورها الحكم).

وتابع عبدالرحمن السيد، المحامي الأول: (في الوقت الذي يجب التأكيد فيه على حيادية السلطة القضائية بمملكة البحرين، وأن قراراتها وتصرفاتها تقع بمنأى عن أي مؤثر أياً كان.. فإنها لا تسائل أي شخص ـ سواء نبيل رجب أو غيره ممن ذكر بتقرير المنظمة ـ لصفته أو لرأيه أو لمعتقده أو لنشاطه، وإنما تطبق عليه أحكام القانون إذا ما اقترف فعلاً عدّهُ القانون جريمة معاقب عليها. فإنه يجب الإشارة أيضاً إلى أن المنظمة في المقابل من ذلك، تبنّت موقفاً غير حيادي على الإطلاق، حين أعلنت في تقريرها، على خلاف الحقيقة، أن نبيل رجب قد تمت إدانته للتعبير عن رأيه، وانتقاده الحكومة بشكل مجرد، بل حورت من تلقاء نفسها العبارات التي اشتملت عليها تغريداته، في محاولة غير مبررة لتخفيف المسئولية الجنائية التي حوكم بسببها المذكور؛ حين ذكرت أنه قال في تغريداته: «إن قوات الأمن البحرينية تدفع إلى الاعتقاد بالعنف، بشكل يشبه ما يقوم به تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف المعروف بداعش»؛ بينما هو في تغريداته المنشورة قد اتهم منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية في المملكة صراحة ـ وليس باعتقاد أو بإيحاء، كما ذهبت المنظمة. حيث قطع بانتمائهم إلى تنظيم داعش، وبأن هذه الأجهزة هي الحاضنة الفكرية لذلك الفكر المتطرف. وهو ما يدل على اعتماد المنظمة على ما يُنقل إليها من أخبار، وينبئ عن تقصيرها الشديد في استجلاء الحقيقة، قبل الخلوص إلى رأيها الذي أوردته في تقريرها، إن لم يكن لرأيها ذاك سبب آخر).

وعاد المحامي الأول فردّ على تقرير هيومن رايتس ووتش بشأن اعتقال رئيسي جمعيتي الوفاق ووعد؛ حيث أضاف: (..وعلى ذات النحو يكون الرد على ما أثاره التقرير من معلومات مغلوطة بشأن إبراهيم شريف وعلي سلمان، حيث إن ما وقع منهما جاء متجاوزاً حرية الرأي والتعبير، التي تتعذر بها المنظمة، وقاما بجرائم يعاقب عليها القانون، علماً بأن القضيتين المقيدتين ضد على سلمان وإبراهيم شريف، لا زالتا منظورتين أمام القضاء، وقد كفلت للمتهمين فيهما كافة الضمانات القانونية المقررة لهما وللموكلين من قبلهم بالدفاع عنهما).